اخر الاخبار

“تسلا” تحت التهديد بسبب دعاية القيادة الذاتية المضللة

قالت إدارة المركبات ذات المحرك في ولاية كاليفورنيا إن مبيعات شركة “تسلا” في الولاية مهددة بالتعليق لمدة 30 يوماً، إذا لم تُغير الشركة ممارساتها التسويقية التي يُزعم أنها تُضلل المستهلكين بشأن تقنيات مساعدة السائق.

أوضحت الجهة التنظيمية، أمس أن قرار التعليق لن يدخل حيز التنفيذ قبل 90 يوماً، لإتاحة الوقت أمام الشركة لتقديم طعن أو الامتثال للمتطلبات.

اتهمت إدارة المركبات ذات المحرك في كاليفورنيا الشركة بالمبالغة في قدرات برمجيات “القيادة الآلية” و”القيادة الذاتية الكاملة”، وطلبت من قاض إداري البت في ما إذا كان تعليق الترخيص مبرراً.

ضربة كبيرة لـ”تسلا”

تراجعت أسهم “تسلا” بما يصل إلى 2.2% عقب انتشار الخبر في تداولات ما بعد الإغلاق، قبل أن تقلص خسائرها إلى نحو 1%. وكان السهم قد أغلق جلسة أمس عند مستوى قياسي مرتفع، وحقق مكاسب بنسبة 21% منذ بداية العام. ولم ترد الشركة فوراً على طلب للتعليق.

طالع أيضاً: عالم السيارات.. إليك الرابحين والخاسرين خلال 2025

سيُشكل تعليق رخصة مبيعات “تسلا” ضربة كبيرة للشركة ومقرها أوستن في ولاية تكساس، إذ تُعد ولاية كاليفورنيا، الأكبر من حيث عدد السكان، أكبر أسواق الشركة في الولايات المتحدة الأميركية، كما تحتضن أحد أكبر مصانعها، ما يجعل حتى أي تعطيل مؤقت مكلفاً للغاية. ويمكن لـ”تسلا” تفادي تعليق إدارة المركبات ذات المحرك إذا قدمت إفادة تُقر فيها بتوقفها عن استخدام اسم “أوتوبايلوت” (Autopilot)، أي القيادة الذاتية، أو توضح الخطوات التي ستتخذها للتوقف عن استخدامه لوصف تقنية لا تفي بمعايير صناعية محددة.

رد “تسلا” على الاتهامات

قالت الشركة في بيان: “كان هذا أمراً يتعلق بحماية المستهلك بشأن استخدام مصطلح “أوتوبايلوت” في قضية لم يتقدم فيها أي عميل واحد للقول إن هناك مشكلة. ستستمر المبيعات في كاليفورنيا دون انقطاع”. لم يقدم البيان مزيداً من التفاصيل.

سعى محامو “تسلا” إلى صد الإجراء التأديبي من إدارة المركبات ذات المحرك، بالقول إن إعلانات الشركة محمية بموجب حرية التعبير التي يكفلها التعديل الأول للدستور الأميركي. كما اتهموا الجهة التنظيمية باقتطاع العبارات التسويقية من سياقها، وعدم الأخذ في الاعتبار التحذيرات وملفات الإفصاح التي تضعها الشركة بشأن أنظمة مساعدة السائق.

في قرارها المكتوب، أوصت القاضية الإدارية أيضاً بتعليق رخصة تصنيع “تسلا” لمدة 30 يوماً، إلا أن الجهة التنظيمية جمدت تنفيذ هذا الجزء من القرار.

قال ستيف غوردون، مدير إدارة المركبات ذات المحرك في كاليفورنيا، للصحفيين: “نحن نطلب من تسلا ببساطة أن تقوم بعملها، كما فعلت في أسواق أخرى، وأن تُسمي هذه المركبات بشكل صحيح. أضاف في بيان أن الشركة يمكنها اتخاذ “خطوات بسيطة” لحل المشكلة بشكل دائم.

القيادة الذاتية على رادار المنظمين

واجهت “تسلا” على مدى سنوات تدقيقاً مكثفاً من قبل الادعاء المدني الفيدرالي، وهيئات تنظيم الأوراق المالية، والإدارة الوطنية الأميركية لسلامة المرور على الطرق السريعة، إلى جانب دعاوى قضائية من مستهلكين ومستثمرين، بشأن طريقة تسويق برمجيات مساعدة السائق ومدى كفاءتها الفعلية.

في 2023، استدعت الشركة مليوني مركبة بعد أن خلصت الإدارة الوطنية لسلامة المرور إلى أن نظام “أوتوبايلوت” للقيادة الذاتية لا يوفر حماية كافية لمنع إساءة استخدامه من قبل السائقين. في أغسطس الماضي، تكبّدت “تسلا” أول خسارة قضائية كبيرة، عندما قضت هيئة محلفين في ميامي بإلزامها بدفع 243 مليون دولار تعويضات، بعد تحميل نظام “أوتوبايلوت” للقيادة الذاتية مسؤولية جزئية عن حادث أسفر عن وفيات.

اقرأ المزيد: “تسلا” تستدعي أكثر من 362 ألف سيارة بسبب برنامج القيادة الذاتية

كثيراً ما وصف الرئيس التنفيذي إيلون ماسك سيارات “تسلا” بأنها الأكثر أماناً على الإطلاق. خلال السنوات الأخيرة، راهن على مستقبل القيادة الذاتية بوصفه محور نمو الشركة، ويعمل حالياً على تسريع إطلاق نشاط سيارات الأجرة ذاتية القيادة.

زعمت الجهة التنظيمية لسلامة السيارات في كاليفورنيا أن “تسلا” انتهكت قانون الولاية عبر الإدلاء عبارات “غير صحيحة أو مضللة” في عامي 2021 و2022، من بينها إعلانات تفيد بأن سياراتها ستكون “قادرة على تنفيذ رحلات قصيرة وطويلة دون أي تدخل مطلوب من السائق”.

قالت شكوى مُعدلة قدمتها إدارة المركبات ذات المحرك في نوفمبر 2023 إن مركبات “تسلا” المجهزة بتقنيات مساعدة السائق “لم تكن قادرة وقت نشر تلك الإعلانات، ولا هي قادرة الآن، على العمل كمركبات ذاتية القيادة”.

صراع “تسلا” وكاليفورنيا

احتجت الجهة التنظيمية بأن هذه التصرفات تُبرر تعليق أو سحب رخصة الوكيل والمُصنع التي تملكها “تسلا” في الولاية، ما أسفر عن بدء إجراء تنظيمي مطول ضمن مكتب جلسات الاستماع الإدارية في كاليفورنيا. عُقدت جلسة استماع استمرت 5 أيام في يوليو الماضي.

عندما تسعى جهة تنظيمية مثل إدارة المركبات ذات المحرك إلى معاقبة حامل رخصة، فإنها غالباً ما تحتاج إلى موافقة قاضٍ إداري. رغم أن هذه القضايا لا تُعد مكافئة لدعاوى مدنية أو جنائية كاملة أمام محاكم الولاية أو المحاكم الفيدرالية، فإن القضاة يستمعون إلى الأدلة ويراجعون مذكرات الطرفين قبل إصدار القرار.

اقرأ أيضاً: ماسك يقترح تعديل قوانين سيارات الأجرة ذاتية القيادة في أميركا

ويُعد لجوء إدارة المركبات ذات المحرك إلى إجراءات صارمة بحق الشركات المُصنعة أمراً نادراً، لكنه ليس بلا سابقة. في 2023، سحبت الإدارة رخصة نشاط سيارات الأجرة ذاتية القيادة التابعة لشركة “جنرال موتورز كروز” (General Motors Cruise)، عقب حادث في سان فرانسيسكو جُرّت فيه إحدى المركبات وأصابت أحد المشاة.

حذرت “تسلا” من أن أي قرار يحد من قدرتها على تصنيع وبيع المركبات ستكون له تداعيات زلزالية على اقتصاد الولاية، نظراً لأنها توظف أكثر من 33 ألف شخص في مصنعها الإنتاجي، إلى جانب 60 متجراً وصالة عرض.

وتُشكل مبيعات “تسلا” في كاليفورنيا جزءاً مهماً من أعمالها على مستوى الولايات المتحدة الأميركية، كما أن مصنعها الضخم في فريمونت هو خط التجميع الوحيد لطرازي “موديل إس” (Model S) و”موديل إكس” (Model X).

قال هاريس خورشيد، كبير مسؤولي الاستثمار في “كاروبار كابيتال”، إن تحرك كاليفورنيا قد تكون له تداعيات على مستوى البلاد بالنسبة لمساعي “تسلا” لتوسيع أعمالها في بيع التقنيات المتقدمة داخل مركباتها.

أضاف: “إذا أبطأ المنظمون مشروع القيادة الذاتية الخاص بتسلا هناك، فإن ذلك يؤثر مباشرة في سرعة تحول قصة الذكاء الاصطناعي إلى إيرادات حقيقية. ما تزال تسلا قادرة على الفوز على المدى الطويل، لكن مثل هذه الأحكام توسع الفجوة بين الضجيج والتطبيق الفعلي”.

علاقات متوترة مع إيلون ماسك

لطالما اتسمت علاقة إيلون ماسك، أغنى شخص في العالم، مع ولاية كاليفورنيا بالتوتر إذ خاض نزاعات مع قادة الولاية الديمقراطيين حول قرارات الحوكمة ومعدلات الضرائب وقضايا أخرى، قبل أن ينقل المقر الرئيسي لشركة “تسلا” من كاليفورنيا إلى تكساس في 2021.

إيلون ماسك ملتزم بقيادة شركة تسلا خلال السنوات الخمس المقبلة.. تفاصيل أكثر هنا

يصنف قطاع صناعة السيارات أنظمة الأتمتة في المركبات ضمن مستويات تتراوح من المستوى صفر إلى المستوى الخامس، وفقاً للخصائص المتاحة. تكتفي أنظمة المستوى صفر، بحسب جمعية مهندسي السيارات، بنقل المعلومات إلى السائق، مثل إطلاق تحذير عند انحراف المركبة عن مسارها. يُصنف نظام “أوتوبايلوت” للقيادة الذاتية من “تسلا” ضمن المستوى الثاني، لأنه يتطلب إشرافاً دائماً وتدخلاً مستمراً من السائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *