اخر الاخبار

رسوم ترمب تعزز لجوء شركات الملكية الخاصة إلى الخليج بحثاً عن التمويل

أمضت شركات الملكية الخاصة العملاقة سنوات في محاولة التقارب مع صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط لتدبير تمويلات ضخمة. فيما زادت الحرب التجارية المتصاعدة التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أهمية هذه الجهود، واضطرت مديري الأصول إلى الابتكار.

مجموعة “كارلايل” (Carlyle Group)، على سبيل المثال، أرسلت أكثر من ستة من كبار مسؤوليها التنفيذيين إلى أبوظبي هذا الأسبوع لتقديم التدريب لنظرائهم في صناديق الثروة السيادية العديدة في الإمارة. وتبدأ شركة “بلاك روك” (BlackRock) برنامجاً لتوظيف المزيد من الشباب السعوديين، وتُنقل مجموعة من كبار خبراء الاستثمار إلى المملكة للمساعدة في هذا الجهد. كما تُنظم شركات أخرى حفلات عشاء وفعاليات بمناسبة عيد الفطر.

“الأمر لا يقتصر فقط على فتح مكتب” حسب بهاسكار غوبتا، رئيس مجلسي الشرق الأوسط والهند في شركة “أبيكس غروب” (Apex Group)  وهي شركة لخدمات الصناديق. وأضاف “بناء علاقات قيّمة من خلال العادات المحلية -مثل تجمعات تدخين الأرجيلة المسائية، ورحلات الصيد في عطلات نهاية الأسبوع، ومناسبات العشاء المشترك- تلعب دوراً حيوياً في بناء الثقة والشراكات طويلة الأمد”.

أمضت صناديق الملكية الخاصة سنوات في تمهيد الطريق لجهودها الترويجية بعد مواجهة ضغوط مستمرة من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط لاستضافة المزيد من الاجتماعات في المنطقة، وإنشاء مكاتب محلية، وجذب المزيد من الأشخاص للعيش والعمل في المنطقة.

الشرق الأوسط مصدر مهم للسيولة

لكن بعد أن محا إعلان ترمب تريليونات الدولارات من قيمة أسواق الأسهم حول العالم، وتسبب في توقف أسواق رأس المال فجأة، أصبح الشرق الأوسط مصدراً أكثر أهمية للسيولة لمديري الأصول هؤلاء في المستقبل.

ستركز ورشة عمل كارلايل هذا الأسبوع -التي نُظمت قبل إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية- على استراتيجيات استثمارية مختلفة، بما في ذلك كيفية دخول المستثمرين إلى سوق الأسهم الخاصة الثانوية. وصرح متحدث باسم الشركة بأن هذا الحدث يعكس “التزام الشركة المستمر” بالتفاعل الاستباقي مع صناديق الشرق الأوسط.

أما “بلاك روك”، فقد أطلقت برنامج “بي آر آي إم” (BRIM) لتطوير الخريجين بعد شراكتها مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي العام الماضي. وتتضمن المبادرة أيضاً مجموعة من برامج التدريب والتطوير.

وقال درو مكنايت، الرئيس التنفيذي المشارك لدى “فورتريس انفستمنت غروب” (Fortress Investment Group)، التي تُعتبر “مبادلة للاستثمار”، صندوق الثروة السيادية في أبوظبي، مساهم الأغلبية فيها: “نرى الشركاء العامين يقدمون دورات تدريبية، في ظل تطلع مديري الأصول لاستثمار المزيد من الموارد في المنطقة”. وأضاف: “هناك رغبة من الشركاء المحدودين في ألا يقتصر عمل الشركات على امتلاك مكتب لجمع التمويل”.

حصلت شركة إدارة الأصول، البالغة قيمتها 11 تريليون دولار، على موافقة السعودية العام الماضي لإنشاء مقرها الإقليمي في الرياض، بالإضافة إلى ترخيص تجاري للعمل في أبوظبي في نوفمبر. وتفتتح شركة “غلوبال إنفراستراكتشر بارتنرز” (Global Infrastructure Partners)، التي استحوذت عليها “بلاك روك” مؤخراً وتقترب من جمع حوالي 25 مليار دولار لأحدث صناديقها البارزة، مكتباً في الدوحة.

تراجع في استثمارات الملكية الخاصة بعد رسوم ترمب

مع بداية العام، كانت شركات الملكية الخاصة متفائلة بشأن تأثير انتخاب ترمب على أعمالها. وكان من المتوقع أن تُعزز وعوده بخفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية على النشاط الاقتصادي، وأن تُطلق شرارة موجة من عمليات الاندماج والاكتتابات العامة الأولية.

كان من شأن ذلك أن يُمثل خبراً ساراً لصناديق الملكية الخاصة، التي جمعت رأسمال أقل بنسبة 23% العام الماضي مقارنةً بعام 2023. كما أنها تنتظر بصبر فرصةً للتخارج من العديد من استثماراتها التي دامت فترة طويلة.

لكن سلسلة إعلانات ترمب بشأن الرسوم الجمركية في الأسابيع الأخيرة خففت من هذا التفاؤل. ونتيجة لذلك، أوقفت شركات بارزة، منها “كلارنا غروب” (Klarna Group) و”ستاب هب هولدينغز” (Stubhub Holdings)، طرحها العام الأولي مؤقتاً، وأظهرت سلسلة من شركات الملكية الخاصة مؤشرات على صعوبات في جمع التمويل.

تغييرات وتعليق للتمويل

على سبيل المثال، أجرت “كارلايل” مؤخراً تغييرات في قيادتها في أوروبا، حيث جمعت حوالي مليار يورو (1.1 مليار دولار) لصندوق “كارلايل يوروب بارتنرز السادس”(Carlyle Europe Partners VI) -وهو جزء ضئيل من هدفها الأصلي. في غضون ذلك، أرجأت “أرديان” (Ardian)، إحدى أكبر شركات الاستثمار في أوروبا، عملية جمع التمويل المخطط لها لصندوقها الرئيسي الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، في ظل إعادة هيكلة فريق الملكية الخاصة لديها في سوق تزداد صعوبةً للأسهم الخاصة، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ” الأسبوع الماضي.

أدت أنباء الرسوم الجمركية وتحرك “أوبك+” لتعزيز إمدادات النفط إلى انخفاض حاد في سعر النفط الخام، وهو تراجع قد يُجبر بعض الدول في جميع أنحاء المنطقة على خفض الإنفاق. مع ذلك، تشتهر صناديق الثروة السيادية الخليجية بتدخلها خلال فترات الركود، فعندما تبخرت السيولة من الأسواق العالمية في عام 2008، تدخلت واشترت كل شيء من حصص في بنوك غربية مثل “سيتي غروب” وصولاً إلى أصول قيّمة مثل نادي “مانشستر سيتي” لكرة القدم و”هارودز”.

وقال غوبتا: “نعتقد أنه في ظل تعريفات دونالد ترمب الجمركية، سيصبح الشرق الأوسط مصدراً أكثر أهمية للسيولة لمديري الأصول”. وأضاف: “بحلول نهاية العام، سيتطلع جميع مديري الأصول في أبوظبي والسعودية إلى جمع الأموال. لذا، فإن الدخول هناك المبكرة سيُحدث فرقاً حقيقياً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *