رسوم ترمب الجمركية تهبط بمؤشرات الأسهم الأميركية بعد ضربة “ديب سيك”
فاجأت الأخبار السريعة التغير بشأن الرسوم الجمركية المتداولين عبر مختلف فئات الأصول يوم الجمعة، مما أدى إلى كسر الجمود الذي حفزه في وقت سابق انحسار المخاوف بشأن قطاع التكنولوجيا.
وأدى تأكيد البيت الأبيض بأن الرئيس دونالد ترمب يعتزم فرض رسوم على الصين والمكسيك وكندا يوم السبت إلى ارتفاع الدولار مع تراجع الأسهم.
تخلى مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) عن مكاسبه التي قاربت 1%. وصعد الدولار مسجلاً أقوى أداء أسبوعي منذ نوفمبر بعد أن قال البيت الأبيض إن ترمب يعتزم المضي قدماً في خططه يوم السبت لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا، وبـ10% على الصين. ونفت الولايات المتحدة أيضاً تقريراً يفيد بأن الرئيس يعتزم تأجيل التنفيذ لمدة شهر، وهو ما دفع الدولار في وقت سابق إلى الانخفاض بشكل طفيف. وخسر الدولار الكندي 0.2% من قيمته بينما لم يطرأ تغير يذكر على البيزو. وصعد سعر النفط بعد أن قال ترمب إن الرسوم الجمركية ستطبق على الخام.
البيت الأبيض: بدء تطبيق الرسوم الجمركية على الصين والمكسيك وكندا السبت
وفي تصريحات له يوم الجمعة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيفرض تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من الواردات في الأشهر المقبلة، بما في ذلك الصلب والألمنيوم والنفط والغاز والأدوية، وكذلك أشباه الموصلات، مما يزيد من تهديداته بفرض رسوم جديدة على الشركاء التجاريين. وأشار أيضاً إلى أن الولايات المتحدة “ستفعل شيئاً جوهرياً للغاية” من خلال فرض رسوم جمركية تستهدف الاتحاد الأوروبي.
اقرأ المزيد: ترمب يتعهد بفرض رسوم جمركية على واردات النفط والمعادن والرقائق
تقلبات بسبب الرسوم الجمركية
قال دانييل سكيلي، رئيس فريق أبحاث السوق وإستراتيجية إدارة الثروات في “مورغان ستانلي”: “لقد أشرنا إلى احتمالية حدوث تقلبات متعلقة بالتعريفات الجمركية، واليوم رأينا ذلك ينعكس في الأسواق”. وأضاف: “كما كان الحال بالنسبة لأخبار الذكاء الاصطناعي يوم الاثنين. لا تزال هناك أسئلة كثيرة بلا إجابة، وقد تبدو الصورة مختلفة تماماً في الأيام المقبلة. بشكل عام، على الرغم من ذلك، كان هذا الأسبوع بمثابة تذكير لكيفية قيام الأحداث غير المتوقعة بتغيير تصورات السوق بسرعة”.
جاء انخفاض الأسهم بعد بداية إيجابية نسبياً لليوم، حيث تمكنت الأسهم من تعويض الخسائر التي تكبدتها بسبب القلق من أن نموذج الذكاء الاصطناعي الرخيص من شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة يمكن أن يجعل تقييمات التكنولوجيا المزدهرة تبدو وكأنها مبالغاً فيها.
قال ماكس غوكمان من شركة “فرانكلن تمبلتون انفستمنت سولوشنز” (Franklin Templeton Investment Solutions): “بذل المراهنون على الصعود قصارى جهدهم للتماسك والاستمرار رغم كل الاضطرابات التي شهدها هذا الأسبوع، لكن ضغوط عدم اليقين تمنعهم من دعم الأسهم بسلام”. وأضاف: “مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع، يبدو أنه حتى الموظفين الأقرب إلى المكتب البيضاوي ليس لديهم التفاصيل كافة، لذا فضّل بعض المضاربين على الارتفاع إلى التروي لتفادي عاصفة محتملة”.
تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.5%. وانخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 0.1%. وانخفض مؤشر “داو جونز الصناعي” بنسبة 0.8%.
صعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.4%. ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات نقطتين أساس إلى 4.54%.
أرباح شركات التكنولوجيا الأميركية
بعد أن أعلنت 4 شركات من “العظماء السبعة” نتائج أعمالها، ربما يلتقط المستثمرون أنفاسهم لعدم تحقق المخاوف المرتبطة بـ”ديب سيك” أو ظهور علامات خطيرة على تباطؤ الطلب الإجمالي. وتعد الآثار المترتبة على نتائج أعمال شركات التكنولوجيا جوهرية، مع إنفاق رأسمالي بمئات المليارات من الدولارات، لكن الأرباح لا تزال بعيدة المنال إلى حد كبير. كما أن التداعيات هائلة أيضاً بالنسبة لسوق الأوراق المالية التي اعتمدت في الجزء الأكبر من عامين من الارتفاع فقط على وعود الذكاء الاصطناعي.
حذر مايكل هارتنت من “بنك أوف أميركا كورب” من أن أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة من المقرر أن تصبح “المتأخرون السبعة” “Lagnificent 7” هذا العام، مما يشير إلى أنه يجب على المستثمرين شراء الأسهم الدولية الرخيصة بدلاً من ملاحقة الأسهم الأميركية باهظة الثمن. قال الخبير الاستراتيجي، إن المستثمرين أصبحوا معرضين بشكل مفرط للأسهم الأميركية بعد أن اجتذبت تدفقات قياسية في يناير.
“المتأخرون السبعة”
وكتب الخبير الاستراتيجي: “الاستثناء الأميركي أصبح الآن باهظ الثمن بشكل استثنائي، ومحصور في يد شركات قليلة بشكل استثنائي”. وأضاف “(العظماء السبعة) سيصبحون (المتأخرون السبعة)، وهو ما سيدعم توسيع أسواق الأسهم والائتمان الأميركية والعالمية”.
هارتنت هو من ابتكر مصطلح “العظماء السبعة” الشهير للإشارة إلى عدد قليل من أسهم التكنولوجيا التي عززت ارتفاع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 70% منذ أواخر 2022.
يرى مات مالي من شركة”ميلر تاباك+كو” (Miller Tabak + Co) أن التطورات التي حدثت هذا الأسبوع قد وضعت على الأقل غطاءً إلى حد ما على توقعات نمو الأرباح نتيجة ظاهرة الذكاء الاصطناعي.
هوس الذكاء الاصطناعي
أوضح مالي: “في رأينا، لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تحتاج سوق الأسهم إلى التكيف مع فكرة أنه رغم أن ظاهرة الذكاء الاصطناعي يمكن/ينبغي أن تظل عاملاً إيجابياً، إلا أنه من المحتمل أنها لن تكون قوية كما كان السوق يتوقعها خلال الأشهر الستة الماضية”.
سوف يهيمن تباطؤ نمو الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي، إلى جانب ظهور “ديب سيك”، على التوقعات عندما تعلن شركات “إيه إم دي” و”كوالكوم” و”آرم هولدينغز” عن نتائج أعمالها.
وستواجه شركة “ألفابت” أيضاً أسئلة حول كيفية تخفيف تكاليف تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في ضوء أداء “ديب سيك” وانخفاض التكلفة. ومع ذلك، فإن الطلب القوي على الخدمات السحابية سيؤدي إلى دعم مالكة “غوغل” ونظيرتها من العظماء السبعة “أمازون”.
قال جون بيلتون، من شركة “غابيلي فاندز”: “سيظل (ديب سيك) موضوعاً رئيسياً في القطاع. من الواضح أنه حقق بعض الإنجازات الهندسية المثيرة التي ستساعد مختبرات الذكاء الاصطناعي الأخرى على بناء النماذج بكفاءة أكبر. لكن العديد من الأرقام الرئيسية المرتبطة بهذه الاكتشافات مضللة. يعد هذا متطوراً أكثر منه ثورياً، ويتوافق مع التقدم التكنولوجي الطبيعي/العادي حيث نتوقع كفاءات الحوسبة بمرور الوقت”.
تأثير “ديب سيك” على السوق
ضرب ظهور “ديب سيك” الأسواق في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكن المستثمرين يرون مجالاً محدوداً لشركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة للتأثير على أداء “العظماء السبعة”، وفقًا لأحدث استطلاع أجرته “بلومبرغ ماركت لايف بالس”.
من بين 260 شخصاً شملهم الاستطلاع، قال 88% إن ظهور أحدث طراز للشركة الناشئة -والذي محا 784 مليار دولار من القيمة السوقية لشركات مؤشر “إس آند بي 500” يوم الاثنين- لن يكون له تأثير يذكر على أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة في الأسابيع المقبلة. قليلون هم الذين يخفضون تعرضهم للمؤشر، وهو مؤشر تهيمن عليه شركات التكنولوجيا الضخمة.
ضخ المستثمرون الأفراد 8.1 مليار دولار في الأسهم الأميركية في الأسبوع حتى يوم الأربعاء، وهو أكبر مبلغ منذ عامين، وفقا لتحليل أجرته إيما وو، الخبيرة الاستراتيجية العالمية للكميات والمشتقات في “جيه بي مورغان”.
وقالت سوليتا مارسيلي، من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “نتوقع أن تؤدي الكفاءة الأكبر من الخوارزميات الجديدة منخفضة التكلفة إلى زيادة الإنتاجية الاقتصادية، وهو ما يدعم سوق الأسهم الأوسع, بالإضافة إلى هذه المكاسب الإنتاجية المحتملة، نعتقد أن الجمع بين النشاط الاقتصادي الأميركي القوي، والنمو الصحي للأرباح، وانخفاض تكاليف الاقتراض، وإمكانية زيادة نشاط سوق رأس المال، سيؤدي إلى ارتفاع الأسهم خلال ما تبقى من 2025”.