توقعات بخفض الفيدرالي للفائدة تزداد بعد تقرير بيانات توظيف ضعيفة

أظهرت بيانات التوظيف المخيبة للآمال الصادرة يوم الجمعة أن سوق العمل الأميركية قد تكون على شفا الركود، ما عزز توقعات الأسواق لحجم الخفض الذي قد يجريه بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة العام الجاري.
بات يتوقع المستثمرون بقوة خفضاً بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي يومي 16 و17 سبتمبر، كما زادوا رهاناتهم على أن يصل إجمالي خفض أسعار الفائدة العام الجاري إلى ثلاث مرات، وفقاً لعقود العقود المستقبلية.
وقال بعض المراقبين إن ضُعف بيانات التوظيف قد يدفع المسؤولين إلى التفكير في خفض أكبر من المعتاد بمقدار نصف نقطة الشهر الحالي، رغم أن بيانات التضخم المنتظر صدورها الأسبوع المقبل قد تحد من تلك التوقعات.
قالت ديان سونك، كبيرة خبراء الاقتصاد لدى “كيه بي إم جي” (KPMG): لا شك أنهم سيخفضون الفائدة ربع نقطة مئوية. هذه الأرقام تؤكد أن التصدعات في سوق العمل تتسع، وهذا أمر مقلق”.
بيانات التوظيف الضعيفة
جاء هذا التفاعل بعد أن أعلن مكتب إحصاءات العمل أن أرباب العمل أضافوا 22 ألف وظيفة فقط في أغسطس الماضي، فيما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%. أظهرت المراجعات هبوط الوظائف في يونيو للمرة الأولى منذ ديسمبر 2020، ما رسخ توقعات بأن مسؤولي السياسة النقدية سيتدخلون الشهر الجاري لدعم سوق العمل، رغم بقاء التضخم في الولايات المتحدة فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% واحتمال ارتفاعه بفعل الرسوم الجمركية.
اقرأ المزيد: أبرز 5 استنتاجات من تقرير الوظائف الأميركية في أغسطس
من المُقرر أن يعود بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للاجتماع مرتين أخريين في 2025، يومي 28 و29 أكتوبر المقبل، ثم يومي 9 و10 ديسمبر المقبل.
حتى قبل صدور التقرير الأخير عن الوظائف، كان التباطؤ الكبير في نمو التوظيف خلال صيف العام الحالي دفع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومسؤولين آخرين للتصريح بأن كفة المخاطر باتت تميل بعيداً عن التضخم باتجاه البطالة في الولايات المتحدة.
وألمح باول في خطابه يوم 22 أغسطس المنصرم في جاكسون هول بولاية وايومنغ إلى خفض مقبل لأسعار الفائدة. في اليوم التالي، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، إنه سيكون من المناسب خفض الفائدة “مع مرور الوقت”، مشيراً أيضاً إلى تغير موازين المخاطر.
أوضح جورج كاترومبون، رئيس وحدة الدخل الثابت في “دي دبليو إس أميركاس” (DWS Americas): لم يعد بالإمكان تجاهل ضعف بيانات الوظائف أو اعتباره حدثاً عابراً”.
لكن المسؤولين المستعدين لخفض الفائدة قد يواجهون نقاشاً ساخناً في اجتماعهم المقبل، إذ عبر بعضهم مثل رئيسة فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند بيث هاماكس ورئيس فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي جيف شمد، عن قلقهم من أن الرسوم الجمركية وغيرها من السياسات قد تعيد إشعال الضغوط التضخمية.
ضعف سوق العمل وتضخم أعلى
يأتي تحرك مهمتي بنك الاحتياطي الفيدرالي في اتجاهين متباعدين –بين سوق عمل آخذة في التراجع وتضخم ما زال فوق 2%– ليمثل سيناريو مقلقاً لصانعي السياسة النقدية، لكنه أيضاً أمر توقعوه قبل أشهر قليلة.
محضر الاحتياطي الفيدرالي: مخاطر التضخم تفوق مخاوف سوق العمل.. تفاصيل أكثر هنا
في يونيو، آخر مرة أصدر فيها الاحتياطي الفيدرالي توقعاته الاقتصادية، قدر المسؤولون ارتفاع البطالة وبقاء التضخم في الولايات المتحدة عند نحو 3%. أشاروا آنذاك إلى أن الوضع يستدعي خفضين للفائدة العام الحالي، وفقاً للتوقع الأوسط لـ19 من صناع القرار.
ما جرى منذ ذلك الحين -وهو ما يتطابق تقريباً مع توقعاتهم باستثناء النمو الأقوى قليلاً- يعزز الاعتقاد بضرورة الالتزام بالخطة نفسها، بحسب بريت ريان، كبير خبراء الاقتصاد الأميركيين في “دويتشه بنك”، الذي قال: “هذا هو الأساس الذي يستندون إليه حالياً. قد تكون تراجع توقعاتك للنمو والتضخم بالزيادة، لكن معدل البطالة في الولايات المتحدة يبقى دون تغيير، فلماذا تزيد خفض الفائدة في ظل هذه الظروف؟”
لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه شهد تغييرات منذ يونيو الماضي. في اجتماع يوليو الماضي، حين أبقى المسؤولون أسعار الفائدة دون تغيير، اعترض اثنان من الأعضاء لصالح خفضها. ومع وجود مقعد شاغر في مجلس محافظي البنك وتسريع إجراءات التصديق على مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لملئه، ستزداد فرص دعم نهج أسرع في خفض الفائدة. علماً أن الرئيس دعا مراراً إلى خفض سريع وحاد للفائدة.
اختار ترمب ستيفن ميران لملء المقعد الشاغر في مجلس المحافظين، ويتوقع بعض المراقبين أن يدفع نحو خفض بمقدار نصف نقطة إذا صادق مجلس الشيوخ على تعيينه قبل اجتماع 16-17 سبتمبر الجاري.
توقعات “مورغان ستانلي”
رغم ذلك، يرى كثير من المراقبين أن ضعف تقرير التوظيف قد لا يكون كافياً لإقناع بقية اللجنة.
بيل ددلي: لم يكن يؤرقني حال الاحتياطي الفيدرالي.. لكنني قلق الآن
ذكر مايكل غابن، كبير خبراء الاقتصاد الأميركيين في بنك “مورغان ستانلي”: لا أعتقد أن ذلك يستدعي خفضاً بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر الحالي، لكن يمكن القول إن الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج للتحرك بشكل متتابع ويخفض ربع نقطة في كل اجتماع، بدلاً من خفض ربع نقطة كل فترة ربع سنوية”.