اخر الاخبار

تقلبات في وول ستريت بسبب اضطرابات السندات ومخاوف التضخم

شهدت مؤشرات وول ستريت تقلبات ملحوظة، حيث تأثرت الأسهم سلباً بارتفاع عوائد السندات، ما زاد من القلق بشأن استمرار الضغوط التضخمية.

تعرّضت مؤشرات الأسهم لضغوط كبيرة مع تفاقم عمليات بيع في أكبر سوق للسندات بالعالم، وسط تكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة قبل يوليو، بسبب مخاطر التضخم.

بعد موجة ارتفاع مؤخراً، فقدت الأسهم زخمها يوم الثلاثاء، بضغط من تقرير أظهر أن مؤشر الأسعار في قطاع الخدمات الأميركي بلغ أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2023. وشكلت عمليات بيع في أسهم التكنولوجيا الكبرى عبئاً على التداول في وول ستريت، حيث انخفض مؤشر “إس أند بي 500” بأكثر من 1%، بينما تراجع مؤشر “ناسداك 100” بما يقارب ضعف هذا الرقم. وتراجعت أسهم شركة “إنفيديا” بنسبة 6.2%.

كما انخفضت سندات الخزانة عبر المنحنى، مع تسجيل عوائد أعلى لسندات ذات أجل الـ10 سنوات، التي بلغت أعلى مستوى لها منذ عام 2007، خلال عملية بيع بقيمة 39 مليار دولار. وتعرضت السوق لضغوط إضافية بسبب موجة من إصدارات السندات ذات الدرجة الاستثمارية.

تأثير ارتفاع العوائد

قال كيني بولكاري من شركة “سلات ستون ويلث” (SlateStone Wealth): “ارتفاع العوائد ليس بالضرورة مشكلة بالنسبة للأسهم، إلا إذا بدأت الأساسيات الاقتصادية بالفشل، حينها، تصبح جميع الرهانات غير مجدية”. وأضاف: “لكن العوائد المرتفعة ستشكل مشكلة إذا عاد التضخم للظهور بشكل كبير”.

بالنسبة لمارك ستريبر من “إف إتش إن فاينانشيال” (FHN Financial)، يدعم تقرير الخدمات الأميركي الأخير تصريحات الاحتياطي الفيدرالي بأن تخفيضات أسعار الفائدة ستتباطأ على الأرجح في عام 2025 بسبب مخاطر ارتفاع الأسعار. وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، إن على المسؤولين توخي الحذر نظراص للتقدم غير المتكافئ في خفض التضخم.

وقال بيل آدامز من “كوميريكا بنك” (Comerica Bank: “من المرجح أن يتحول الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة عند كل قرار، كما حدث بين سبتمبر وديسمبر، إلى التوقف المؤقت بين التخفيضات في عام 2025”.

وأظهرت بيانات منفصلة الثلاثاء ارتفاع الوظائف الشاغرة إلى أعلى مستوى لها في ستة أشهر خلال نوفمبر، مدعومة بقفزة في الخدمات التجارية، بينما أظهرت صناعات أخرى طلباً متبايناً على العمال.

انخفض مؤشر “إس آند بي 500” لفترة وجيزة إلى أقل من 5900 نقطة. وهبط مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.8%. كما تراجع مؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 0.4%. وتراجع مؤشر “العظماء السبعة” (ميتا، مايكروسوفت، أبل، إنفيديا، ألفابت، تسلا، أمازون) للشركات الكبرى بنسبة 2.5%. وانخفض مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة بنسبة 0.7%.

بيانات قوية وسلبية

صعد العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ست نقاط أساس إلى 4.69%. وفي المملكة المتحدة، وصلت عوائد السندات لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1998، مما يثير احتمالات زيادة الضرائب لتلبية القواعد المالية. وانخفضت عملة “بتكوين” إلى أقل من 100 ألف دولار.

مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة مرة أخرى، يتوقع استراتيجيون في “بنك أوف أميركا” أن يعود المتداولون إلى اعتبار البيانات الاقتصادية القوية سلبية، لأنها تشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

وقال فريق بقيادة أوهسونغ كوون: “تتلاشى مخاوف النمو مع تحول التضخم وأسعار الفائدة إلى محور الاهتمام الأكبر”.

أظهرت تداولات المقايضات، التي كانت حتى أواخر سبتمبر تتوقع بشكل كامل خفضاً إضافياً لأسعار الفائدة من الفيدرالي بحلول مارس، أن التوقعات لم تعد تشير إلى خفض حتى النصف الثاني من العام.

يمكن رؤية أحد المؤشرات الأخرى للقلق في سوق السندات عبر مقياس يُعرف باسم علاوة الأجل (Term Premium)، وهو العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بسندات طويلة الأجل بدلاً من تدوير الأوراق المالية قصيرة الأجل عند استحقاقها. وقد وصل هذا المقياس مؤخراً إلى أعلى مستوى له منذ عام 2015.

كما أن المستثمرين في الأسهم قد يعانون إذا ظلت عوائد سندات الخزانة مرتفعة، حيث ستضطر الشركات إلى مواجهة تكاليف اقتراض مرتفعة بشكل مستمر، وفقاً لتورستن سلك من “أبولو غلوبال”.

وترى لورين غودوين من “نيويورك لايف إنفستمنتس” أنه بسبب التوقعات الإيجابية للنمو، ما لم نشهد صدمة في التوظيف أو التضخم، ينبغي للمستثمرين منح السوق بعض التفاؤل أو الثقة.

وأضافت: “رؤيتنا الأساسية للاقتصاد الأميركي بناءة – نتوقع أن يكون النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة قريباً من الاتجاه طويل الأجل البالغ 2% لهذا العام، ولكن هذا يشير، مع ذلك، إلى تباطؤ طفيف خلال العام”.

وتابعت: “انعكاس التضخم سيتطلب صدمة سياسة، وهو أمر سيظل مصدر قلق للأسواق، ولكنه لا يمكن التنبؤ به بدقة”.

الأصول طويلة الأجل

في الوقت الحالي، تقول غودوين إن الاستثمار في الأصول طويلة الأجل ليس خيارها المفضل لتحمل المخاطر.

في رأيها فإن “عوائد السوق تستمر في الارتفاع حتى مع تخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس”، وأشارت إلى أن “هذا أمر غير معتاد للغاية، لأن الهبوط السلس نادر الحدوث، ولأن زيادة الإنفاق الحكومي وعوائد السندات العالمية تغير توازن العرض والطلب على الديون الأميركية”.

تُقدر غودوين أن النطاق المعقول لعائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات هذا العام سيكون “نطاقاً أوسع من المعتاد” بين 3.5% و5.1%. وأوضحت أن هذا النطاق “لا يشجع على اتخاذ مواقف جريئة في أسعار الفائدة”.

ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بأكثر من نقطة مئوية واحدة منذ إغلاقه في اليوم السابق لأول خفض لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في منتصف سبتمبر، وفقاً لاستراتيجيي مجموعة “بيسبوك إنفستمنت” (Bespoke Investment Group)، وأشاروا إلى أن المستويات الحالية قريبة من منطقة “رخيصة للغاية” باستخدام نموذج القيمة العادلة الخاص بالشركة.

وقالت “بيسبوك”: “لقد أصبحت صناديق الاستثمار المتداولة في السندات في حالة بيع مفرطة مرة أخرى، وفي الأجل القريب نفضل أن نكون في موقع شراء بدلاً من البيع”.

وفي الوقت نفسه، قال استراتيجيون من بنك “جي بي مورغان” إن منحنى عائد سندات الخزانة قد أصبح مائلاً بشكل مفرط مقارنة بـ”القيمة العادلة.”

وكتب الاستراتيجيون، بمن فيهم جاي باري: “يبدو لنا أن المنحنى قد تجاوز المحركات الأساسية له.” وأضافوا: “عندما ننظر إلى المستقبل، فإن هذا الانفصال يمثل مخاطر بأن يعود المنحنى إلى التمدد على المدى القريب”.

نوبة غضب في سوق السندات

ومع ذلك، فإن باري وزملاءه مترددون في البدء في تداول يهدف إلى تسطيح المنحنى حتى وإن رأوا أن الميل الحالي قد أصبح “متجاوزاً للحدود”.

وأضافوا: “نعتقد أن رد فعل الاحتياطي الفيدرالي والتحولات الهيكلية في الطلب على سندات الخزانة تدعم منحنى أكثر ميلاً، لذلك نحن مترددون في السباحة عكس هذا الاتجاه طويل الأجل”.

قال توماس تزيزوريس من شركة “ستراتيغاس” (Strategas): “حتى الآن، تم تدمير الكثير بسبب نوبة الغضب الأخيرة في سوق السندات، وعلى الرغم من أننا نود أن نقول إن الأسوأ قد مر، إلا أنه لا يوجد أي مؤشر على أن المراكز القصيرة قد استُنفدت أو أن البيانات تدعم ارتفاع المدة”.

وأضاف: “قد يتغير ذلك بحلول يوم الجمعة مع تقرير الوظائف، ويجب علينا أن نفترض أن هناك بعض حالات جني الأرباح في المراكز القصيرة على السندات بحلول الغد، مع إغلاق الأسواق المالية يوم الخميس. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن النمو في القاعدة القصيرة مدعوم بشكل مؤقت من خلال نمو مفرط”.

وأشار تزيزوريس أيضاً إلى أن هذا ليس مجرد خبر سيئ للسندات الأميركية، بل أيضاً بالنظر إلى أن الشركات تتداول في أدنى مستوياتها من حيث المخاطر المعدلة حسب احتمال التخلف عن السداد، فإننا ندخل في “منطقة خطر” للأصول ذات المخاطر العالية والملاجئ الآمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *