اخر الاخبار

حوافز وول ستريت تغيّر مشهد التوظيف في صناديق الخليج السيادية

قد يشهد الشرق الأوسط قريباً انتشاراً أوسع لأسلوب المكافأت المُعتمد في شركات الملكية الخاصة بوول ستريت. 

مع سعي صناديق الثروة السيادية مثل “جهاز أبوظبي للاستثمار”، و”صندوق الاستثمارات العامة السعودي”، و”جهاز قطر للاستثمار”، بتوظيف المزيد من المواهب من الشركات المعروفة في وول ستريت، بدأ عدد متزايد من المرشحين في الاستفسار عمّا إذا كان يمكنهم الحصول على مكافآت الأداء “carried interest” (والتي تُمنح لمديري الاستثمارات كنسبة من الأرباح المحققة بعد تجاوز حد معين)، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

هذه الحوافز التي تعتمد على تحقيق أرباح من الصفقات مطروحة بالفعل في بعض الشركات الجديدة في أبوظبي. فبعض موظفي “مبادلة كابيتال” و”لونيت” يحصلون على صيغة من هذه المكافآت ضمن رواتبهم، بحسب المصادر، ما ساعد الشركتين على جذب كفاءات من شركات عالمية مثل “أبولو غلوبال مانجمنت” و”كارلايل غروب” خلال الأشهر الماضية.

تحول في استراتيجية الجذب الوظيفي

تاريخياً، اعتمدت الصناديق الخليجية على أنظمتها الضريبية المنخفضة وقائمة طويلة من المزايا المعيشية لجذب الموظفين، مقدمين كل شيء من المخصصات المدرسية إلى بدلات السيارات وتذاكر الطيران لرؤية العائلة. لكن سباق التوظيف بات أكثر شدة في السنوات الأخيرة، في ظل تدفق البنوك وصناديق التحوط وشركات الملكية الخاصة التي فتحت فروعاً محلية.

في ظل هذا المشهد، باتت القوى الاستثمارية في الشرق الأوسط أكثر جدية في اجتذاب أفضل الموظفين من مختلف القطاعات المالية، بينما تسعى لاستثمار المليارات وتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط. وفي خضم ذلك، تقوم بصياغة جيل جديد من نجوم وول ستريت.

فعلى سبيل المثال، ساعد قرار “مبادلة كابيتال”، الذراع الاستثمارية لإدارة الأصول التابعة لصندوق الثروة السيادي في أبوظبي، الخاص بتبني هذه النوعية من المكافآت على صناعة العديد من أصحاب الثروات التي تتجاوز ملايين الدولارات داخل الشركة.

اقرأ أيضاً: صندوق ثروة خليجي يدرس بيع أصوله للاستثمار بالشركات الخاصة

قال جورج سامز، المدير الإداري في شركة التوظيف “أونيرا تالنت سوليوشنز” (Oneira Talent Solutions): “لم يعد الأمر يتعلق فقط بالراتب الأساسي والمكافأة التقليدية. سواء كانت صناديق سيادية أو مكاتب عائلية محلية، هناك ضغط متزايد لتقديم هياكل حوافز شبيهة بالحصة من الأرباح — وقد ثبت بالفعل فعاليتها في بعض الشركات هنا في أبوظبي التي تستخدمها لاجتذاب والاحتفاظ بأفضل المواهب”.

تحول استراتيجي في أبوظبي

يُعرف كل من “جهاز أبوظبي للاستثمار” و”مبادلة” بأنهما من أكبر الداعمين العالميين لصناديق التحوط وشركات الملكية الخاصة. لكن في بعض الصناديق الأحدث، أرادت أبوظبي استخدام ثروتها النفطية الهائلة لتعزيز وجودها في صناعات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة والرعاية الصحية من خلال صفقات مباشرة.

هذا التوجه يعني أن صناديق مثل “لونيت” و”مبادلة كابيتال” تحتاج إلى خبراء تحليل مالي من الطراز الموجود عادة في شركات الملكية الخاصة. ونجح صندوق آخر مقره أبوظبي، “إم جي إكس” (MGX)، الذي أُنشئ العام الماضي ويهدف إلى بلوغ أصوله 100 مليار دولار، في ضمّ تنفيذيين من “ووربرغ بينكوس” و”أبولو” مؤخراً.

سرعان ما أدركت هذه الصناديق أن عدد الأفراد المؤهلين والمستعدين للانتقال إلى الشرق الأوسط محدود. وتعلمت أنه يجب تقديم هياكل تعويضية تتماشى مع ما تعرضه شركات الملكية الخاصة، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.

التحفيز القائم على حصص الملكية

في قطاع الملكية الخاصة، غالباً ما يحصل الموظفون على حصص صغيرة في الشركة كجزء من مكافآتهم. وهذه الحصص تمثل نسبتهم في الأرباح عندما يبيع الصندوق شركة من محفظته الاستثمارية.

غالباً ما يُنظر إلى هذه الترتيبات على أنها مربحة للطرفين: إذ تحفز المسؤولين التنفيذيين على عقد صفقات جيدة، كما تفضل الجهات المساهمة وجود “مصلحة حقيقية” للمسؤولين في النتائج.

أما في الصناديق الخليجية، فتبدو حزم التعويضات مختلفة قليلاً، وفقاً لأشخاص مطلعين. إذ يكون خيار الحصول على مكافآت الأداء متاحاً عادةً لبعض التنفيذيين الكبار فقط، ولا يحصل هؤلاء الموظفون على حصص ملكية فعلية؛ بل تُمنح لهم المدفوعات في صورة ما تُعرف بـ “Phantom carry” أو “shadow carry” (يحصل الموظف على دفعات نقدية تحاكي ما كان سيكسبه لو كان لديه حصة حقيقية من الأرباح، بحسب قول المصادر.

طالع أيضاً: الشركات الناشئة في المنطقة تضاعف جمع التمويل متحدّية التباطؤ العالمي

مثل هذه الترتيبات ليست غريبة، إذ يمكن استخدامها في شركات الملكية الخاصة التقليدية للمناصب الأقل أو الموظفين الإداريين لأنها توفّر مزايا شبيهة دون الحاجة إلى نقل حصص ملكية فعلية في الصندوق.

“عندما نتحدث مع المواهب المهتمة بالانتقال إلى الشرق الأوسط، فإن الحصة من الأرباح غالباً ما تكون أول ما يُسأل عنه”، بحسب أوسكار أوريلانا هايدر، المؤسس الشريك في شركة التوظيف “كورديل بارتنرز” (Cordell Partners).  أضاف: “إنها حافز قوي لأكثر المرشحين طموحاً — أولئك الذين يريدون أن تعكس مكافآتهم أداءهم. إنها توفر قدرة غير محدودة عملياً على الكسب، مرتبطة مباشرةً بعوائدهم الاستثمارية ومهاراتهم”.

الحوافز لتعويض فجوة الرواتب

توظف صناديق الثروة السيادية في الخليج حوالي 9 آلاف شخص، وفقاً لتقرير من “ديلويت” نُشر أوائل هذا العام.

تاريخياً، لم تكن هذه الصناديق معروفة بدفع رواتب ضخمة. فالموظفون بمنصب نائب رئيس، والذين يملكون خبرة تتراوح بين 8 إلى 10 سنوات، يحصلون عادةً على رواتب أساسية بين 230 ألف إلى 260 ألف دولار سنوياً، بحسب أحد الأشخاص المطلعين. وهي رواتب مماثلة لتلك التي يتقاضاها الموظفون في نفس المستوى داخل شركات الملكية الخاصة في المنطقة.

ورغم أن “جهاز أبوظبي للاستثمار” لا يقدم حالياً حصةً من الأرباح، إلا أنه أنشأ أشكالاً أخرى من الحوافز طويلة الأجل لمكافأة حوالي 100 من مديري الاستثمار العاملين في صفقات على طراز الملكية الخاصة، بحسب نفس الأشخاص.

يواجه الصندوق الذي يدير 1.1 تريليون دولار وشركاؤه منافسة على المواهب من شركات مثل “بروكفيلد أسيت مانجمنت” (Brookfield Asset Management) و”بلاكستون” (Blackstone)، حيث يمكن أن تصل تعويضات الشركاء الكبار إلى عشرات الملايين عند بيع شركات المحفظة بنجاح. وفي بعض الأحيان، كان ذلك كافياً لإغراء كبار التنفيذيين في الخليج للانتقال إلى تلك الشركات.

في “شركة مبادلة للاستثمار”، بدأ عدد محدود من الموظفين بالحصول على شكل من أشكال التعويض المرتبط بأدائهم الاستثماري، وفقاً لأشخاص مطلعين. وتأتي خطوة “مبادلة” لتقديم مثل هذه الحوافز في وقت يناقش فيه الصندوق، الذي يدير 330 مليار دولار، تغيير استراتيجيته في صفقات الملكية الخاصة، حسب قول بعض الأشخاص.

تاريخياً، كان الصندوق معروفاً بأخذ حصص أقلية وتنفيذ صفقات تتراوح قيمتها بين 100 و500 مليون دولار. لكنّه الآن يدرس زيادة حجم استثماراته المعتادة وأخذ حصص ملكية أكبر في الشركات، وهو ما سيتطلب توظيف المزيد من الموظفين ذوي الخبرة التقليدية في الملكية الخاصة.

رفض ممثلون عن “لونايت”، و”جهاز أبوظبي للاستثمار”، و”جهاز قطر للاستثمار”، و”صندوق الاستثمارات العامة”، و”مبادلة”، و”مبادلة كابيتال” التعليق أو لم يردوا فوراً عند الاتصال بهم.

تباطؤ وول ستريت يسهّل مهمة استقطاب الكفاءات 

ليست الوعود بالحصول على أرباح تحاكي حصتهم في الشركة “Phantom carry”وحدها ما يساعد صناديق الخليج على اجتذاب المواهب الجديدة.

فالانتعاش المنتظر منذ وقت طويل في صفقات الدمج والاستحواذ والاكتتابات العامة في بعض أنحاء العالم لا يزال بطيئاً في الظهور هذا العام، وشركات الملكية الخاصة لا تزال تجد صعوبة في بيع شركات محفظتها بتقييمات جذابة.

وبالنسبة للمديرين التنفيذيين في هذه الشركات، أثّر ذلك سلباً على دخلهم من حصتهم في الأرباح خلال السنوات الأخيرة، ما جعل من السهل على صناديق الخليج إقناع الموظفين المحتملين بأنهم قد يحققون ثروات جديدة على الشواطئ المشمسة لأبوظبي.

قال سامز: “نرى المزيد من المرشحين، وخصوصاً من الغرب، يأتون إلى الشرق الأوسط”. وأضاف: “لكن جميعهم يملكون نفس التوقع: حصة من الأرباح، كجزء من حزمة الأداء الخاصة بهم”. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *