اخر الاخبار

رسوم ترمب تُعمق خسائر الأسهم الهندية بـ248 مليار دولار

تواجه سوق الأسهم الهندية المتعثرة خطر تكبد المزيد من الخسائر، بعد أن فرضت الولايات المتحدة واحدة من أعلى معدلات الرسوم الجمركية في آسيا على صادرات الهند.

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الهندية اعتباراً من يوم الجمعة، ملوّحاً في الوقت ذاته بعقوبات إضافية على خلفية مشتريات الهند من الطاقة الروسية. وتُعد هذه النسبة أعلى من نطاق الرسوم المفروضة على عدد من الدول الآسيوية الأخرى، والتي تتراوح بين 15% و20%.

تخلف أداء المؤشر الرئيسي للأسهم الهندية عن معظم نظرائه في العالم هذا العام وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد المحلي وتراجع أرباح الشركات. وازدادت حدة هذا التراجع خلال يوليو الجاري، مع تسارع تخارج المستثمرين الأجانب، الذين بدأوا يتجهون نحو أسواق أقل تكلفة وأكثر جاذبية مثل هونغ كونغ وكوريا الجنوبية.

ومنذ أن سجلت سوق الأسهم الهندية مستوى قياسياً في 2 يوليو، فقدت نحو 248 مليار دولار من قيمتها.

رد فعل الأسواق على تصعيد ترمب

قال تومو كينوشيتا، استراتيجي السوق العالمية لدى شركة “إنفيسكو أسيت مانجمنت” (Invesco Asset Management)، إن “الهند تُعرف بتشددها في المفاوضات التجارية، ويبدو أن هذا التشدد أدى هذه المرة إلى نتيجة غير مرغوبة”. وأضاف أن “فرض رسوم جمركية بنسبة 25% من المرجح أن تترك أثراً سلبياً معتدلاً على سوق الأسهم الهندية، لا سيما على الأسهم المرتبطة بقطاع التصدير”.

اقرأ المزيد: ترمب يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على الهند ابتداءً من 1 أغسطس

يتجه مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم الهندية نحو تسجيل أسوأ أداء شهري له منذ فبراير. ورغم تحقيقه مكاسب طفيفة هذا العام، إلا أن أداءه لا يزال متأخراً عند مقارنته بالقفزة البالغة نحو 14% في مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم في آسيا والمحيط الهادئ. كما أنها تبدو متواضعة للغاية مقارنة بالارتفاع الحاد بنسبة 36% في مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم في كوريا، والذي استفاد من موجة تفاؤل بإصلاحات هيكلية يقودها الرئيس الجديد في البلاد.

في أعقاب تصريحات ترمب، تراجعت العقود الآجلة للمؤشر المحلي القياسي “إن إس إي نيفتي 50” (NSE Nifty 50) بنسبة 0.6%، بينما هبط صندوق المؤشرات المتداولة “آي شيرز إم إس سي آي إنديا” (iShares MSCI India ETF) بنسبة 1.5%.

ومع ذلك، لا يزال الوضع متقلباً، إذ صرح الرئيس الأميركي لاحقاً بأن المفاوضات مع الهند مستمرة، وسيُعرف ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق تجاري “نهاية هذا الأسبوع”.

تراجع جاذبية السوق الهندية

بدأت السوق الهندية تفقد ما كانت تتمتع به من مناعة في مواجهة الاضطرابات العالمية، وهي السمة التي طالما ميزتها سابقاً.

ومع تقلص المفاجآت الإيجابية في نتائج أرباح الشركات، واستمرار تقييمات الأسهم عند مستويات مرتفعة تُعد من بين الأعلى في آسيا، يتجه المستثمرون إلى تبنّي موقف أكثر حذراً على المدى القريب. ويُتداول مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم في الهند حالياً عند مضاعف ربحية يقارب 22 مرة من الأرباح المتوقعة على مدار عام، وهو ما يتجاوز المتوسط طويل الأجل، وكذلك مؤشرات تقييم الأسهم في الصين وكوريا الجنوبية.

حتى مع تراجع الأسهم، تشهد سوق رأس المال في الهند نشاطاً لافتاً. فقد تجاوز إجمالي التمويلات التي جرى جمعها عبر الاكتتابات العامة الأولية، وصفقات تخصيص الأسهم للمستثمرين الكبار، والتداولات الضخمة، حاجز 6 مليارات دولار للشهر الثالث على التوالي. ويُذكر أن آخر مرة بلغت فيها الإصدارات هذا المستوى كانت في أواخر عام 2024، حيث تزامنت حينها مع تصحيح حاد بنسبة مزدوجة الرقم في أداء الأسهم المحلية.

اقرأ أيضاً: سوق الأسهم الهندية مرشحة لإضافة 3 تريليونات دولار بفضل طفرة الاكتتابات

تعليقاً على الأمر، قال براتيك باريك، الاستراتيجي في شركة “نوفاما إنستيتيوشنال إيكويتيز” (Nuvama Institutional Equities): “التقييمات المرتفعة وتباطؤ نمو الأرباح يقلبان الحوافز التقليدية بين البائعين والمشترين رأساً على عقب”. وأضاف أن مؤسسي الشركات والمستثمرين في الأسهم الخاصة يقودون “موجة بيع مكثفة”، بينما تتباطأ التدفقات المحلية، موضحاً أن “تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية أصبحت الآن عنصراً حاسماً في دعم السوق”.

ويُعد هذا الدعم حاسماً فعلاً، لا سيما أن المستثمرين الأجانب سحبوا أكثر من 2 مليار دولار من الأسهم الهندية خلال يوليو وحده، ويُعيدون الآن تقييم ما إذا كانت أرباح الشركات كافية لتبرير تلك التقييمات المرتفعة.

وحتى الآن، لم يقدم موسم نتائج الأعمال للربع الممتد من أبريل إلى يونيو ما يُبدد هذه المخاوف، إذ جاءت أرباح شركات التكنولوجيا والخدمات المالية، وهما قطاعان يشكلان معاً نحو 40% من القيمة السوقية، دون التوقعات.

آمال في انتعاش نتائج النصف الثاني

مع ذلك، يعتقد البعض أن الأمور قد تتغير. فقد يؤدي خفض أسعار الفائدة وانتعاش النمو الاقتصادي إلى إنهاء حالة “الركود أو الضعف” المسيطرة على أداء الأسهم المحلية، ويمهّدان الطريق لتعافي الأرباح خلال النصف الثاني من العام المالي الممتد حتى مارس، بحسب سيشادري سين، الاستراتيجي لدى شركة “إيمكاي غلوبال فاينانشال سيرفيسز” (Emkay Global Financial Services).

وفي السياق ذاته، قال راهول تشادا، المؤسس والرئيس التنفيذي للاستثمار بشركة “شيكارا إنفستمنت مانجمنت” (Shikhara Investment Management LP) ومقرها نيويورك، إن صندوقه الاستثماري عزز تعرضه للأسهم الكورية خلال الأشهر الأخيرة، مستفيداً من مزايا تشمل تحسن الحوكمة المؤسسية.

وأضاف تشادا: “بصراحة، يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً صعباً بالنسبة للهند لسد فجوة الأداء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *