حكم قضائي: “جوجل” غير ملزمة ببيع متصفح “كروم”

سيتعين على “جوجل” التابعة لشركة “ألفابت” مشاركة بعض بيانات البحث الخاصة بها مع المنافسين، لكنها لن تضطر إلى بيع متصفح الويب الشهير “كروم” بحسب حكم أصدره قاضٍ فيدرالي يوم الثلاثاء في قضية مكافحة الاحتكار التاريخية التي رفعتها وزارة العدل ضد محرك البحث.
يسمح هذا الحكم لشركة “جوجل” بتجنب أحد أشد طلبات التعويض من الحكومة الأميركية بعد أن خلصت المحكمة إلى أن الشركة مارست احتكاراً غير قانوني في سوق البحث. وكان القاضي أميت ميهتا قد منع “جوجل” من إبرام عقود حصرية للبحث على الإنترنت.
يأتي هذا القرار في أعقاب حكم ميهتا العام الماضي بأن “جوجل” احتكرت بشكل غير قانوني أسواق البحث على الإنترنت وإعلانات البحث. وعقد ميهتا جلسة استماع استمرت ثلاثة أسابيع في أبريل لتحديد حل.
قرار مؤثر على قطاع التكنولوجيا
يُعد هذا الأمر أحد أهم القرارات القضائية التي أثرت على قطاع التكنولوجيا منذ أكثر من ربع قرن، ويمكن أن يُمثل نموذجاً يُحتذى به للقضاة الآخرين الذين قد ينتهي بهم الأمر إلى دراسة خيارات مماثلة في قضايا ضد شركات “ميتا” و”أمازون” و”أبل”.
ارتفعت أسهم “ألفابت” بنسبة 8.7% خلال التداولات الممتدة عقب صدور حكم القاضي. وارتفعت أسهم “أبل” بنسبة 4.3%.
قد يهمك: محرك البحث لا يزال يشكل أكثر من نصف إيرادات “جوجل”
وفي انتصار آخر لـ”جوجل”، لم يمنع القاضي الشركة من دفع مبالغ لأطراف ثالثة مقابل وضع “كروم” كمتصفح مفضل.
وكتب القاضي: “إن منع المدفوعات عن جوجل من شأنه أن يفرض على الأرجح أضراراً جسيمة – في بعض الحالات، معوقة – على شركاء التوزيع والأسواق ذات الصلة والمستهلكين، وهو ما يدعو إلى عدم فرض حظر واسع النطاق على المدفوعات”.
“أبل” تستفيد من الحكم القضائي
تُفضّل شركة “أبل” محرك بحث “جوجل” بمنحه أفضل موضع في شريط بحث “سفاري” على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة. ويُمكن للمستخدمين اختيار التبديل إلى “بينغ” و”داك داك غو” من “مايكروسوفت”، بالإضافة إلى خيارات أخرى.
بالنسبة لشركة “أبل”، يُحافظ الحكم على الوضع الراهن، ويسمح لها بمواصلة تلقي المدفوعات من “جوجل”، والتي تبلغ حالياً أكثر من 20 مليار دولار سنوياً.
تحصل مصنعة “أيفون” على إعفاء مُهمّ لقطاع خدماتها، الذي يتعرض بالفعل لانتقادات عالمية من الجهات التنظيمية التي تسعى لتقسيم أعمالها في متجر التطبيقات، والتي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار سنوياً. يُشير حكم القاضي إلى إمكانية استمرار هذا الوضع مع تعديلات طفيفة.
يشمل ذلك أن “أبل” ستحتاج إلى الترويج بشكل أفضل لمحركات البحث البديلة، وإجراء تغييرات على إعدادات محرك البحث الافتراضي سنوياً. كما حكم القاضي بأنه يجب أن يتمكن المستخدمون من تعيين محرك بحث افتراضي مختلف لوضع الخصوصية، وهو مطلب سبق أن عالجته الشركة قبل عدة أشهر.
بموجب الحكم، يُطلب من “جوجل” مشاركة بيانات بحث محدودة مع منافسين، قد يشملون “مايكروسوفت” و”داك داك غو”، بالإضافة إلى شركات ذكاء اصطناعي جديدة مثل “OpenAI” و”Perplexity”، لمساعدتهم على بناء محركات بحث منافسة.
اقرأ أيضاً: “بيربلكسيتي” الناشئة تربك “جوجل” بعرض 34.5 مليار دولار للاستحواذ على “كروم”
لم تستجب “جوجل” ووزارة العدل لطلبات التعليق فوراً. كما لم تستجب مايكروسوفت، و”داك داك غو”، و”أوبن إي آي”، و”أنثروبيك” و”بيربلكسيتي” لطلبات التعليق.
“جوجل” تدفع 26 مليار دولار
رُفعت القضية ضد “جوجل” في البداية خلال الأشهر الأخيرة من إدارة ترمب الأولى. بعد محاكمة استمرت 10 أسابيع في عام 2023، برعاية وزارة العدل في عهد الرئيس جو بايدن، انحاز ميهتا إلى الحكومة في أغسطس 2024. وفي قراره، قال ميهتا إن “جوجل” هيمنت بشكل غير قانوني على سوق البحث من خلال دفع أكثر من 26 مليار دولار لشركة “أبل” وشركات أخرى لجعل محرك بحثها الخيار المفضل على الهواتف الذكية ومتصفحات الويب.
كتب ميهتا في حكمه الصادر بشأن المسؤولية والمؤلف من 286 صفحة: “تحجب اتفاقيات توزيع جوجل جزءاً كبيراً من سوق خدمات البحث العامة وتعيق فرص المنافسين”. وقال إن جوجل، من خلال احتكارها للتوزيع على الهواتف والمتصفحات، تمكنت من رفع أسعار الإعلانات عبر الإنترنت باستمرار دون عواقب.
وللتعامل مع نتائج القاضي، اقترحت وزارة العدل إجبار “جوجل” على بيع متصفح الويب الشهير “كروم” ومشاركة بعض البيانات التي تجمعها لإنشاء نتائج البحث الخاصة بها. كما طلبت من ميهتا منع جوجل من دفع ثمن الإعدادات الافتراضية لمحركات البحث – وهو حظر ينطبق أيضاً على منتجات الذكاء الاصطناعي من “جوجل”، بما في ذلك “جيميني”، والتي تقول الحكومة إنها مدعومة باحتكار الشركة غير القانوني للبحث.
اقرأ التفاصيل: “جوجل” تنتقد خطة بيع “كروم” وتصفها بـ”علاج متطرف” مخالف للقانون
في جلسة الاستماع هذا الربيع، جادلت جوجل بأن مقترحات الحكومة كانت متطرفةً للغاية. وقالت الشركة إن الحلول ستضر بمستهلكي أميركا واقتصادها ومكانتها كشركة رائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا. للدفاع عن قضيتها، دعت “جوجل” الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابت”، سوندار بيتشاي، وليز ريد، رئيسة قسم بحث “جوجل”، وإيلي كولينز، نائب رئيس قسم المنتجات في “ديب مايند”، للإدلاء بشهادتيهما في المحكمة.
وقال القاضي ميهتا في حكمه إن الحكومة “بالغت في سعيها للتخارج القسري من هذه الأصول الرئيسية، والتي لم تستخدمها جوجل لفرض أي قيود غير قانونية”.
“جوجل” تواجه قضية أخرى
شهدت المحاكمة أيضاً إدلاء عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي بشهاداتهم، بمن فيهم نيك تورلي من شركة “OpenAI”، وديمتري شيفلينكو من شركة “Perplexity”، وغابرييل واينبرغ من شركة “DuckDuckGo”. وقد استدعت وزارة العدل هؤلاء الشهود لوصف ما اعتبروه ممارسات تجارية ضارة لجوجل، وكيف ستؤدي الحلول المقترحة إلى تفكيك الاحتكار.
تواجه “جوجل” احتمال تفكيك آخر في قضية ثانية لوزارة العدل تطعن في احتكارها للتكنولوجيا المستخدمة في شراء وبيع وعرض الإعلانات على الإنترنت. وقد حكمت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية ليوني برينكيما في فرجينيا لصالح الحكومة في وقت سابق من هذا العام، وستعقد جلسة استماع في سبتمبر لتحديد ما إذا كان سيتم إجبار الشركة على بيع الأدوات التي تستخدمها مواقع الويب التي تبيع مساحات إعلانية.
اقرأ التفاصيل: إجبار “جوجل” على تفكيك إمبراطورية الإعلانات بأمر القضاء
معطيات القضية: الولايات المتحدة ضد جوجل، 20-cv-3010، المحكمة الجزئية الأميركية، مقاطعة كولومبيا (واشنطن).