توقف منشأة روسية لتصنيع محطات الغاز المسال تحت ضغط العقوبات
يبدو أن النشاط قد تراجع في المكان الوحيد في روسيا لتصنيع وحدات الغاز الطبيعي المسال، ما يُعد إشارة أخرى على كيفية إحباط العقوبات الغربية طموح موسكو في أن تصبح من أكبر اللاعبين في هذه السوق الرئيسية للطاقة.
قد يكون العمل توقف بشكل كبير في المنشأة التابعة لشركة “نوفاتك” (Novatek) في منطقة بلوكامنكا المطلة على بحر بارنتس، والتي يُطلق عليها لقب “منشأة صنع محطات الغاز المسال”، حيث تراجعت شدة الإضاءة الليلية فيها خلال أواخر أكتوبر وأوائل نوفمبر لأدنى مستوى منذ 2019، بحسب بيانات رصد الأقمار الصناعية التي جمعها وحللها “الفريق المعني برصد الأرض” (Earth Observation Group) بمعهد باين للسياسة العامة في كولورادو.
كان هدف المنشأة أن تتحول إلى مركز فريد للتجميع المحلي لما يُطلق عليها اسم “محطات الإسالة”، وهي منشآت معالجة معيارية بمقدورها تحويل الغاز إلى صورة سائلة عبر التبريد الفائق. لكن بعد تصنيع محطتي إسالة لمشروع “أركتيك إل إن جي 2″، أحدث منشآت التصدير في روسيا، لا توجد أي إشارة على الحاجة لزيادة القدرة الإنتاجية للمنشأة في المستقبل القريب.
ضغط العقوبات الغربية
يُعزى ذلك إلى الجهود الأميركية والأوروبية التي تهدف إلى تقييد إيرادات موسكو من الطاقة بعد غزو أوكرانيا، حيث فرضت القوى الغربية عقوبات على “نوفاتك”، وكل مشروعات الغاز المسال المستقبلية التابعة لها، بما يشمل منشآت التصنيع، وإعادة الشحن، والناقلات.
“انخفاض متوسط بريق الإضاءة الكهربائية في المنشأة بنسبة 75% مقارنة بالفترة ما بين عامي 2021 و2023 يشير إلى تراجع حاد في النشاط الصناعي في بلوكامنكا”، بحسب دكتور ميخائيل جيجين، الباحث في الفريق المعني برصد الأرض الذي تمتد خبرته لسنوات في مجال البرمجة العلمية لنظام الاستشعار عن بعد للجانب الليلي من الأرض.
لم ترد “نوفاتك” على طلب “بلومبرغ” التعليق على مستوى النشاط الحالي في بلوكامنكا.
وقف عمليات المنشأة حتى 2026
خطرت لـ”نوفاتك” فكرة تجميع منشآت الغاز المسال في أحوال جوية أكثر اعتدالاً قرب ميناء مورمانسك، بدلاً من تصنيعها من البداية في طقس القطب الشمالي القاسي. وأنتجت ورشة التصنيع في بلوكامنكا أول محطتي إسالة لمشروع “أركتيك إل إن جي 2″، كل منها مكونة من 14 وحدة مثبتة على منصة بحرية عملاقة بالاعتماد على الجاذبية.
قُطرت المحطتان بعد إنجازهما، واحدة في يوليو 2023 والأخرى في هذا العام، لمسافة تقارب 2778 كيلومتراً (1500 ميل بحري) عبر طريق بحر الشمال باستخدام أسطول صغير من القاطرات، ورسيتا في شبه جزيرة غيدان، في رحلة استمرت نحو 3 أسابيع.
تم تركيب المحطتين بنجاح في “أركتيك إل إن جي 2″، وبدأت إحداهما إنتاج الغاز المسال حتى النصف الأول من أكتوبر الماضي، عندما أفضت العقوبات الغربية إلى تعقيد عمليتي الشحن والبيع، وإيقاف العمل بشكل كبير في المنشأة. ولا تزال هناك محطة ثالثة في بلوكامنكا، وإن لم يُصنع إلا جزء منها فقط، بحسب ما توضحه صور الأقمار الصناعية. بينما كشفت صحيفة “آر بي سي” الروسية في أغسطس أن “نوفاتك” تدرس وقف العمليات في بلوكامنكا طوال 2025 وحتى مطلع 2026.
تأجيل مشروعات أخرى
ترصد الأقمار الصناعية الإضاءة الليلية على سطح الأرض في جميع أنحاء العالم منذ السبعينيات، فيما تُعد البيانات المؤكدة مؤشراً على الأنشطة المحلية الفعلية، وتستخدم في تقدير التطورات الصناعية، أو حركة السكان، أو الأنشطة الاقتصادية في المناطق والدول. وتقدم هذه التقنية بيانات تفصيلية دقيقة بالقدر الكافي لتقييم أداء منشآت بعينها، مثل ورش تقطيع الأخشاب في كولومبيا البريطانية.
بلغت شدة الإضاءة في ورشة التصنيع التابعة لـ”نوفاتك” لأعلى مستوياتها من 2022 إلى 2023، ما تزامن مع فترة تصنيع المنشأة لمحطتي الإسالة لـ”أركتيك إل إن جي 2″، بحسب بيانات معهد باين. بينما يشير خفوت الإضاءة بعدها في بلوكامنكا إلى توقف الإنتاج مؤقتاً في المنشأة، ما يعرقل هدف روسيا الرامي إلى الاستحواذ على حصة نحو 20% من سوق الغاز المسال العالمية خلال العقد المقبل.
لفتت لورا بيج، محلل الغاز الطبيعي والغاز المسال في شركة “كبلر” (Kpler) للبحوث، إلى أنه كان مقرراً أن تستخدم مشروعات الغاز المسال المستقبلية في روسيا مركز التصنيع في بلوكامنكا للتجميع المسبق للوحدات، لكن وقف النشاط في المنشأة يشير إلى إرجاء تنفيذ هذه المشروعات التي تعدها روسيا عنصراً حيوياً في تحقيق هدف بلوغ القدرة التصديرية للغاز المسال 100 مليون طن سنوياً بحلول 2030.