حلم HSBC بمنافسة بنوك وول ستريت يقترب من نهايته
لسنوات طويلة كانت لدى “إتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings) أحلام بالتحول إلى لاعب رئيسي في “وول ستريت” ومدينة لندن. لكن في هذا الأسبوع، أعلن البنك، الذي يتخذ من لندن مقراً، عن انتهاء تلك الطموحات.
فقد باشر البنك، يوم الجمعة الماضي، بإبلاغ مجموعة مختارة من المديرين في فرق استشارات الشركات وفرق الاكتتاب بالأسهم في نيويورك ولندن وأوروبا بأنه سيغلق أعمالهم. مع ذلك، جاء الإعلان يوم الثلاثاء بالنسبة لمعظم الموظفين بمثابة صدمة كاملة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم ذكر أسمائهم لمناقشة معلومات داخلية.
وبينما كان المصرفيون يشقون طريقهم إلى مكاتب “HSBC”، لم يكونوا على علم بأنهم تنتظرهم مكالمة مهمة. ومع بدء تلك المكالمة -بقيادة الرئيس التنفيذي جورج الحيدري ومايكل روبرتس، الرئيس الجديد للخدمات المصرفية للشركات والمؤسسات في البنك- أصبح من الواضح أنه بمجرد إغلاق الصفقات الحالية التي كانت في طور الإعداد، فإن وظائفهم ستزول.
وقال اثنان من الأشخاص المطلعين على الأمر إن عدد الموظفين المعنيين سيكون بالمئات. وقالا إنه بدلاً من فقدان وظائفهم، سيتم منح بعض المصرفيين خيار الانتقال إلى هونغ كونغ أو دبي، حيث سيحافظ HSBC على وجوده المصرفي الاستثماري الكامل.
ورفض متحدث باسم بنك “إتش إس بي سي” التعليق.
منافسة جي بي مورغان وغولدمان ساكس
في المكالمة، أدلى الحيدري بالإعلان الأولي قبل أن يؤكد روبرتس على هذه النقطة: لن يتحمل بنك HSBC بعد الآن تكلفة ونفقات إدارة عمليات فرعية لا تملك أي فرصة للمنافسة مع شركات مثل “جي بي مورغان” أو مجموعة “غولدمان ساكس”.
اقرأ أيضاً: تقسيم “HSBC” بين الشرق والغرب يتجاوز مجرد خفض التكاليف
“HSBC” هو أكبر بنك في أوروبا، وأحد أكبر موزعي سندات الدين في العالم، ولكن عندما يتعلق الأمر بعمليات الدمج والاستحواذ والاكتتاب في الأسهم، فإن الشركة لاعب ثانوي. في الولايات المتحدة، احتل البنك المركز الخامس عشر في العام الماضي فيما يتعلق بصفقات الأسهم والصفقات المرتبطة بالأسهم، وهو تحسن هامشي عن مركزه في العام السابق، ولكنه متأخر كثيراً عن منافسيه الأصغر مثل شركة “جيفريز فاينانشال جروب” (Jefferies Financial Group) وشركة “ميزوهو” المالية (Mizuho Financal Group).
ويبدو أن الصورة مماثلة في المملكة المتحدة وأوروبا، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
في عمليات الاندماج والاستحواذ، لم يكن البنك من بين أفضل 20 لاعباً في الولايات المتحدة العام الماضي، وكان في المركز 15 في المملكة المتحدة، بعد أن كان في المركز 26 في العام السابق. وفي مذكرة للموظفين، قال البنك إن هدفه هو أن يكون الأول في السوق والتركيز على أعماله الأساسية في آسيا والشرق الأوسط، حيث يقدم تحدياً أكبر لـ”وول ستريت”.
قال جوزيف ديكرسون، المحلل المصرفي في “جيفريز”: “لقد كافح بنك “إتش إس بي سي” لاكتساب كتلة حرجة في الأسهم الأميركية والأوروبية وكذلك عمليات الدمج والاستحواذ على مر السنين”.
في إصدارات الديون الأوروبية، التي لم تتأثر بالتغييرات، يُعد البنك من أقوى 10 بنوك وغالباً ما يكون ضمن البنوك الخمسة الأوائل في المنطقة، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ. أما في آسيا، فغالباً ما يكون البنك الذي يجب التغلب عليه.
قال روبرتس في بيان عبر البريد الإلكتروني: “تم تصميم هيكلنا الإقليمي لتسهيل ربط عملائنا بفرص الاستثمار والتمويل في جميع أنحاء العالم، باستخدام شبكتنا التي لا مثيل لها”، وأضاف: “نحن بنك عالمي نوفر لعملائنا مجموعة من المنتجات والخدمات المصرفية الرائدة التي يصعب على البنوك الأخرى مضاهاتها، بدءاً من المعاملات المصرفية وحتى أسواق رأس المال”.
مكافآت إضافية
بالنسبة للموظفين الذين يعملون في منتصف الصفقات، ستكون هناك مكافآت خاصة لتحفيزهم حتى انتهاء أعمالهم. وأقر البنك بأن الأخبار عن إغلاق الوحدات ستكون “مقلقة”.
يقدم بنك “إتش إس بي سي” المشورة بشأن عدد من الصفقات حالياً، بما في ذلك عرض “فورتريس” بقيمة 350 مليون جنيه إسترليني (435 مليون دولار) لمجموعة المطاعم المدرجة في المملكة المتحدة “لونجرز” (Loungers Plc).
اقرأ أيضاً: رئيس “HSBC” الجديد يخطط لهيكلة أكبر بنك في أوروبا
يعد الخروج من عمليات الدمج والاستحواذ وأسواق رأس المال خطوةً نادرةً بالنسبة لبنك الشركات. إذ لا تتطلب الأعمال الاستشارية الكثير من رأس المال لكنها تدر دخلاً من الرسوم يساعدها على تعويض الضربة الناجمة عن انخفاض أسعار الفائدة. يأتي خروج “HSBC” أيضاً في الوقت الذي ينتعش فيه نشاط إبرام الصفقات في أوروبا وفي جميع أنحاء العالم.
إنها أحدث خطوة في خطة الحيدري لخفض حوالي 3 مليارات دولار من قاعدة التكاليف الإجمالية لبنك “إتش إس بي سي”، والتي شهدت بالفعل خفض مجلس إدارة الشركة بنحو الثلث وإعادة تشكيل العمليات في أربعة أقسام جديدة.
أما بالنسبة لأعمال البنك في الشرق الأوسط، والتي تم وضعها تحت مظلة آسيا كجزء من عملية تجديد البنك، فهناك شعور بالارتياح لتجنب بعض التخفيضات التي تضرب أوروبا الآن، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.
قال إدوارد فيرث، المحلل المصرفي في شركة “كيفي، برويت، وودز” (Keefe, Bruyette & Woods) في لندن: “يبدو هذا وكأنه خطوة صغيرة جداً في سياق المجموعة الأوسع، لكنهم عانوا لفترة من الوقت في هذه المناطق”.