اخر الاخبار

تراكم مليار برميل نفط في بطون الناقلات يشي بضغط العقوبات

يشير تراكم ما يقرب من مليار برميل من النفط في بحار العالم إلى وجود كمية كبيرة بشكل غير متناسب من الخام تعود لدول خاضعة لنوع من العقوبات، وهو ما يُعدّ مؤشراً على أن هذه الإجراءات تُحدث قدراً من الاضطراب في تجارة النفط.

فمن بين الزيادة في النفط المحمول على الناقلات منذ نهاية شهر أغسطس، يُعزى ما يصل إلى نحو 40% من هذا الارتفاع إلى براميل مصدرها روسيا، إيران، فنزويلا، أو من منشأ غير واضح، وذلك وفقاً لبيانات تتبّع السفن الصادرة عن “فورتكسا” (Vortexa)، و”كبلر” (Kpler)، و”أويل إكس” (OilX). وحتى أقل التقديرات، والتي تبلغ حوالي 20%، تمثّل حصة أعلى من الإنتاج العالمي من الخام مقارنة بما تمثّله هذه الدول الثلاث من مجمل الإمدادات.

ولا يعني هذا التراكم بالضرورة أن هذه البراميل لن تُباع في نهاية المطاف، لكنه يشكل تهديداً لإيرادات الدول النفطية الخاضعة للعقوبات، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات أوسع لسوق النفط العالمية، التي تشير التوقعات إلى أنها تتجه نحو تخمة في المعروض. ورغم أن هذا الارتفاع يعكس جزئياً زيادة في الإنتاج، إلا أنه يشير أيضاً إلى وجود صعوبات في تفريغ الشحنات. وقد حدث في الوقت نفسه ارتفاع مماثل في الإمدادات غير الخاضعة للعقوبات.

ازدياد كميات النفط العالق في البحار بعد تشديد العقوبات

سيشكل مصير كل هذا الخام العالق في البحر، سواء كان تحت عقوبات أم لا، عاملاً محورياً في تحديد مسار تحرك أسعار النفط خلال الشهور القليلة المقبلة، بحسب المتعاملين.

اقرأ أيضاً: كبرى شركات التكرير الهندية تتجنب شراء نفط روسيا بعد العقوبات

لقد أدى الحذر من أحدث العقوبات الغربية إلى قدرٍ من إعادة هيكلة تدفقات الخام، في ظل الآثار المتتالية على كبرى الدول المستوردة مثل الهند والصين، في حين دفع الضغط على أسطول الناقلات أسعار الشحن اليومية إلى تجاوز مستوى 100 ألف دولار يومياً لفترة وجيزة.

كتب محللون لدى “كلاركسون سيكيوريتيز” (Clarksons Securities)، منهم فرودي موركيدال: “يُعزى جزء من هذا الارتفاع إلى تشديد العقوبات الغربية، التي تركت النفط الروسي عالقاً على متن ناقلات لا تستطيع تفريغ شحناتها… اشترى المستوردون السابقون بدائل من الشرق الأوسط ومنطقة المحيط الأطلسي”.

شحنات نفط روسي أكثر مع زيادة إنتاج “أوبك+”

تتصدر الإمدادات الروسية النفط المتراكم الخاضع للعقوبات، بحسب تحليل “بلومبرغ” للبيانات الصادرة عن شركات تتبع السفن.

ارتفعت شحنات الخام الروسي المنقولة بحراً خلال الأسابيع الماضية، مع رفع البلاد الإنتاج في ظل إنهاء تخفيضات الإنتاج السابقة مع شركائها في تحالف “أوبك+” للدول المنتجة للنفط. ويُرجح أن بعض النفط يُنقل إلى محطات التصدير نتيجة الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية الروسية للنفط، لا سيما مصافي التكرير.

اقرأ أيضاً: روسيا تسعى للتحايل على العقوبات النفطية لتخفيف التأثير على موازنتها

في الوقت نفسه، أدى التضييق الغربي غير المسبوق على مستوردي الإمدادات الروسية إلى منع تفريغ بعض الشحنات، مع إحجام مصافي التكرير الهندية بشكل ملحوظ عن استلامها، وإشارات إلى احتمال عدم استعداد الصين لسد الفجوة. كما أن العقوبات الأميركية على أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، “روسنفت” و”لوك إويل” (Lukoil)، زادت من صعوبة تجارة نفطيهما.

انخفضت إيرادات روسيا من الضرائب المرتبطة بالنفط بأكثر من 24% على أساس سنوي في الشهر الماضي، بحسب تقديرات “بلومبرغ” المستندة إلى بيانات وزارة المالية، فيما تتوقع حكومة روسيا أن تتراجع عائدات النفط والغاز التي تتدفق إلى الميزانية هذا العام إلى أدنى مستوى منذ الجائحة في 2020.

ارتفعت الشحنات الإيرانية أيضاً، لتبلغ أعلى مستوى منذ سبع سنوات في أكتوبر، وهو الشهر نفسه الذي شهد فرض الولايات المتحدة عقوبات على محطة صينية رئيسية لدورها في شراء النفط الذي يساعد في تمويل النظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية.

السعودية أكبر مساهم في ارتفاع شحنات النفط العائمة

تشير “أويل إكس”، الوحدة التابعة لشركة “إنرجي أسبكتس” (Energy Aspects) الاستشارية، إلى أن بياناتها عن النفط الموجود في البحار تشمل الشحنات المؤكدة، بما يشمل صادرات من دول مثل إيران وفنزويلا، التي تتعرض في الأغلب إلى تأخيرات بسبب نشاط أسطول الظل. ونتيجةً لذلك، يُحتمل تعديل الكميات بالزيادة بمرور الوقت.

أما “فورتيكسا”، فقالت إن بيانات النفط الموجود في البحار تميل عموماً إلى الحسابات الفضفاضة، التي تُعدل خفضاً لدى تفريغ الشحنات. لكن الموقف الراهن أبعد ما يمكن عن الوضع المعتاد.

اقرأ أيضاً: ميناء نفط رئيسي في الصين يقيد أسطول الظل مستهدفاً شحنات إيران

المؤكد هو أن هناك كميات كبيرة من النفط غير الخاضع للعقوبات على متن الناقلات في البحار أيضاً مع زيادة الإنتاج العالمي، فتظهر بيانات “أويل إكس” أن السعودية كانت أكبر مساهم منفرد في الارتفاع منذ نهاية أغسطس، وتأتي بعدها الولايات المتحدة وروسيا بفارق ضئيل.

صدّرت المملكة النفط بأعلى وتيرة منذ عامين ونصف خلال الشهر الماضي، فيما واصلت استعادة الحصة السوقية التي فقدتها خلال سنوات تقييد منظمة الدول المصدّرة للبترول “أوبك” وحلفائها على الإنتاج.

النفط الخاضع للعقوبات يمثل الجزء الأكبر من الشحنات العالقة

في الوقت نفسه، ارتفعت كمية النفط الأميركي الموجود في البحر بعد ارتفاع الشحنات في أكتوبر إلى أعلى متوسط شهري منذ يوليو 2024. وزادت الكميات بعد مسارعة مصافي التكرير في آسيا إلى اقتناص الشحنات الأميركية خلال الصيف، عندما قفزت أسعار نفط الشرق الأوسط مقارنةً بالمناطق الأخرى، في ما يُعرف باسم “نافذة المراجحة”، أي مقدار الفرق بين الأسعار.

لكن الإمدادات العائمة، المُصدرة من دول خاضعة للعقوبات، تمثل نسبة أكبر من الارتفاع مقارنةً بحصتها الجماعية من إنتاج النفط العالمي التي تبلغ نحو 17%، بحسب بيانات “أويل إكس”.

قال برايان ماندل، نائب الرئيس التنفيذي لشؤون التسويق والتجارة في “فيليبس 66” (Phillips 66)، خلال مؤتمر الإعلان عن الأرباح الشهر الماضي: “واضح أن هناك كمية كبيرة من النفط في البحار حالياً. ونترقب بشكل ما لنعرف ما هي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *