اقتصاد تحت الحصار.. القصة الكاملة للعقوبات الغربية على إيران

عادت الولايات المتحدة إلى ترسيخ سياسة “الضغط القصوى” على إيران، معلنة عن عقوبات جديدة تستهدف شركات و”أسطول سفن” يُساعد طهران على تصدير نفطها الخام. تأتي هذه العقوبات لتُضاف إلى قائمة ضخمة من العقوبات التي فُرضت على إيران منذ 1979.
في التقرير التالي، نستعرض أبرز العقوبات التي تم فرضها على إيران، والقطاعات التي شملتها، وكيف أثرت على الاقتصاد الإيراني.
احتلال السفارة وبداية العداء الاقتصادي
بدأت رحلة إيران مع العقوبات فعلياً مع سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ووصول الخميني إلى سدة السلطة في فبراير 1979، معلناً تأسيس “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
بعد أشهر قليلة، وتحديداً في نوفمبر من العام ذاته، قام طلاب بالهجوم على السفارة الأميركية في طهران واحتجاز رهائن فيها، في أزمة استمرت حتى توقيع اتفاق الجزائر في 19 يناير 1981.
أصدر الرئيس جيمس (جيمي) كارتر حينها الأمر التنفيذي رقم 12170 والذي نص على تجميد كل الممتلكات والمصالح التابعة لإيران وبنكها المركزي في الولايات المتحدة. بموجب هذا القرار، تم تجميد أصول تزيد قيمتها عن 12 مليار دولار، كما تم منع الواردات الإيرانية إلى الولايات المتحدة.
رغم أهمية هذا الحدث بالنسبة للعلاقات المتوترة بين البلدين، إلا أنه لم يكن مفصلياً في تاريخ العقوبات. ففي 1984، صنّفت الولايات المتحدة إيران كـ”دولة راعية للإرهاب”، بعد اتهامها بالضلوع في تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت 1983.
أدى ذلك إلى فرض عقوبات واسعة شملت حظر بيع الأسلحة لإيران، وقيوداً على المساعدات والتكنولوجيا الحساسة. ولا يزال هذا التصنيف قائماً حتى اليوم، ما يعني استمرار القيود المفروضة بموجب هذا التصنيف تلقائياً.
صعّدت الولايات المتحدة بشكل أكبر بين عامي 1996 و1997، إذ أقر الكونغرس قانوناً يفرض عقوبات على أي شركات أجنبية تستثمر أكثر من 20 مليون دولار سنوياً في قطاع النفط والغاز الإيراني، بحجة أن هذه الاستثمارات تمكن طهران من الحصول على أموال لـ”تطوير أسلحة دمار شامل وتمويل الإرهاب”. ولكن هذا القانون لم يُنفذ فعلياً إلا في 2010، بسبب اعتراض أوروبا عليه.
لم تتأخر واشنطن عن توجيه ضربة أخرى، ففي العام التالي، أي 1997، أصدر الرئيس بيل كلينتون أوامر تنفيذية أنهت عملياً كل أشكال التعامل التجاري بين البلدين.
وبينما كانت إيران تتعافى من الحرب مع العراق، بدأت سراً في تطوير البرنامج النووي. وللمفارقة، فإن التكنولوجيا النووية قدمتها الولايات المتحدة لإيران في 1957، في إطار برنامج الرئيس دوايت أيزنهاور “الذرّة مقابل السلام”.
المجتمع الدولي يدخل على خط العقوبات
في صيف 2002، كشف “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” وهو جماعة معارضة، عن وجود موقعين نوويين في إيران: منشأة لتخصيب اليورانيوم في “نطنز” ومنشأة لإنتاج الماء الثقيل في “أراك”. لهذه المنشآت استخدام مزدوج، أي يمكن استخدامها في تطوير برنامج نووي مدني، أو صنع أسلحة عسكرية.
أثار إخفاء إيران لهذه المنشآت قلقاً دولياً، وطرحت خطوتها علامات استفهام بشأن طبيعة استخدامها وأهداف البلاد منها. في أكتوبر 2003، وبعد مفاوضات، وافقت إيران على وقف التخصيب وتركيب منشآت نووية جديدة في هذه المواقع. ولكن مع انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد في 2005، عادت البلاد إلى جهود التخصيب.
نتيجة لذلك، انضم المجتمع الدولي في العام 2006 إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات على إيران. أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1737 ثم القرار 1747 في العام التالي و1803 في 2008، والتي شددت العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.
توسعت العقوبات أكثر في 2010، ليشمل القرار 1929 الصادر عن مجلس الأمن، حظراً على اختبار الصواريخ الباليستية، وحظر تصدير الأسلحة الثقيلة إلى إيران. في الوقت ذاته، أقرّ الكونغرس في 2010 قانوناً يعاقب أي شركات أجنبية تزود إيران بمنتجات نفطية مكررة، أو تستثمر في قطاع الطاقة الإيراني، كما فرض عقوبات على بنوك أجنبية تتعامل مع مصارف إيرانية محددة.
وفي يوليو 2010 وافق الاتحاد الأوروبي أيضاً على حزمة عقوبات واسعة تستهدف الأشخاص والشركات والقطاعات المرتبطة بالبرنامج النووي، كما منع المؤسسات الأوروبية من التعامل مع البنوك الإيرانية، بما في ذلك البنك المركزي الإيراني، وقيّد التجارة والاستثمار مع قطاعي الطاقة والنقل في البلاد، من بين قطاعات أخرى.
العقوبات تتطور لتطال عصب الاقتصاد
بين عامي 2011 و2013 توسعت العقوبات أكثر، مستهدفة هذه المرة عصب الاقتصاد الإيراني. وشرّع الكونغرس الأميركي في 2011 قانوناً يتيح معاقبة البنك المركزي الإيراني، ويهدد بحظر البنوك الأجنبية التي لا تخفّض تعاملاتها النفطية مع إيران خلال 6 أشهر.
في مطلع 2012، فرض الاتحاد الأوروبي حظراً شاملاً على استيراد النفط الإيراني، مما حرم طهران من أكبر أسواقها. كما مرّر الكونغرس قانوناً وسّع نطاق العقوبات الثانوية ضد أي شركة أجنبية تتعامل مع إيران، ومدّ حظر تعامل المواطنين الأميركيين مع إيران، ليشمل أيضاً فروع الشركات الأميركية في الخارج.
كما شملت هذه الفترة أيضاً، منع بعض المصارف الإيرانية من الوصول إلى شبكة “سويفت” للتحويلات، مما صعّب إجراء المدفوعات الدولية لإيران. تبع ذلك إقرار الكونغرس الأميركي في يناير 2013، قانون “مكافحة انتشار الأسلحة الإيرانية” الذي يهدف لمعاقبة كل من يتعامل مع قطاعات الطاقة والشحن الإيرانية.
القطاع | نسبة المساهمة بالناتج المحلي في 2024 |
الخدمات (تجارة، نقل، تعليم، صحة وغيرها) | %50.8 |
الصناعة (يشمل النفط والغاز والبناء) | %36.4 |
الزراعة | %12.8 |
المصدر: البنك الدولي |
انفراجة في الملف النووي
في نهاية عام 2013، وقعت إيران اتفاقاً نووياً مؤقتاً في جنيف، التزمت بموجبه بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، ومنحت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدرة أوسع على الوصول وتفتيش المنشآت النووية الإيرانية.
سمح هذا الاتفاق لإيران بالوصول إلى جزء من الأصول المجمدة والتي قدرت قيمتها بنحو 4.2 مليار دولار، ومكنها من تصدير كمية محدودة من النفط لا تتجاوز 1.1 مليون برميل يومياً، وهو أقل من نصف مستوى 2011، مع تعليق عقوبات معينة على قطاعي السيارات والبتروكيماويات.
في يوليو 2015، توصلت إيران ومجموعة “5+1” (ألمانيا، أميركا، فرنسا، بريطانيا، روسيا) إلى الاتفاق النووي الشامل، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.
بموجب الخطة، وافقت إيران على قيود صارمة على برنامجها النووي، مقابل رفع كبير للعقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وصدر قرار مجلس الأمن رقم 2231 في يوليو 2015، لينص على إلغاء العقوبات الأممية المرتبطة بالبرنامج النووي، بمجرد تنفيذ إيران التزاماتها.
جاء تصريح “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” في 16 يناير 2016 بأن إيران أوفت بالتزاماتها النووية، ما دفع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع معظم العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي.
ورغم أن واشنطن رفعت أيضاً بعض العقوبات الثانوية التي تستهدف الدول والشركات الأجنبية في تعاملها مع إيران، إلا أنها أبقت على عقوباتها التي تحظر على الشركات الأميركية معظم أشكال التعامل التجاري والاستثماري مع إيران، بسبب قضايا أخرى مثل “الإرهاب”، البرنامج الصاروخي” و”انتهاك حقوق الإنسان”.
ثم جاء دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.
الولاية الأولى لترمب وسياسة “الضغط القصوى”
في يناير 2017، فاز المرشح دونالد ترمب بالرئاسة، ووجه بسحب بلاده من الاتفاق النووي معتبراً أنه اتفاق “سيئ”، وأعاد فرض العقوبات التي كانت مفروضة على طهران.
بحلول نوفمبر 2018، كان ترمب قد أقر حظراً كاملاً على تصدير النفط الإيراني، وتعامل البنوك الأجنبية مع المركزي الإيراني، كما تم حظر قطاع الشحن والتأمين والنقل البحري مع إيران، في إطار ما أطلق عليه آنذاك سياسة “الضغط القصوى” التي هدفت إلى خنق كل مصادر التمويل.
هذه السياسة هبطت بالصادرات النفطية الإيرانية بشكل ملحوظ، إذ سجلت بين عامي 2019 و2020 نحو 487 ألف برميل يومياً في المتوسط.
واصل ترمب حملته على إيران خلال ولايته الأولى، إذ صنفت الولايات المتحدة “الحرس الثوري” كـ”منظمة إرهابية”، كما فرضت عقوبات على مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي.
بدأت إدارة ترمب أيضاً باستهداف الأفراد والشخصيات المرتبطة بالنظام، كما وسعت عقوباتها على القطاع المصرفي، ليتم إدراج العديد من المصارف والشركات الإيرانية على القائمة السوداء.
لم تقف عقوبات ترمب عند هذا الحد، بل شملت قطاعات أساسية تُعتبر مصدراً للإيرادات، مثل الطاقة والتعدين والخدمات المالية، بالإضافة إلى صناعة الصلب والألمنيوم. وبررت الإدارة الأميركية هذه العقوبات بأنها استراتيجية تشمل استهداف قيادات النظام ومصادر إيراداته، لـ”دفعه لتغيير سلوكه”.
بايدن يدخل البيت الأبيض
لكن ولاية ترمب الأولى انتهت قبل أن يصل بحملة “الضغط القصوى” إلى أي صفقة، إذ خسر الانتخابات أمام جو بايدن. لم يلغِ بايدن عند تسلمه الرئاسة في 2020 سياسات ترمب، بل راكم عليها مع تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي.
وواصلت الولايات المتحدة ملاحقة الشبكات الإيرانية والأجنبية التي تساعدها في الالتفاف على العقوبات، كما أعلنت عن عقوبات جديدة تستهدف برامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي اتهمت طهران بتصديرها لروسيا بعد حربها على أوكرانيا في 2022.
سياسة بايدن لم تكن بفعالية سياسة ترمب خصوصاً بسبب انتشار فيروس كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا التي بدأها الرئيس فلاديمير بوتين في 2022. وتمكنت إيران من زيادة صادراتها من النفط خلال تلك الفترة، وسط “غض بصر” أميركي بسبب فرض واشنطن عقوبات على قطاع النفط الروسي، ما كان ليهدد بأزمة في السوق لو واصل السياسة نفسها تجاه إيران. وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن صادرات النفط الإيرانية حققت إيرادات تزيد عن 50 مليار دولار بين عامي 2022 و2023.
بداية العام الجاري، عاد ترمب إلى البيت الأبيض وبات واضحاً أنه مصمم على انتهاج السياسة نفسها التي انتهجها في السابق.
تطور الاقتصاد الإيراني وتأثره بالعقوبات
مع سقوط نظام الشاه وتسلم النظام الإيراني الحالي سدة الحكم، حول تركيزه بشكل كبير على تنمية المناطق الريفية، واستفاد من الطفرة النفطية في سبعينيات القرن الماضي، ما مكن البلاد في البدء بتطوير الاقتصاد.
يشير أستاذ الاقتصاد في “جامعة فيرجينيا للتقنية” جواد صالحي أصفهاني في دراسة نشرها معهد “بروكينغز” عام 2019، إلى أن النظام الجديد في إيران وسع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة. وبحلول عام 2000، أصبحت هذه الخدمات متوفرة بشكل شامل. كما أدى توسيع خدمات الصحة والتعليم إلى المناطق الريفية، لتقليص الفقر بشكل حاد، من 25% في السبعينات، إلى أقل من 10% في عام 2014.
ولكن ذروة العقوبات عكست آمال البلاد بتحقيق انفراجة اقتصادية. فبين عامي 2012 و2013 هبط الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 5%، وانخفضت قيمة الريال بنسبة 48%، كما ارتفع التضخم إلى أكثر من 30% خلال سنة، وفق دراسة لمعهد “أتلانتيك كونسيل”. ومع رفع العقوبات، أي بين عامي 2015 إلى 2018، نما الناتج المحلي لإيران 4.8%، وانخفض معدل التضخم إلى 10.1% سنوياً في المتوسط.
مع تسلم ترمب للسلطة، وانسحابه من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات، انكمش الاقتصاد مجدداً، في حين ارتفع التضخم بشكل حاد إلى 36.2% وهو مستوى غير مألوف منذ الثمانينيات، وشهد الريال انخفاضاً كبيراً في قيمته بنسبة 44.4% في المتوسط.
آفاق الاقتصاد الإيراني
منذ ذلك الحين، فقد الريال الإيراني أكثر من 90% من قيمته مقابل الدولار، وفقاً لما نقلته “رويترز” عن مواقع صرف عملات أجنبية، ومسؤولين، ونواب في البرلمان، كما ارتفع سعر الأرز بنسبة 200% منذ العام الماضي، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام الرسمية.
تكاليف السكن والمرافق ارتفعت هي الأخرى بنسبة تقارب 60% في بعض مناطق طهران ومدن رئيسية أخرى خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعة بالهبوط الحاد في سعر الريال وارتفاع تكاليف المواد الخام، وفقاً لتقارير إعلامية.
ويُقدَّر معدل التضخم الرسمي حالياً بنحو 40%، رغم أن بعض الخبراء الإيرانيين يقولون إنه يتجاوز 50%. وقد أفاد مركز الإحصاء الإيراني بزيادة ملحوظة في أسعار المواد الغذائية، حيث ارتفعت أسعار أكثر من ثلث السلع الأساسية بنسبة 40% في يناير الماضي، لتصبح أكثر من ضعف ما كانت عليه في الشهر نفسه من العام السابق.
وفي الشهر ذاته، نقلت وكالة أنباء “تسنيم” عن رئيس معهد العمل والرعاية الاجتماعية في إيران إبراهيم صادقي فر، قوله إن ما بين 22 و27% من الإيرانيين باتوا الآن تحت خط الفقر.
كيف تفاعلت إيران مع العقوبات؟
في مواجهة هذه الضغوط، تبنّت إيران سلسلة إجراءات للحد من تأثير العقوبات والتكيف معها، إذ شجّعت الإنتاج المحلي لإحلال الواردات. كما سعت إلى الالتفاف على العقوبات التجارية والمالية عبر استخدام وسائل بديلة مثل اعتماد عملات غير الدولار في التجارة، وإنشاء شبكات تجارة موازية لنقل النفط سراً، وإبرام صفقات تبادل السلع مع بعض الدول.
طهران أعادت توجيه صادرات النفط نحو الشرق بشكل أكبر؛ فالصين مثلاً استمرت في استيراد النفط الإيراني رغم العقوبات الأميركية، مما وفّر لطهران شرياناً مالياً مهماً.
سجّلت صادرات النفط الإيراني إلى الصين رقماً قياسياً خلال شهر يونيو، وذلك في ظل زيادة الطلب من بكين. استوردت الصين خلال الفترة من 1 إلى 20 يونيو الجاري، ما معدله أكثر من 1.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام الإيراني، وفق بيانات مؤسسة تتبع حركة السفن “فورتكسا”.
كما أعلنت شركة تحليل البيانات “كبلر” أن صادرات النفط الخام والمكثفات الإيرانية إلى الصين وصلت حتى 27 يونيو إلى 1.46 مليون برميل يومياً، مقارنةً بنحو مليون برميل يومياً في مايو الماضي.
رغم ذلك، فإن هذه الوسائل لم تساعدها في إنعاش اقتصادها المخنوق بالعقوبات، إذ يقدر “صندوق النقد الدولي” أن ينمو الناتج المحلي الحقيقي بنحو 0.3% هذه السنة، وهو هبوط كبير عن توقعات العام الماضي. كما يتوقع البنك الدولي نمواً متوسطاً بنسبة 2.8% بحلول 2027.
وبحسب بيانات “البنك الدولي”، فإن حجم اقتصاد إيران في العام الماضي بلغ نحو 436.9 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ 2017، ولكنه لا يزال أقل من مستواه في 2013 عندما بلغ 500 مليار دولار.