رغم الحظر الفرنسي.. شوكولاتة “المرجان” الجزائرية تنمو بأعمالها

ضاعفت الشركة الجزائرية المصنعة لأكثر المنتجات الغذائية رواجاً في البلاد عدد موظفيها خلال العام الماضي وزادت إنتاجها، لكنها تجد نفسها الآن أمام عقبات تعرقل صادراتها إلى السوق الفرنسية الغارقة في نزاع سياسي مع الجزائر.
تنتج شركة “سيبون” وهي شركة غذائية خاصة مقرّها تيبازة قرب العاصمة الجزائر، شوكولاتة البندق المحلى القابلة للدهن، “المرجان”. وقد ارتفعت شعبيتها بشكل لافت في 2024 حين عاد مؤثرون على وسائل التواصل من الجالية الجزائرية إلى فرنسا بعد العطلة الصيفية يمدحونها، ونشروا مراجعات لها على “تيك توك” عبر جلسات تذوق مباشرة، حين وصفها بعضهم بأنها “أفضل من نوتيلا”.
أمين أوزليفي، مدير التسويق والمتحدث باسم الشركة قال في مقابلة إنه “خلال أسبوع واحد اختفى كل مخزوننا. كان الجميع يريد تجربتها في ذات الوقت. الجميع كان يبحث عنها وانتابهم الفضول”.
توسع سريع في الإنتاج
لتلبية الطلب، مددت “سيبون” ساعات العمل وأضافت دوام مناوبة ثالث، كما وسعت منشآتها، حتى بات لديها موقعان في تيبازة وموقعاً إضافياً في وهران بمساحة إجمالية تبلغ 40 ألف متر مربع، مخصصة لإنتاج الشوكولاتة القابلة للدهن.
قفز الإنتاج اليومي من 8 أطنان قبل الضجة الإعلامية إلى 29 طناً مباشرة بعدها. واليوم، تنتج الشركة 80 طناً يومياً، فيما ارتفع عدد موظفيها من 300 إلى 700 موظف، بحسب أوزليفي.
عقبات التصدير مع فرنسا
في سبتمبر 2024، تلقت شهرة “المرجان” ضربة عندما فرضت فرنسا والاتحاد الأوروبي حظراً على استيرادها، بحجة أن الجزائر غير مدرجة ضمن الدول المخولة بتصدير منتجات الألبان، لعدم مطابقتها معايير الصحة والرقابة.
اقرأ أيضاً: بوادر انفراج في أزمة الكاكاو.. هل ستنخفض أسعار الشوكولاتة؟
لكن أوزليفي رأى دوافع أخرى لهذه الخطوة التي جاءت في سياق توتر سياسي قائم مع فرنسا، مستعمرتها السابقة.
ووصلت العلاقات، التي أنهكتها الخلافات حول التأشيرات والهجرة، إلى أدنى مستوياتها صيف العام الماضي عندما أيدت باريس مقترح الحكم الذاتي المغربي لإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه. وتدعم الجزائر الجبهة الرئيسية المطالبة باستقلال ذلك الإقليم الشاسع الواقع على حدودها الجنوبية الغربية.
وقال أوزليفي عن الحظر إنه “كان قراراً سياسياً وغير عادل. لمسنا تضامناً واسعاً من المستهلكين”، مضيفاً أنه يأمل بعودة الصادرات بعدما بدأت العلاقات تتحسن مؤخراً.
كما أشار إلى أن الجزائريين كانوا فخورين بوجود منتج مصنوع في الجزائر داخل السوق الفرنسية، يتميز بقوام ونكهة أفضل من المنتجات المتوفرة محلياً”.
أسواق بديلة في الخليج
في المقابل، ظهرت فرص بأسواق أخرى، إذ كانت “سيبون” تصدر نحو 10% من إنتاج “المرجان” شهرياً إلى دول الخليج قبل الحظر، وفقاً لأوزليفي.
اقرأ أيضاً: أسواق الكاكاو المضطربة تدفع صناع الشوكولاتة بأوروبا إلى حافة الهاوية
تعود ملكية “سيبون” إلى الشقيقين يوسف وقوريشي فورة، وهما مهندسان قليلا الظهور، أسسا الشركة عام 1997 من مرآب مستأجر في بلدة بوسماعيل الساحلية الصغيرة غرب الجزائر العاصمة، حيث كان أول منتجاتهما عسل أعداه في قدر طهي فوق موقد غاز، قبل أن يشرعا في إنتاج الشوكولاتة القابلة للدهن في 2021.
ارتفاع أسعار البندق
وبما أن الجزائر لا تنتج البندق صناعياً، يستورده الأخوان من تركيا، أكبر منتج عالمي والمورد الرئيسي لشركة “فيريرو” المصنعة لـ”نوتيلا”. غير أن موجة صقيع ضربت محاصيل البندق التركية في أبريل رفعت الأسعار العالمية، ما دفع “سيبون” إلى زيادة أسعارها على العملاء.
أوزليفي قال إن الشركة “اضطرت لزيادة الأسعار بنحو 15% نتيجة لذلك”، حيث يُباع حالياً وعاء بحجم 700 غرام من البندق الأبيض القابل للدهن بسعر 970 ديناراً (نحو 7.5 دولارات)، بينما تُباع نسخة البندق بالكاكاو مقابل 890 ديناراً.
تجعل هذه الأسعار المنتج شبه فاخر للكثير من المستهلكين في الجزائر، إلّا أنه رغم ذلك، يستمر الطلب القوي على “المرجان” المسمى على نوع من المرجان المستخدم في الحلي الجزائرية التقليدية.
يقول عزيز، كبير صانعي الكريب في مقهى ومطعم “إسلي” وسط الجزائر العاصمة، بينما تغوص يداه في العجين إن “الأطفال وذووهم يعشقونه. الطلب لا يتوقف.. بالكاد أجد ثانية لالتقاط أنفاسي”.



