توزيعات الأرباح القياسية للشركات في الصين تعصف باليوان
أدت الحملة الطموح التي تنفذها الصين لإنعاش سوق الأسهم المتعثرة في أن يصبح اليوان ضحية غير مقصودة، إذ أدت توزيعات الأرباح القياسية للشركات إلى تدفقات خارجة من العملة.
يُنتظر أن تصل الأرباح المرحلية التي تدفعها الشركات الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ إلى 12.9 مليار دولار بين يناير ومارس، وهو مستوى قياسي للربع الأول، وفقا لبيانات جمعتها “بلومبرغ”. يأتي ذلك في الوقت الذي تجاوزت فيه مستويات الأرباح الموزعة في الربع الأخير بالفعل 16.2 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق لتلك الفترة وبزيادة 47% مقارنة بالعام الماضي.
تعزز الأرباح الوفيرة الضغوط على اليوان الصيني الذي يثقل كاهله بالفعل تجدد قوة الدولار واحتمال تنامي التوترات بين الولايات المتحدة والصين. تسدد الشركات في الغالب أرباحها بدولار هونغ كونغ، ولكنها تجني غالبية إيراداتها باليوان، الأمر الذي يتطلب التحويل بين العملتين.
تدفقات خارجة تختبر قدرة بكين
يُتوقع أن تختبر التدفقات الخارجة الوشيكة قدرة بكين على تحقيق استقرار السوق على المدى القصير دون المساس بالأهداف الأطول أجلاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. يشكل هذا أهمية بشكل خاص في الوقت الذي يكثف فيه صانعو السياسات أيضاً جهودهم للدفاع عن العملة التي تحوم حالياً بالقرب من أدنى مستوياتها في عام واحد.
“الطلب المتزايد من العملاء على العملة الأجنبية يمكن ربطة في الغالب بتدفقات الأرباح النقدية، حيث تقدم العديد من الشركات المدرجة في هونغ كونغ أرباحاً مؤقتة”، وفقاً لما قاله شينغ تشاوبنغ، خبير استراتيجي أول لدى “أستراليا آند نيوزيلاند بانكيج غروب” (Australia & New Zealand Banking Group). وأضاف أن “الزيادة في كل من تكرار وقيمة الأرباح الصافية ستستمر في فرض ضغوط، حيث تقوم الشركات بتحويل الأموال إلى عملات أخرى من أجل تسوية المدفوعات”.
تعكف الشركات الصينية على تعزيز توزيعات الأرباح النقدية للمستثمرين منذ كشفت السلطات عن خطة غير متكررة إلى حد كبير لإصلاح سوق رأس المال في أبريل. شمل ذلك تشجيع توزيع الأرباح، وتحسين جودة عمليات الإدراج وتحسين حوكمة الشركات. أطلقت هذه الخطة موجة من الصعود لأسهم الشركات المملوكة للدولة، والعديد منها مدرج بشكل مزدوج في هونغ كونغ، وهي من بين أكثر الشركات استجابة لدعوة بكين لتعزيز عوائد المساهمين.
رقم قياسي لتوزيعات أرباح الشركات
في ظل توزيعات أرباح غير مسبوقة بقيمة 118 مليار دولار جرى سدادها في عام 2024، من المتوقع أن تصل المدفوعات المرحلية من الشركات المدرجة في مؤشر “هانغ سنغ للكيانات الصينية المركزية المملوكة للدولة” (Hang Seng China Central SOEs Index) إلى إجمالي قياسي يبلغ 9.7 مليار دولار في الربع الأول أيضاً. ومن بين تلك الشركات، تستعد شركة “تشاينا كونستراكشون بنك” (China Construction Bank Corp) لتوزيع 6.5 مليار دولار -وهي أول توزيعات مؤقتة لها منذ عام 2008- في أواخر يناير.
يُمثل التوزيع المرحلي الضخم لشركة “تشاينا موبايل” (China Mobile Ltd) البالغ 6.9 مليار دولار في سبتمبر زيادة بنسبة 7% عن نفس الفترة من العام الماضي. كما وزعت شركة “سي إن أو أو سي” (CNOOC Ltd)، وهي أيضاً مفضلة لدى المستثمرين بسبب توزيعاتها الضخمة، أرباحاً مؤقتة تزيد بأكثر من 26% تقريباً على أساس سنوي في عام 2024، وفقاً للبيانات التي جمعتها “بلومبرغ”.
كان شراء أسهم الشركات المملوكة للدولة من أكثر التداولات زخماً هذا العام حتى أواخر سبتمبر، عندما ألهمت حملة التحفيز التي قادها البنك المركزي انتعاشاً أوسع نطاقاً فقد زخمه منذ ذلك الحين. ارتفع مؤشر “هانغ سنغ” لأسهم الشركات المملوكة للدولة بنسبة 23% منذ بداية العام، متفوقاً على مكاسب بنسبة 16% في مؤشر “سي إس آي 300” (CSI 300) القياسي الأوسع نطاقاً للداخل الصيني.
تشديد على أهمية التوزيعات الصينية
على الرغم من مدفوعات الأرباح الكبيرة في الربع الأخير، فإن المبلغ بالدولار صغير مقارنة بالربع الثالث، عندما يتم عادةً صرف توزيعات الأرباح لعام كامل. هذا العام، بلغت القيمة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر 74 مليار دولار.
منذ ذلك الحين، شدد مسؤولو الجهات التنظيمية على أهمية قيام الشركات بتعزيز توزيعاتها النقدية، بمزيد من التكرار والوضوح، كجزء أساسي من تعزيز عوائد المساهمين. يمكن أن يتحول هذا التشجيع إلى فرصة لأولئك الذين يتوقعون المزيد من المكاسب لسوق الأسهم، حتى لو تحولت إلى سلاح ذو حدين لليوان.
قال لي شيا، كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بآسيا لدى “بي بي في إيه” (BBVA) “من المستبعد أن يؤدي ضغط انخفاض قيمة اليوان قرب نهاية كل عام إلى تغيير اتجاه زيادة التوزيعات من الشركات المملوكة للدولة.. قد يجري استخدام خطوات مثل توجيه تدفقات الدولار لدعم العملة في مواجهة مثل هذا الضغط”.