اخر الاخبار

ترمب يعود إلى السعودية في أول زيارة خارجية بولايته الثانية

مجدداً اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المملكة العربية السعودية لتكون أولى محطاته الخارجية بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، كما فعل عام 2017 حين اختار أن يبدأ ولايته الأولى من قلب الخليج.

فمع انطلاق جولة ترمب الجديدة التي تمتد في الفترة من 13 إلى 16 مايو، وتشمل الإمارات وقطر أيضاً، تتجه أنظار المنطقة والعالم نحو الشرق الأوسط، مترقبة ملامح ما قد يكون فصلاً تاريخياً جديداً في العلاقات الدولية.

لكن المشهد اليوم يختلف كثيراً عما كان عليه قبل ثماني سنوات. فالعالم تبدل، وأوراق اللعبة السياسية والاقتصادية أصبحت أكثر تعقيداً وثقلاً. حتى أن جزءاً مهماً من نجاح ترمب في ولايته الثانية، ربما يكون معلقاً على النتائج التي ستحرزها هذه الجولة المصيرية.

لماذا السعودية أولاً؟

لم يكن اختيار السعودية لتكون المحطة الأولى في جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الخليج أمراً عابراً أو مصادفة. فكما كانت الرياض أول وجهة خارجية لترمب خلال ولايته الأولى عام 2017، تتكرر الصورة اليوم مع ولايته الثانية، ما يعكس رمزية خاصة للعلاقة بين الجانبين. وتوقع ترمب أن تكون زيارته إلى الشرق الأوسط هذه المرة تاريخية.

فالسعودية الدولة الخليجية الأبرز سياسياً واقتصادياً، وتمثل أكبر اقتصاد عربي، ومنطقة جذب رئيسية للاستثمارات العالمية ولاستقطاب الاستثمارات إلى السوق الأميركية في آن، ما يجعلها شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة في مناقشة الملفات الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط.

ويؤكد ترمب باختياره البدء من السعودية على أهمية الرياض في حسابات واشنطن الإقليمية، سواء عبر الملفات الاقتصادية الكبرى، أو من خلال دورها المركزي في استقرار أسواق الطاقة والتحولات الجيوسياسية الجارية.




وبينما تستقبل المملكة أولى خطوات ترمب الخارجية مجدداً هذه المرة ستتركز العيون على الوعود الاستثمارية الضخمة التي قدمتها الرياض، حين أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد أيام من فوز ترمب عن توجه المملكة لزيادة استثماراتها وتجارتها مع الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار بقطاعات مختلفة. كما يرتبط الرئيس الأميركي بعلاقات وثيقة مع السعودية على المستوى الشخصي، حيث أعلنت منظمة ترمب في ديسمبر عن الاستثمار في بناء برج ترمب في جدة.

وتسعى الرياض من خلال هذا التوجه إلى تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، عبر جذب الاستثمارات والخبرات الأميركية إلى المشروعات الوطنية الكبرى، فيما ترى واشنطن في السوق السعودية واحدة من أسرع الأسواق نمواً وأهمية في منطقة الشرق الأوسط. وبذلك، تمثل هذه الزيارة محطة محورية قد تضع الأساس لمرحلة جديدة من الاستثمارات المشتركة، مدفوعة بتقاطع المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين.

حوار القادة 

يُتوقع أن يكون لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من أبرز محطات زيارة ترمب إلى السعودية. وبحسب وكالة “بلومبرغ”، يبرز ولي العهد السعودي كوسيط فاعل على الساحة الدولية، مما يعزز موقع الرياض في الجهود الدبلوماسية العالمية.

ويأتي هذا اللقاء في وقت يسعى فيه ترمب لدفع خطط تسوية النزاعات، سواء في ما يتعلق بأوكرانيا أو بالنزاعات في المنطقة، مستفيداً من علاقات ولي العهد مع كل من واشنطن وموسكو. وطُرح اسم الرياض كموقع محتمل لاستضافة قمة ترمب وبوتين المتعلقة بالحرب الأوكرانية، في ظل مساعي المملكة لتعزيز دورها كقوة دبلوماسية إقليمية.

اقرأ المزيد: بلومبرغ: ولي العهد السعودي وسيط نافذ في رؤية ترمب الجديدة للعالم

كما قالت “بلومبرغ”، إن الأمير محمد بن سلمان يعتبر أن نهج ترمب الأكثر حدة قد يسهم في تحقيق اختراقات في ملفات الشرق الأوسط. ويُنظر إلى هذا التقارب بوصفه جزءاً من التوجه السعودي الأوسع لتعزيز الاستقرار الإقليمي وجذب الاستثمارات، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة الاقتصادية والتنموية.

القمة الخليجية الأميركية

على هامش الزيارة أيضاً ينتظر أن تحتضن الرياض أعمال القمة الخليجية- الأميركية، حيث ستجمع القمة بين الرئيس الأميركي وزعماء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لتعكس بذلك أول رحلة خارجية رسمية للرئيس الأميركي الأهمية المتزايدة التي توليها إدارته للتعاون بين بلاده ودول الخليج، كما ستمثّل القمة فرصة أمام ترمب لتقديم رؤيته بشأن انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتحديد مصالح بلاده في المنطقة.

موديز: جولة ترمب الخليجية ستشهد مفاوضات على أهداف استراتيجية مشتركة.. التفاصيل هنا

وستكون هذه القمة الخامسة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث كانت الأولى في كامب ديفيد مايو 2015، والثانية في أبريل عام 2016، فيما كانت الثالثة في مايو من عام 2017 في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة ترمب خلال ولايته الأولى، وجاءت الرابعة في يوليو 2022 بمشاركة عربية شملت مصر والأردن والعراق.

الاقتصاد في قلب الزيارة

سيكون الاقتصاد حاضراً بقوة أيضاً على طاولة الاستثمارات السعودية الأميركية، إذ يسعى ترمب خلال جولته الخليجية لإبرام صفقات وتعهدات استثمارية بقيمة تريليون دولار.

ومن بين القطاعات الاقتصادية التي يتوقع أن تركز عليها الزيارة الطاقة والذكاء الاصطناعي، ومن المقرر أن ينطلق منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي اليوم بالتزامن مع زيارة ترمب إلى المملكة، بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وبمشاركة كبار المسؤولين السعوديين والأميركيين.




كما يرافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب في زيارته المرتقبة إلى السعودية عدد من كبار الرؤساء التنفيذيين لشركات أميركية كبرى، ومن بينهم لاري فينك رئيس شركة “بلاك روك”، وجين فريزر الرئيس التنفيذي لمصرف “سيتي غروب”، وكريستيانو آمون من “كوالكوم”، وآرفيند كريشنا من “آي بي إم”، وستيفن شوارزمان من “بلاكستون”، وروث بورات من “ألفابت” الشركة الأم لـ”جوجل”.

اجتماع أكبر منتجة وأكبر مصدرة للنفط

تأتي زيارة ترمب أيضاً في وقت عصيب لسوق النفط التي ترزح تحت المستويات المتدنية لأسعار الخام (65 – 70 دولاراً تقريباً للبرميل)، وعزم تحالف “أوبك+” على مواصلة إعادة البراميل المخفضة طوعاً إلى السوق، بينما يدعو ترمب إلى زيادة الطاقة الإنتاجية لمشروعات النفط والغاز الأميركية.

وتعد المملكة أكبر مصدرة للنفط في العالم بينما أصبحت الولايات المتحدة على رأس منتجي الخام مؤخراً، ويٌتوقع أن تتطرق الزيارة إلى ملف الطاقة، بحيث يبحث الجانبان سبل تعزيز استقرار السوق ودعم توازن العرض والطلب بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ختاماً تفتح زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين الرياض وواشنطن، مع توقعات بزيادة كبيرة في حجم الاستثمارات المتبادلة. وتستهدف المملكة، ضمن خططها لتعزيز شراكاتها الاستراتيجية، رفع قيمة استثماراتها في القطاعات الأميركية الحيوية مثل الطاقة والتكنولوجيا والصناعة، بما يسهم في دعم الاقتصادين السعودي والأميركي على حد سواء. وتعد هذه الزيارة فرصة لإعادة تأكيد التزام الطرفين بتوسيع آفاق الشراكة الاقتصادية القائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *