اخر الاخبار

حصار نفط فنزويلا يهدد نظام مادورو عبر استهداف مداخيله

قد يؤدي الحصار الكامل الجديد الذي فرضه الرئيس دونالد ترمب على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، والتي ترتاد فنزويلا دخولاً وخروجاً، إلى شلل صادرات النفط الفنزويلية، وتقويض قدرة نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على تمويل الواردات الأساسية والإيفاء بالتزاماته الأخرى.

تعتمد فنزويلا على مبيعات النفط في أكثر من 95% من إيراداتها الخارجية، وتشكل غالبية ميزانيتها العامة.

أفادت شركة النفط الحكومية “بتروليوس دي فنزويلا” (PDVSA) بتحقيق مبيعات نفطية مفوترة بلغت حوالي 1.3 مليار دولار شهرياً خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وهو ما يعادل تقريباً قيمة واردات فنزويلا من السلع.

تشير التقارير إلى أن لدى فنزويلا احتياطيات أجنبية تُقدّر بنحو 13 مليار دولار حتى نوفمبر، إلا أن تحليلات مستقلة تشير إلى أن ما يصل إلى 90% من هذا الإجمالي غير سائل أو غير متاح للنظام، ما يعني أن فنزويلا قد تواجه انهياراً في الواردات خلال أسابيع.

“شيفرون” تواصل تحميل ناقلات النفط في فنزويلا وسط التوترات

قد يؤدي تصنيف ترمب لنظام مادورو كJ”منظمة إرهابية أجنبية” إلى تشديد الخناق. فأي دعم مادي للنظام، بما في ذلك سداد الفواتير المتأخرة، قد يعرّض الأفراد والكيانات للملاحقة الجنائية الأميركية.

تصعيد أزمة ناقلات النفط

يأتي تحرك ترمب بعد احتجاز ناقلة النفط “سكيبر” الخاضعة للعقوبات الأميركية في 10 ديسمبر في المياه الدولية. لم يتضح بعد موعد سريان هذا القرار الجديد أو كيفية تنفيذه، لكن المشترين باتوا يتجنبون نفط فنزويلا.

أدى احتجاز الناقلة الأسبوع الماضي إلى فتور الإقبال على النفط الفنزويلي لدى أسطول الظل العالمي لناقلات النفط. فقد غيّرت أربع ناقلات عملاقة كانت متجهة إلى فنزويلا، من بينها ناقلات غير مدرجة حالياً على قائمة العقوبات الأميركية، مسارها بسرعة خلال الأيام القليلة الماضية.

أسعار النفط تواصل الارتفاع مع تصاعد التوترات الجيوسياسية

وأكد تحرك ترمب التقارير التي تفيد بأن الإدارة الأميركية كانت تخطط لتكرار هذه العملية. أشار المسؤولون إلى أنهم يعتزمون فرض عقوبات سريعة على أي ناقلة تحاول نقل النفط الفنزويلي خارج نطاق الاستثناءات المحدودة بموجب الترخيص العام لشركة ”شيفرون“، والتعاون مع المحاكم لمصادرة السفن.

مع وجود بحري أميركي كبير في المنطقة، وارتفاع خطر المصادرة، لا يُرجّح أن يقدم حتى أقل مشغلي أساطيل الظل التزاماً على اختبار عزيمة الولايات المتحدة والمخاطرة بفقدان سفينة.

يشكّل النفط الخام الفنزويلي حوالي 1% من الإنتاج العالمي. لكن مع وفرة المعروض في أسواق النفط، وردّة الفعل الفاترة على عملية المصادرة التي حدثت الأسبوع الماضي، يُرجّح أن الإدارة واثقة من أن إجراءاتها لن تسبب ضرراً كبيراً من خلال ارتفاع أسعار الطاقة. ارتفعت العقود المستقبلية لخام “برنت” بنحو 2% بعد إعلان ترمب، لكنها ما تزال قريبة من أدنى مستوى لها منذ عام 2021.

يُعدّ الحصار البحري، من الناحية الفنية، عملاً حربياً. لكن ما أعلنه ترمب يستهدف نوعاً محدوداً من السفن، ما يجعله نمطاً من أنماط الحجْر، وهو يختلف قانونياً عن الحصار.

مع ذلك، يبقى خطر التصعيد قائماً، لا سيما إذا حاول مادورو استخدام القوات البحرية لكسر الحصار، أو إذا تحركت الولايات المتحدة للاستيلاء على سفن راسية في المياه الفنزويلية.

ترمب يصعد ضد فنزويلا بحصار ناقلات النفط المعاقبة

في المنشور نفسه، صنّف ترمب نظام مادورو “منظمة إرهابية أجنبية”، وهو ما يتجاوز مجرد العقوبات المعيقة. وقد يواجه الأفراد والكيانات التي تقدم “دعماً مادياً” بتعريف واسع لأعضاء النظام ملاحقة جنائية أميركية، بغض النظر عن مكان إقامتهم.

كما قد تتأخر أو تُلغى الديون المستحقة أو المدفوعات الأخرى المتوقعة لفنزويلا، ما يزيد الضغط على مواردها المالية.

ربما يعقّد هذا الإجراء أيضاً ترخيص شركة ”شيفرون“ الحالي لتصدير النفط من فنزويلا. إذ يمنع على ”شيفرون“ دفع الضرائب أو العائدات نقداً، لذا تُعوَّض فنزويلا بالنفط بدلاً من ذلك. لكن حتى هذه المدفوعات العينية، واستمرار “شيفرون” في صيانة البنية التحتية النفطية، قد تُعتبر “دعماً مادياً” للنظام.

نشاط مخاطر

يبدو أن ترمب يرى في قطع عائدات النفط أسرع طريق لتغيير النظام في فنزويلا، وقد يكون محقاً. لكن مع حشر مادورو في الزاوية، ما يزال ممكناً أن تتصاعد الأمور.

يُرجّح أن يُفرض الحجر بواسطة سفن تعمل فعلاً في منطقة البحر الكاريبي. وستراقب أجهزة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع باستمرار حالة السفن المستهدفة، مدعومة بصور الأقمار الاصطناعية.

يُرجّح أن يقلل التركيز الضيق على ناقلات النفط الكبيرة من العبء مقارنة بحصار بحري كامل.

لن يكون هذا أول حصار يُفرض على فنزويلا. في عام 1902، فرضت المملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا حصاراً بحرياً على فنزويلا. ولم تتدخل الولايات المتحدة في جوارها المباشر، لاعتقادها بأن “مبدأ مونرو” الذي أصبح الآن جزءاً من رؤية ترمب، ينطبق فقط على الاستيلاء على الأراضي، وليس على التدخل.

الضغط الأميركي على فنزويلا يزيد المخاطر على شركات النفط الأجنبية

وأشار ترمب إلى أنه يخطط أيضاً لفرض الحصار على ناقلات النفط القادمة الخاضعة للعقوبات. تعتمد فنزويلا على واردات الوقود المكرر للاستهلاك المحلي، وعلى النافتا لتخفيف تركيز نفطها الخام الثقيل، ما يسمح بنقله عبر خطوط الأنابيب إلى محطات التصدير.

يضيف منع هذه الشحنات خطر تصعيد الموقف مع دول أخرى، مع أن إدارة ترمب على الأرجح ترى أن وقف الصادرات كافٍ لتحقيق أهدافها.

ويُرجّح أن هذه العملية لن تصل إلى حد الحصار الفعلي، الذي من شأنه إغلاق المجال الجوي والمياه.

بدلاً من ذلك، قد يتطور الأمر إلى حجر “غير محكم”، بحيث تختار السفن تجنب المنطقة. أما حركة الطيران التجاري فوق فنزويلا فهي متدنية فعلاً، ويعود ذلك جزئياً إلى تهديدات ترمب السابقة بإغلاق المجال الجوي. قد تكون النتيجة شبيهة بحجر أوسع يشمل الجو والبحر، حتى بلا تطبيق صارم من جانب الولايات المتحدة.

مع استمرار الضربات على السفن الصغيرة التي تقول الولايات المتحدة إنها مشغلة من قبل مهربي مخدرات، ومع محدودية خيارات مادورو وعدم رغبته في التنحي، يبقى خطر التصعيد غير المقصود قائماً.

أحد المسارات المحتملة يتمثل في استخدام مادورو أسطوله البحري المحدود لمرافقة ناقلات النفط في محاولة لاختبار عزيمة ترمب.

بعد مادورو يأتي الجزء الأصعب.. إصلاح اقتصاد فنزويلا

أما المسار الآخر، فيتمثل في تحرك الولايات المتحدة للاستيلاء على ناقلات النفط الراسية في المياه الفنزويلية، وهو احتمال يدّعي البعض في الإدارة أنه مطروح على الطاولة، إذ يمكن لقوات مادورو الاشتباك مع الولايات المتحدة بشكل أكثر فعالية.

إن الولايات المتحدة تتفوق على فنزويلا عسكرياً بفارق كبير، ما يعني أن أي نزاع يُرجّح أن يكون غير متكافئ وقصير الأجل، لكن تدمير القدرة العسكرية لفنزويلا يمكن أن يقوّض أيضاً استقرار البلاد في سيناريو ما بعد مادورو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *