تقلبات أسعار القهوة تضطر المتعاملين للبحث عن طرق بديلة للتحوط
سجلت أسعار القهوة ارتفاعاً كبيراً، وهو ما يعني مزيداً من المخاطر بالنسبة للمتعاملين الذين يشترون ويبيعون ويشحنون حبوب البن حول العالم. ولذلك يتحولون إلى طرق بديلة للتحوط من تحركات الأسعار وتفادي أو تأخير أزمة السيولة التي تتسبب فيها تقلبات الأسعار.
ارتفعت أسعار العقود المستقبلية لبن أرابيكا -الصنف المفضل المستخدم في تحضير المشروب الفاخر- حوالي 70% في نيويورك العام الجاري، متجاوزة أعلى مستوياتها في أكثر من 40 عاماً. وتتسم هذه العقود بتقلبات كبيرة في الأسعار.
عندما ترتفع الأسعار بقوة وسرعة، تطلب البورصات أو الوسطاء الذين يديرون للمتعاملين مراكزهم المزيد من الضمانات، أو الهوامش، للحفاظ على ربحية عقود التحوط المستقبلية المبيعة. وفي ظل وجود الملايين من أجولة القهوة في المخازن أو في طريقها للتسليم، ربما يعني ذلك مطالبات بهوامش تُقدر بمليارات الدولارات عند حدوث حركة كبيرة في السعر.
تلك المطالبات يمكنها استنزاف السيولة سريعاً من متعامل لديه شحنة على متن سفينة أو ينتظر الدفعة الأخيرة من مشترٍ نهائي. ويلجأ هؤلاء بشكل متزايد إلى عقود الخيارات وحلول خارج البورصة لتفادي تقديم مزيد من الضمانات، أو أنهم ببساطة يقللون حجم أنشطتهم، بحسب تجار ووسطاء.
ضغط على السيولة
تبين التحركات مدى تزايد الضغط على السيولة في سوق يهيمن عليها متعاملون صغار ليسوا مستعدين لتلك المطالبات النقدية الكبيرة. وأدى ذلك إلى مزيد من التقلبات في الأسعار في ظل وجود سيولة أقل بالسوق. ويواجه الكاكاو، السلعة الأخرى التي تشهد تحركات قوية هذا العام، مشكلات مماثلة.
“تشهد الفترة الحالية تقلبات شديدة وهي صعبة جداً جداً على المتعاملين.. عليك تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع هذه الأمور. اتباع الطرق المعتادة سيؤدي لاستنزاف السيولة” بحسب كيت غاليفر، المدير في شركتي “أوريجين كوموديتيز” (Origin Commodities) و”دراغون كوموديتيز” (Dragon Commodities) لتجارة البن في المملكة المتحدة.
ينبغي للمتعاملين التحوط لمخاطر أسعار القهوة عند شحن الحبوب من زارعيها في دول مثل البرازيل أو فيتنام أو غواتيمالا إلى المشترين، وأغلبهم في أوروبا والولايات المتحدة. عندما يلتزم المتعاملون بشراء القهوة في السوق الحاضرة بأسعار مرتبطة بالبورصة، فعادة ما يبيعون عقوداً مستقبلية للتحوط من انخفاض قيمة تلك الشحنة. وشهدت السوق مطالبات بضمانات تصل إلى 7 مليارات دولار خلال نوفمبر الماضي، وفق تقديرات أحد مقدمي الخدمات الاستشارية في البرازيل أكبر منتج للبن.
حلول مصرفية
وتقدم البنوك منذ فترة منتجات للمجموعات الكبيرة تُعرف باسم “مقايضات السيولة” حيث يقدم البنك، مقابل رسوم، عقود التحوط للعملاء لفترة محددة. وتتيح هياكل هذه المعاملات للمتعاملين تفادي مطالبات الضمانات ذات الصلة لحين تسليم الشحنات، وإن كانوا ربما يضطرون لسداد التسوية في نهاية الأمر إذا لم تنخفض الأسعار بحلول أجل الاتفاق. وقال متعاملون إن السماسرة ومجموعات الخدمات المالية قدمت خلال موجة صعود البن في الآونة الأخيرة نفس المنتج لصغار العملاء.
“هناك بالتأكيد زيادة في الطلب على هذه المنتجات” بحسب ألبرت سكالا، نائب الرئيس الأول للتداول في “ستون إكس غروب” (StoneX Group)، الذي أضاف أن الشركة تقدم للعملاء عقود مقايضات السيولة على نطاق محدود.
وقال إن المتعاملين يستخدمون المقايضات أيضاً للحد من تأثير أشكال أخرى من الضمانات، مثل الهامش الأولي المطلوب لإبرام عقد التحوط.
كما تتزايد أهمية اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” في القطاع. وفيها يبيع المتعامل شحنة القهوة الفعلية إلى البنك أو الوسيط ليحصل على سيولة مؤقتة ويتفادى الضغط الذي تشكله حركة الأسعار. ثم يعيد المتعامل شراء الشحنة بفائدة متفق عليها في وقت محدد.
“هناك نشاط كبير خارج البورصة سواء من خلال مقايضات السيولة بالبنوك أو الشراء الفعلي للسلعة الحاضرة من التجار وإعادة بيعها لهم لاحقاً للحصول على بعض السيولة” بحسب درو غيراتي، وسيط السلع لدى “تي بي آي سي إيه بي غروب” (TP ICAP Group).