خفض إنتاج الوقود في الصين قد يهدد الطلب العالمي على النفط

تدفع الصين شركات التكرير المحلية إلى تقليص إنتاج الوقود، ما يثير تساؤلات جديدة حول الطلب في أكبر دولة مستوردة للخام، في وقت يسعى فيه المنتجون العالميون للعثود على مشترين للإنتاج الفائض الذي يضيفونه إلى السوق.
تريد أعلى هيئة للتخطيط الاقتصادي في البلاد أن يخفض قطاع التكرير إنتاج المنتجات البترولية المكررة وزيادة إنتاج المواد الكيميائية، وفقاً لما ورد في تقرير العمل السنوي الذي قدمته خلال اجتماع المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني يوم الأربعاء.
الصين بذروة استهلاك الوقود
لم يكن هذا التوجه مفاجئاً، إذ أعلنت مجموعة “سينوبك” (Sinopec Group)، أكبر شركة تكرير في الصين، في وقت سابق من الأسبوع، أن استهلاك الديزل والبنزين بلغ ذروته، ما يجعل البتروكيماويات المحرك الرئيسي الجديد لنمو الطلب.
يتراجع استهلاك الديزل منذ عام 2019، وهو اتجاه تفاقم مع انفجار فقاعة العقارات في الصين، ما قلل الحاجة إلى النقل والمعدات الثقيلة المستخدمة في قطاع البناء. كما أن الزيادة في مبيعات الشاحنات العاملة بالغاز الطبيعي المسال الأرخص سعراً يسهم أيضاً في خفض الطلب على الوقود.
في الوقت نفسه، فإن ازدهار مبيعات السيارات الكهربائية يعني أن الطلب على البنزين ربما بلغ ذروته في عام 2023، وفقاً لشركة “سينوبك”. وبلغ متوسط مبيعات الوقود في العام الماضي 13.2 مليون طن شهرياً، بانخفاض نسبته 9% عن مستويات عام 2023، بحسب بيانات مستشار الصناعة “جيه إل سي إنترناشونال” (JLC International).
شركات التكرير الصينية تتضرر
يؤدي التحول بعيداً عن وقود النقل إلى تداعيات كبيرة على قطاع التكرير في الصين، الذي يعاني بالفعل من تخمة إنتاجية مزمنة، وهو تحدٍ شائع في العديد من القطاعات الصناعية في الصين، كما يؤثر أيضاً على منتجي الخام العالميين.
أكثر المتضررين من هذا التحول هم شركات التكرير الصغيرة والمستقلة، التي تتركز بشكل رئيسي في مقاطعة شاندونغ، وتشكل نحو خُمس القدرة التكريرية في البلاد. وستواجه المصافي القديمة صعوبة أكبر في التكيف مع هذه التغيرات مقارنة بالمصافي الأحدث والأكثر تقدماً المصممة لإنتاج كميات كبيرة من المواد الكيميائية.
إلى جانب معالجة النفط الخام ومشتقاته، أصبحت بعض المصافي الحديثة في الصين قادرة على تكرير منتجات مشتقة من عمليات استخراج الغاز الصخري في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، قفزت واردات الصين من الغاز البترولي المسال الأميركي من صفر تقريباً في عام 2019 إلى 18 مليون طن العام الماضي، وهو ما يعادل 3% تقريباً من إجمالي واردات النفط الخام.
وفي هذا الإطار، صرح موديت نوتيال، كبير المحللين في شركة الاستشارات “وود ماكينزي” (Wood Mackenzie): “لا يزال قطاع البتروكيماويات، الذي يعتمد على النافتا والغاز البترولي المسال، القوة الدافعة للطلب على النفط”.
منتجو النفط
يشكل هذا الوضع تحدياً كبيراً لموردي النفط التقليديين. فعلى الرغم من ارتفاع مبيعات التجزئة للمنتجات البترولية في الصين بنسبة 0.3% العام الماضي، إلا أن استهلاك الصين الإجمالي للنفط الخام انخفض بنسبة 1.2%، وفقاً لما أعلنه المكتب الوطني للإحصاء في تقريره السنوي الأسبوع الماضي.
أما بالنسبة إلى تحالف “أوبك+” وأعضائه، فإن التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ، إذ تخطط المجموعة المنتجة للنفط لزيادة الإنتاج في وقت تواجه فيه الأسعار ضغوطاً. وفي غضون ذلك، تراجعت واردات الصين من النفط الخام في عام 2024 للمرة الثالثة خلال هذا العقد، ما يؤكد أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على مصافي التكرير في البلاد لدعم الطلب العالمي.