اخر الاخبار

ترمب يرسم ملامح ولايته الثانية بهجوم على الحلفاء والجيران

أعاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التذكير بفترة ولايته الأولى ورسم صورة أولية لما ستكون عليه ولايته الثانية، حيث أطلق العديد من التصريحات الصادمة وغير المتوقعة، والتي طالت العديد من جيرانه وحلفائه، خلال أول خطاب متلفز بعد تأكيد فوزه بالانتخابات عقده الثلاثاء في مقر إقامته في “مارالاغو” في فلوريدا.

تصريحات ترمب تنوعت بين التعهد بعدم بناء أي مزارع رياح خلال ولايته المقبلة التي تبدأ في 20 يناير، وصولاً إلى رفضه التعهد بعدم استخدام القوة للسيطرة على قناة بنما وغرينلاند أكبر جزيرة في العالم والتي تتمتع بحكم ذاتي تحت سيادة الدنمارك.

استخدام الإكراه ضد بنما وغرينلاند

عندما سئل الرئيس المنتخب عما إذا كان سيقدم تطمينات للدول الأخرى بعدم اللجوء إلى الإكراه الاقتصادي أو العسكري للسيطرة على قناة بنما وغرينلاند، قال: “لا أستطيع أن أؤكد لكم عدم اللجوء إلى أي من هذين الأمرين، ولكن يمكنني التأكيد أننا بحاجة إلى المنطقتين من أجل الأمن الاقتصادي”.

وأضاف أنه سيستخدم تعريفات جمركية “عالية المستوى” لإقناع الدنمارك بالتخلي عن الجزيرة، مشيراً إلى أن “العالم لا يعرف حقاً ما إذا كانت الدنمارك لديها أي حق قانوني في الجزيرة، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فيجب عليهم التخلي عنها لأننا بحاجة إليها للأمن القومي”، مضيفاً: “هذا من أجل العالم الحر، أنا أتحدث عن حماية العالم الحر”، وفقاً لما نقلته “بلومبرغ”.

تصريحات ترمب تكرر ما سبق وأعلنه عندما افتعل أزمة مع رئيس بنما، بسبب ما اعتبره “إجحافاً” في فرض الرسوم على عبور السفن الأميركية، متهماً الصين أيضاً بالهيمنة على القناة وتشغيلها، مهدداً باستعادة السيطرة على القناة.

هذه التصريحات دفعت بالرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو إلى التأكيد أن “سيادة واستقلال بلادنا وقناتنا غير قابلين للتفاوض”، وشرع في حشد الدعم من الرؤساء السابقين دفاعاً عن القناة.

الولايات المتحدة هي أكبر عميل للقناة، وهي مسؤولة عن حوالي ثلاثة أرباع الشحنات التي تمر عبرها كل عام. أكملت الولايات المتحدة القناة التي يبلغ طولها 51 ميلاً (82 كيلومتراً) عبر مضيق أميركا الوسطى في عام 1914، لكنها تنازلت عنها لبنما في عام 1999 بموجب معاهدة وقعها الرئيس السابق جيمي كارتر في عام 1977، وهي الخطوة التي وصفها ترمب بالحمقاء.

بعد أيام، كرر ترمب النقاش الذي بدأ في عام 2019، عبر تلميحه إلى رغبته في شراء غرينلاند، وهو ما رفضته الدنمارك بسرعة آنذاك.

اتخذت الدنمارك الموقف نفسه الذي اتخذه رئيس بنما، إذ أشار رئيس وزراء غرينلاند، موتي بوروب إيغيدي، في تعليقه على تصريحات ترمب في ديسمبر الماضي، إلى أن الجزيرة “ليست للبيع ولن تكون للبيع أبداً”. ومع ذلك، قال إن غرينلاند يجب أن تظل منفتحة على التعاون والتجارة مباشرةً مع الدول الأخرى، وخاصة جيرانها.

تعتبر الجزيرة مهمة بالفعل للدفاع الوطني الأميركي، حيث أنها موطن لقاعدة جوية أميركية ومحطة رادار. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة القيمة العسكرية للمنطقة بشكل كبير بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، نظراً للموقع الاستراتيجي للجزيرة بين القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي.

العلاقة مع المكسيك وكندا

لم تقتصر تصريحات ترمب على الدولتين، إذ طالت أيضاً المكسيك وكندا. أكد ترمب في خطابه المتلفز، أن البلاد ستقوم بتغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أميركا، وهو اسم رنان ويغطي مساحة كبيرة من الأرض”، وأضاف “يا له من اسم جميل وهو مناسب”. 

واصل ترمب هجومه على المكسيك خلال الخطاب، قائلاً إن البلاد تستغل الولايات المتحدة في التجارة وتعاني من مشاكل هائلة، مسلطاً الضوء على العنف المرتبط بعصابات المخدرات.

وقال ترمب: “لدينا عجز ضخم مع المكسيك، ونحن نساعدها كثيراً”، مضيفاً أن البلاد “مدارة من قبل عصابات المخدرات، ولا يمكننا السماح بحدوث ذلك”.

كندا لم تسلم أيضاً من تصريحات ترمب، إذ قال أيضاً إنه سيستخدم “القوة الاقتصادية” لإجبار كندا على أن تصبح الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة، وهو أمر سبق وطرحه مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أنه لم يوضح المزيد من التفاصيل عن ذلك.

واعتبر ترمب أن “الولايات المتحدة تدعم كندا ولا تحتاج إلى منتجاتها، بما في ذلك السيارات والحليب”، مضيفاً: “نحن بشكل أساسي نقوم بحماية كندا. ننفق مئات المليارات سنوياً لرعاية البلاد”، معتبراً أن العجز التجاري لبلاده مع كندا يشكل “خسارة” للولايات المتحدة.

هذه التصريحات دفعت برئيس وزراء كندا جاستن ترودو إلى الرد بشكل سريع، قائلاً إنه “من المستحيل أن تصبح بلادنا جزءاً من أميركا”.

سبق للرئيس المنتخب أن وجه سهام انتقاداته إلى كل من المكسيك وكندا، إذ تعهد بفرض رسوم جمركية عليهما بنسبة 25%، مطالباً بوقف الهجرة غير الشرعية ودخول المخدرات إلى البلاد، وخفض العجز التجاري.

الناتو والإنفاق الدفاعي

تطرق الرئيس المنتخب أيضاً إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبراً أن دول الحلف يجب أن تنفق ما يعادل 5% من ناتجها الاقتصادي على الدفاع، وهو ما يزيد بأكثر من الضعف عن الهدف الحالي، وأعلى مما تنفقه الولايات المتحدة على الدفاع. يبلغ إنفاق الولايات المتحدة 3.38% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، في حين يبلغ المتوسط ​​بين أعضاء الناتو الآخرين 2.02%، وفقاً لأرقام الحلف.

ترمب قال في المؤتمر الصحافي إن الإنفاق الدفاعي لدول الحلف يجب أن يكون عند 5%، مضيفاً: “أنا الشخص الذي جعلهم ينفقون 2%” من الناتج الاقتصادي على الدفاع، في إشارة إلى الأزمة التي افتعلها خلال ولايته الأولى، عندما لمح إلى أنه لن يحترم دائماً المادة 5 من معاهدة تأسيس الناتو، والتي تلزم الأعضاء بمساعدة بعضهم بعضاً حال تعرض أي منهم لهجوم.

دفعت تهديدات ترمب والحرب الروسية على أوكرانيا دول الحلف إلى زيادة إنفاقها الدفاعي. وأشار الأمين العام مارك روته في تصريحات سابقة، إلى أن دول الحلف قد ترفع الإنفاق إلى 3% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقاً لأحدث تقييم لحلف الناتو، من المتوقع أن يصل 23 من أصل 32 دولة عضو في التحالف إلى هدف إنفاق 2% في عام 2024، مقارنة بثلاثة في عام 2014.

مزارع الرياح

ترمب معروف بانتقاده لمزارع توليد الطاقة من الرياح، ولم يغفل في خطابه من الإشارة إلى هذا الأمر. 

اعتبر ترمب أن الإدارة الجديدة ستتبنى سياسة “لا تسمح ببناء طواحين الهواء”، وهو أشد تهديد أطلقه ترمب ضد القطاع الذي يعتبره مكلفاً للغاية، وضاراً بالبيئة والحيوانات.

وبصفته رئيساً، سيكون لترمب سلطة واسعة بشأن الموافقة على مشاريع بمليارات الدولارات يتم التخطيط لها قبالة الساحل الأميركي، بالإضافة إلى مزارع الرياح المقترحة لمساحات كبيرة من الأراضي الفيدرالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *