رئيس وزراء العراق يعيد تشكيل الاقتصاد حال فوزه بولاية ثانية

تعهد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني بإجراء إصلاحات اقتصادية كبرى في حال انتخابه لولاية ثانية، بهدف خفض العجز في الموازنة، وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلد الغني بالنفط.
السوداني البالغ من العمر 55 عاماً يخوض الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر الجاري، فيما يتوقع محللون أن يفوز ائتلافه “ائتلاف البناء والتنمية” بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وقال في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” في مكتبه بالعاصمة بغداد يوم الجمعة: “في المرحلة المقبلة، يجب تنفيذ إصلاحات أشبه بالعمليات الجراحية، لتقليص العجز وزيادة الإيرادات غير النفطية”.
الوظائف في العراق
أوضح السوداني أنه أضاف ما يقرب من 700 ألف وظيفة جديدة إلى الجهاز الحكومي منذ توليه المنصب قبل 3 سنوات، “لكسب بعض الوقت” قبل الشروع في أجندة إصلاحية، في محاولة لتفادي تكرار احتجاجات الشباب وأعمال العنف الدامية التي اندلعت في 2019.
هذا التوسع رفع عدد العراقيين العاملين في القطاع العام إلى حوالي 4 ملايين موظف، إضافة إلى قرابة 5 ملايين آخرين يعتمدون على معاشات التقاعد وبرامج الرعاية الاجتماعية، ما يُشكل ما يصل إلى 90% من إجمالي الإنفاق العام.
اقرأ أيضاً: رؤية 2050 تطمح إلى عراق متحرر من الريع النفطي
أكد السوداني عزمه على تغيير هذا الواقع من خلال توجيه شريحة واسعة من الشباب العراقيين دون سن الخامسة والعشرين –الذين يشكلون نحو 60% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم قرابة 47 مليون نسمة– نحو العمل في القطاع الخاص. كما يسعى إلى تبسيط القوانين لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً في القطاعات غير النفطية مثل التصنيع والزراعة والسياحة، التي يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة.
وتحدث عن منح شركات النفط والغاز الأميركية “شروطاً تفضيلية” للاستفادة الكاملة من إمكانات قطاع الهيدروكربونات العراقي.
خيار توافقي
برز السوداني كخيار توافقي لتولي رئاسة الحكومة في 2022، لوضع حد لحالة الجمود التي أعقبت الانتخابات السابقة. رغم أن ولايته كانت قصيرة نسبياً، فإنه يُنظر إليه على أنه نجح في تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، وفي تحقيق توازن دبلوماسي بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الخليجيين من جهة، وإيران من جهة أخرى.
اقرأ المزيد: توجه سعودي عراقي لتوسيع التبادل التجاري.. فما القطاعات المستهدفة؟
كما أسهم في تحييد العراق عن تداعيات هجوم حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، وعن الصراعات الإقليمية التي تلته.
يخوض السوداني الانتخابات ضد أحزاب شيعية عدة، يرتبط كثير منها بعلاقات وثيقة مع إيران وميليشيات تدعمها طهران، وهي الجهات نفسها التي رشحته لرئاسة الحكومة في البداية، ما يجعل إعادة انتخابه تحدياً سياسياً معقداً.
ومن المتوقع أن يفوز ائتلافه بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان المؤلف من 329 مقعداً، لكن النظام السياسي في العراق لا يسمح لأي حزب بتشكيل الحكومة منفرداً، ما يعني الدخول في عملية معقدة وطويلة من المفاوضات لتشكيل تحالفات.
وبموجب اتفاق تقاسم السلطة الذي تم اعتماده بعد الغزو الأميركي للعراق خلال 2003، يجب أن يكون رئيس الوزراء من الطائفة الشيعية، بينما يُمنح منصب رئيس البرلمان للطائفة السنية، وتُسند رئاسة الجمهورية -ذات الدور الشرفي إلى حد كبير- إلى الأكراد.
انتخابات “مفصلية”
على خلاف كثير من منافسيه الشيعة الذين عاشوا في المنفى خلال حقبة صدام حسين، لم يغادر السوداني العراق، وتولى منذ 1997 مناصب حكومية عدة. يقول إنه أنجز خلال 3 سنوات ما فشل أسلافه في تحقيقه خلال قرابة عقدين أعقبا الغزو الأميركي، وهي فترة اتسمت بتمرد دموي وصراعات طائفية وسيطرة تنظيم “داعش” على مساحات واسعة من البلاد.
طالع أيضاً: رئيس الوزراء العراقي لـ”بلومبرغ”: العراق تحول من مرحلة الحرب إلى الاستقرار
وقد اتهمه خصومه بالسعي لتركيز السلطة في يده، لكنه ينفي تلك الاتهامات. قال السوداني: “الانتخابات المقبلة ستكون مفصلية، فإما أن نمضي قدماً لحماية الاستقرار والمسار نحو الازدهار الذي بدأناه، أو نعود إلى الأزمات، والاقتتال الداخلي، والفشل، والفساد المستشري”.



