ترمب يطالب برسوم جمركية انتقامية: هل تتغير قواعد اللعبة التجارية؟
![](https://khaleejcapital.com/wp-content/uploads/2025/02/6O69AeBrMs_1739468611-780x470.jpg)
أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إدارته بالنظر في فرض رسوم جمركية انتقامية على العديد من الشركاء التجاريين، مما يزيد من احتمال شن حملة أوسع ضد النظام العالمي الذي يشكو من أنه يميل ضد الولايات المتحدة.
الرئيس الأميركي وقع يوم الخميس على إجراء يوجه الممثل التجاري الأميركي ووزير التجارة لاقتراح رسوم جديدة على أساس كل دولة على حدة في محاولة لإعادة التوازن إلى العلاقات التجارية –وهي عملية شاملة قد تستغرق أسابيع أو أشهراً حتى تكتمل. وقال هوارد لوتنيك، مرشح ترمب لمنصب وزير التجارة، للصحفيين إن جميع الدراسات يُتوقع أن تكتمل بحلول الأول من أبريل، وإن ترمب يمكن أن يتحرك بعد ذلك مباشرة.
سيتم تفصيل ضرائب جديدة على الواردات من كل دولة، بهدف تعويض الرسوم الخاصة بها على البضائع الأميركية، فضلاً عن الحواجز غير الجمركية التي تفرضها الدول في شكل إعانات غير عادلة ولوائح وضرائب القيمة المضافة وأسعار الصرف وعوامل أخرى تعمل على الحد من التجارة الأميركية. وفقاً لتصريحات مسؤل للصحفيين قبل الإعلان.
ترمب يعتزم الكشف عن الرسوم الجمركية الانتقامية اليوم
وقال ترمب في المكتب البيضاوي: “لقد قررت، لغرض الإنصاف، أنني سأفرض رسوماً انتقامية، على أي دولة تفرض رسوماً على الولايات المتحدة”، و”في جميع الحالات تقريباً، فهم يفرضون علينا رسوماً أكبر بكثير مما نفرضها عليهم، لكن تلك الأيام قد ولت”.
ترمب كشف للصحفيين أنه سيفرض ضرائب على الواردات من السيارات وأشباه الموصلات والأدوية بالإضافة إلى الرسوم الجمركية الانتقامية.
ما الدول الأكثر عرضة لخطر الرسوم الانتقامية؟
ولم يقدم البيت الأبيض على الفور نص توجيهات ترمب بشأن الرسوم الجمركية. واستشهد ترمب بالحواجز في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، كمثال على ما تتطلع الولايات المتحدة إلى التحرك لمجابهته. بينما قال المسؤول إن ترمب خص اليابان وكوريا الجنوبية على وجه التحديد كدول يعتقد أنها تستغل الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن استهدافها في حملته الأخيرة.
الرسوم الانتقامية تشكل الإجراء الأوسع الذي يتخذه ترمب لمعالجة العجز التجاري الأميركي، وما يصفه بالمعاملة غير العادلة للصادرات الأميركية في جميع أنحاء العالم. وفرض ترمب بالفعل تعريفات جمركية بنسبة 10% على البضائع الصينية، كما يخطط لفرض رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم الأميركية الشهر المقبل.
اقرأ المزيد: ترمب يحرم الصين من مليارات الدولارات بعد سد “ثغرة تجارية”
أداة للتفاوض؟
ومع ذلك، يمكن اعتبار قرار الرئيس بعدم تنفيذ الرسوم الجمركية على الفور بمثابة محاولة لبدء مرحلة التفاوض -باتباع نفس الاستراتيجية التي استخدمها بالفعل للحصول على تنازلات من المكسيك وكندا وكولومبيا- وليس إشارة إلى التزامه بالمتابعة.
أوضح المسؤول أن الرئيس الأميركي يأمل في إجراء نقاشات مع الدول الأخرى حول البيئة التجارية غير المتوازنة التي نتجت عن السياسات الحالية. وأضاف أنه (ترمب) سيكون سعيداً للغاية بتقليص الرسوم الجمركية إذا أرادت الدول خفض رسومها أو إزالة الحواجز التجارية الأخرى.
وقال لوتنيك للصحفيين يوم الخميس بعد توقيع ترمب على التوجيه: “إنه طريق ذو اتجاهين”.
ترمب: لا استثناءات
لكن ترمب قال إنه لا يتوقع إصدار إعفاءات أو استثناءات. وأشار إلى أنه على الرغم من منح شركة “أبل” استثناءً بشأن التعريفات الجمركية التي فرضها على الصين خلال فترة ولايته الأولى من أجل التنافس مع شركة “سامسونغ إلكترونيكس”، فإن حزمة التعريفات هذه “تنطبق على الكل في جميع المجالات”.
ومهما حدث، فإن سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها ترمب تسببت في انتشار حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، حيث تنتظر الشركات والمستهلكون ليروا كيف يمضي ترمب في اتخاذ القرار الذي قد يؤثر على العلاقات التجارية للولايات المتحدة مع بقية العالم.
ومن المتوقع أن تؤثر التعريفات الجمركية الانتقامية بشدة على الاقتصادات الأقل نمواً، حيث يكون متوسط الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية أعلى، وفق “بلومبرج إيكونوميكس”. كما أنها تختلف عن فرض ضريبة عالمية على جميع الواردات، كما اقترح ترمب خلال الحملة الرئاسية لعام 2024. وقال المسؤول إن ترمب قد يعود إلى استراتيجية الرسوم الجمركية العالمية في وقت لاحق.
وزير الخارجية: الهند مستعدة لاتباع نهج مرن في التعامل مع ترمب
ترمب أعلن عن خطوته قبل ساعات فقط من استضافته رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي من المتوقع أن تتأثر بلاده بالتعريفات الانتقامية أكثر من العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين الآخرين. وانتقد ترمب في أكثر من مناسبة الحواجز الجمركية المرتفعة التي تفرضها الهند.
نطاق خطة الرسوم الجمركية التي يعتزم ترمب فرضها واسع بشكل كبير. ومن المحتمل أيضاً أن يشمل جهوداً لوجستية ضخمة للعاملين الحكوميين في وزارة التجارة ومكتب الممثل التجاري الأميركي. إذ يتطلب الإجراء الذي اتخذه ترمب منهم إجراء تحليلات وحسابات لكل دولة على حدة لما يقرب من 200 دولة أخرى، ولكل منها جداول التعريفات الجمركية الخاصة بها والتي تحتوي على الآلاف من رموز الرسوم الجمركية. ناهيك عن التحدي المتمثل في حساب قيمة التنظيمات والسياسات المالية وبرامج الدعم في الدول الأخرى.
واستهدف ترمب في أكثر من مناسبة ضريبة القيمة المضافة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي البالغة 15%. فضلاً عن ضريبة القيمة المضافة في اليابان، المعروفة باسم ضريبة الاستهلاك.
تغيير قواعد اللعبة
لطالما زعم ترمب ومستشاروه أن السلع الأميركية تواجه تعريفات جمركية أعلى وحواجز تجارية أخرى في الخارج مقارنة بمنتجات الدول الأخرى الواردة للولايات المتحدة. ومن خلال هذه الخطوة، يهدف ترمب لرفع الحواجز الأميركية لتتناسب مع تلك الموجودة في الدول الأخرى التي يقول إنها استفادت من الولايات المتحدة.
وإذا تم تنفيذها، فهذا يمثل تغييراً جذرياً في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع التجارة، وأحد المبادئ الأساسية للنظام التجاري العالمي الذي شكلته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
وباعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، ظلت الولايات المتحدة لفترة طويلة تروج للوصول إلى أسواقها كحافز، وتنظر إلى الانفتاح باعتباره ميزة اقتصادية. كما دعت إلى ما يعرف بنهج “الدولة الأولى بالرعاية” في التعامل مع التعريفات الجمركية، وهو النهج الذي استرشدت به قواعد التجارة العالمية منذ الأربعينيات. فهو يرى أن جميع البلدان ينبغي لها أن تعامل شركاءها التجاريين على قدم المساواة، وأن تمنحهم نفس الوصول مثل شركاءها الأولى بالرعاية، باستثناء الحالات التي تم فيها التوقيع على اتفاقيات تجارة حرة خاصة.
ممارسات تجارية “غير عادلة”
ترمب يلقي باللوم في عجز التجارة الثنائية في الولايات المتحدة على الممارسات التجارية غير العادلة، أو الصفقات السيئة التي تفاوض عليها أسلافه، أو مزيج من الاثنين معاً. كما انتقد بشكل خاص الاتحاد الأوروبي وما يعتبره من معاملة غير عادلة للمنتجات الأميركية الصنع، وخاصة السيارات والسلع الزراعية.
يزعم أغلب خبراء الاقتصاد أن العجز التجاري هو نتاج قوى أكبر بكثير من التعريفات غير المتطابقة ــفهو يعكس أيضاً عوامل الاقتصاد الكلي الأوسع مثل استهلاك الأسر الأميركية نسبة إلى نظرائهم في أماكن أخرى، ووضع الدولار الأميركي كعملة احتياطية، والشهية العالمية للأصول الأميركية.