توقعات بارتفاع أسهم البنوك الأميركية بدعم صناديق التحوط
حققت أسهم البنوك الأميركية أداء مميزاً في العام الجاري، بكل المقاييس تقريباً. وبالنسبة للعديد من أكثر المراقبين احتراماً في القطاع، فإن الأفضل لم يأت بعد.
يقول مايك مايو، المحلل لدى “ويلز فارغو آند كو”، إن صافي دخل الفائدة قد يرتفع إلى مستوى قياسي في عام 2025. ويقول جيسون جولدبرغ من “باركليز بي إل سي” إن نمو ربحية السهم سيرتفع بمعدل في خانة العشرات تقريباً على مدى العامين المقبلين. وهما ليسا الوحيدين المتفائلين.
تدفقت صناديق التحوط لشراء أسهم الشركات المالية في الربع الثالث، مما عزز انكشافها لأكثر من 340 مليار دولار، بزيادة 50% عن ثلاثة أشهر فقط قبل ذلك، وفقاً لبيانات “13 إف” (13F) التي جمعتها “بلومبرغ”. في غضون ذلك، يتوقع مراقبو السوق أن تستمر معظم المحركات التي غذت ارتفاع أسهم البنوك بنسبة تزيد عن 33% هذا العام -متجاوزة كلاً من مؤشري “إس آند بي 500” و”ناسداك “100 الزاخر بشركات التكنولوجيا- في أن تكون عاملاً مواتياً في الأشهر المقبلة. ويشمل ذلك انتعاش نشاط أسواق رأس المال ونمو القروض.
إدارة ترمب ستدعم البنوك
إذا تحققت التوقعات بموجة من تخفيف القواعد التنظيمية وخفض الضرائب في ظل إدارة ترمب القادمة، يقول كثيرون إن أسهم البنوك سيكون لديها مساحة أكبر بكثير للتحرك، حتى إذا أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعاً.
وقال مايو إن وول ستريت عند نقطة تحول فيما يتعلق بكل شيء يخص “البنوك التقليدية من الإيرادات إلى الودائع، والقروض، وأسواق رأس المال، والرافعة التشغيلية، ونمو ربحية السهم، وتخفيف العبء التنظيمي. وتحدث هذه التحولات كلها في نفس الوقت”.
أدى بعض التفاؤل بأن البنوك ستستفيد من تخفيف القيود التنظيمية -بما في ذلك احتمال تبسيط قواعد رأس المال- إلى ارتفاع أسعار الأسهم بعد انتخابات نوفمبر. لكن هذا التفاؤل حد منه المخاوف بشأن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس المنتخب دونالد ترمب، والتي قد تتسبب في تحولات سياسية واقتصادية يتعين على المسؤولين التنفيذيين في البنوك التعامل معها.
كتب محللو “جيه بي مورجان تشيس آند كو” بقيادة فيفيك جونيجا في توقعاتهم للبنوك الكبيرة لعام 2025: “نتوقع أن يتسم عام 2025 بالتقلب وأن تنقسم السنة إلى نصفين (من حيث الأداء)”. ويرون إمكانية “استمرار التقلبات في الأمد القريب بسبب عدم اليقين المتعلق بتغييرات السياسات، ولكن احتمال صدور قرار مواتٍ لمتطلبات رأس المال قد يكون إيجابياً” على المدى الأطول.
شركات تعزز حيازاتها من البنوك
على الرغم من إمكانية التقلب، فقد اجتذبت البنوك الاهتمام في مجالات رئيسية من السوق، حيث يأمل المستثمرون في الاستفادة من أي إعفاء تنظيمي قد تجلبه إدارة ترمب.
وبالإضافة إلى صناديق التحوط، التي عززت مخصصاتها لأسهم القطاع المالي إلى 13.4% من الإجمالي في الربع الأخير، أضاف مكتب “دوكين” (Duquesne) العائلي التابع لـ”ستانلي دراكنميلر” (Stanley Druckenmiller) ما يقرب من عشرة بنوك أميركية إلى محفظته، بما في ذلك “سيتي غروب” والبنك الإقليمي “كي كورب” (KeyCorp).
غير هذا، زاد مكتب عائلة “جورج سوروس” في السابق مخصصاته لشركة فيرست سيتيزينز بانكشيرز (First Citizens BancShares)؛ وأضافت “سيركانو مانجمنت” (Cercano Management) “جيه بي مورغان” و”بنك أوف أميركا”، بينما اشترت “آيكونيك كابيتال” (Iconiq Capital)، وهي مكتب متعدد العائلات في وادي السيليكون وشركة ثروات، حصصاً في عدد من البنوك الأميركية.
لم يتسم العام الماضي بالسهولة دائماً، وفي بعض الأحيان، تزامن التحسن مع الأرباح المخيبة للآمال والتراجعات الملحوظة. في يوليو، هبطت أسهم “ويلز فارغو” بأكبر وتيرة في ثلاث سنوات بعد أن أعلن البنك عن صافي دخل للفائدة يقل عن التوقعات، في حين تراجعت أسهم “سيتي غروب” مع التركيز على النفقات، وهبطت أسهم “جيه بي مورغان” بعدما أخفقت توقعات البنك الاسترشادية في إثارة إعجاب المستثمرين. وبحلول أكتوبر، بعد أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، كان الوضع مختلفاً، على الرغم من أن تخفيضات أسعار الفائدة لم تؤثر على تلك الأرباح.
كتب جولدبرغ من “باركليز” في مذكرة أعقبت النتائج: “كانت النتائج أفضل من المتوقع بوجه عام تقريباً، وتحركت أسعار الأسهم استجابة لذلك”.
القطاع المالي في المرتبة الأولى
في مذكرة حديثة عن البنوك، يقول المحللون في “ويلز فارغو” إن المحرك الرئيس لتحقيق أرباح أفضل هو عودة صافي هامش الفائدة إلى مستوياته الطبيعية في فترة مطولة، تكون فيها أسعار الفائدة أعلى من الصفر. ووفقاً لتقرير “ويلز فارغو”، سيصبح تأثير قيمة الودائع أكثر بروزاً مع بقاء أسعار الفائدة أعلى. ويفترض سيناريو الصعود لديهم أن صافي دخل الفائدة سيصل إلى قرب مستوى قياسي في عام 2025، ويقدرون أنه أسعار فائدة بنسبة 5%، فإن قيمة الودائع ستكون أربعة أضعاف ما كانت عليه عندما كانت معدلات الفائدة تبلغ 1%.
في الوقت نفسه، يضع المحللون في “ستراتيجاس” (Strategas) القطاع المالي في المرتبة الأولى في تصنيفاتهم للقطاعات من الناحية الفنية، لكل من الشركات ذات رأس المال الكبير والصغير، وذلك بفضل الاتجاهات الأساسية القوية، والقيادة، والزخم. وفي غياب الردع بسبب التراجعات، يقول المحلل تود سون إنهم يميلون إلى رؤية المراحل التصحيحية باعتبارها “فرصة لإضافة مراكز انكشاف دائنة عندما يحل القطاع في المستوى الأعلى، ويظنون في أن هذا قد ينطبق على الشركات المالية مع اقتراب 2025”.
تشكيك في أداء البنوك
لكن ليس الجميع متفائلين بشأن البنوك. كان سوريانش شارما من “مورنينغ ستار” هو المحلل الوحيد الذي أصدر توصية “بيع” لأسهم “غولدمان ساكس غروب” و”بنك أوف أميركا” و”ويلز فارغو”. وهو يحذر من أن التوقعات بشأن الأرباح متفائلة للغاية مما يجعل الأسهم عرضة للتأثر بأي مفاجأة سلبية.
وقال شارما: “إشارة الخطر الكبير تكون عندما يتم تسعير الأسهم على أنها مثالية. لذا عندما يحدث أي شيء سيئ، فإننا نقوم بإعادة التصنيف”.
ويتفق معظم المحللين على أن نجاح أو فشل البنوك والمؤسسات المالية في عام 2025 يتأثر بشدة بالوضع العام للاقتصاد الأميركي. ويقول مايو محذراً: “إذا حدث ركود، فإن كل الرهانات ستكون خاسرة. وسيأتي بيع الأسهم أولاً وطرح الأسئلة لاحقاً”.
جاء اختبار الواقعية من بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه في منتصف ديسمبر، عندما قلص المسؤولون توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة في عام 2025. فقد انخفضت أسهم البنوك بشكل كبير، وفقدت المكاسب التي حققتها بعد الانتخابات تقريباً، وتراجع مؤشر “كيه بي دبليو بنك”(KBW Bank Index) بنسبة 4.3% بينما هبط المؤشر الإقليمي الزميل له 5.3%.
البنوك انعكاس للاقتصاد
يرى معظم مراقبي السوق، مثل مارك لوشيني، كبير استراتيجيي الاستثمار في “جاني مونتغمري سكوت” Janney) Montgomery Scott) أن التراجع العام للسوق كان “رد فعل انفعالي” و”مبالغاً فيه”. وفي ظل أنه يُنظر إلى البنوك غالباً على أنها انعكاس للاقتصاد، فإن تحركاتها تميل إلى المبالغة.
ويشير جولدبرغ من “باركليز” إلى أنه في حين تعود الانفعالات الطبيعية للتأثير على التعاملات، فإن أي سياسات جديدة سوف تستغرق وقتاً حتى يترسخ تأثيرها. وفي حين يُتوقع أن تتضمن نتائج الأعمال في يناير ارتفاعاً في الإيرادات والرافعة التشغيلية، وعمليات إعادة شراء قوية للأسهم، وجودة ائتمان مستقرة، إلا أنه يشير إلى أن السياسات المواتية للبنوك لن تُطبق إلا بعد تنصيب ترمب في نهاية يناير.
وقال جولدبرغ: “من المؤكد أن اهتمام المستثمرين قد انتعش بعد الانتخابات، ولكن هناك بعض التردد نظراً لعدم اليقين بشأن توقيت وسياسات الإدارة”.
في الوقت نفسه، يظل مايو متفائلاً، متوقعاً حدوث تحول جذري في طريقة نظر المستثمرين لحيازاتهم في البنوك. وبحسب مايو، فإن نهج الارتباط المرن قصير الأمد الذي يميل المستثمرون إلى تبنيه تجاه أسهم البنوك سيستمر مع حلول نهاية العام.
“لكن الوضوح والثقة في سلسلة من السنوات القادمة التي ستشهد أرباحاً أعلى من المرجح أن تدفع المزيد من المستثمرين إلى الالتزام تجاه أسهم البنوك والاحتفاظ بها لسنوات عديدة قادمة”.