تراجع مؤشرات وول ستريت مع ترقب المتداولين لبيانات التضخم
انخفضت الأسهم وارتفعت عائدات السندات، مع استعداد المتداولين في وول ستريت لبيانات التضخم التي ستساعد في تحديد ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة أو سيبقيها في اجتماعه الأسبوع المقبل.
قبل يوم واحد فقط من صدور مؤشر أسعار المستهلك، ابتعد مؤشر “إس أند بي 500” عن أعلى مستوياته على الإطلاق. وتراجعت أسهم شركة “أوراكل” بسبب نتائج الأعمال التي جاءت دون التوقعات.
في هذه الأثناء، ارتفعت أسهم شركة “ألفابت”، حيث أشاد المحللون بإعلان الشركة الأم لشركة “غوغل” عن تطور كبير في الحوسبة الكمومية من خلال استخدام شريحة “ويلو” (Willow) الكمومية. تضررت شركات بناء المنازل، نظراً لأن توقعات هامش الربح لشركة “تول برازرز” (Toll Brothers Inc) كانت أقل من التقديرات.
قال خوسيه توريس من شركة “إنتر أكتبف بروكرز” (Interactive Brokers): “معنويات المتداولين تأخذ استراحة قبل صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك”. وأضاف: “الأسهم الأميركية تتوقف قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق بينما ينتظر المستثمرون تقرير مؤشر أسعار المستهلك الأخير لهذا العام، والذي من المتوقع أن يعكس زيادة أخرى في الرقم الرئيسي السنوي”.
سيقدم مؤشر أسعار المستهلك يوم الأربعاء للمسؤولين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي نظرة نهائية على بيئة الأسعار قبل اجتماعهم المقبل. وقد تقلل أي إشارة إلى أن التقدم في مكافحة التضخم قد تعثر من فرص خفض سعر الفائدة. في الوقت الحالي، تتوقع تداولات عقود المبادلة احتمالاً بنسبة 80% لخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا الشهر.
وفقاً لاستراتيجيي “بنك أوف أميركا”، فإن السوق تُسعّر أصغر رد فعل ضمني لمؤشر أسعار المستهلك منذ عام 2021، حيث يجادل هؤلاء الاستراتيجيون بأن قراءة المؤشر ستكون أكثر أهمية هذه المرة.
قال كريغ جونسون من شركة “بيبر ساندلر”: “الزخم الصعودي يتراجع مع قيام المستثمرين بجني بعض الأرباح قبل بيانات التضخم القادمة”. وأضاف: “الاتجاهات الصعودية الرئيسية لا تزال سليمة، مدعومة بانتشار إيجابي في السوق. ينبغي استغلال التراجعات التي تؤكد مستويات الدعم كفرص للشراء، خصوصاً في القطاعات الرائدة”.
ارتفاع التضخم
من المتوقع أن تُظهر أرقام مؤشر أسعار المستهلك، يوم الأربعاء، زيادة بنسبة 0.3% للمرة الرابعة على التوالي في المؤشر الأساسي الذي يستثني الغذاء والوقود. ستكون هذه البيانات آخر نقطة بيانات رئيسية حول التضخم قبل الاجتماع النهائي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لهذا العام بشأن السياسة النقدية.
أظهر استطلاع أجرته “22 في ريسرتش” (22V Research) أن 37% من المستثمرين يتوقعون أن يكون رد فعل السوق تجاه بيانات مؤشر أسعار المستهلك سلبياً (تجنب المخاطر). كما انقسمت النسبة المتبقية بالتساوي بين المستثمرين الذين يتوقعون أن يكون رد الفعل إيجابياً (إقبال على المخاطر) أو مختلطاً/ضئيل التأثير.
علاوة على ذلك، كشف استطلاع “22 في” أن 61% من المستثمرين يعتقدون أن مؤشر أسعار المستهلك الأساسي يسير على مسار “ملائم للفيدرالي”، أي دون تشديد كبير في الظروف المالية أو حدوث ركود اقتصادي. وهذه النسبة هي الأعلى منذ شهر فبراير. كما أن 37% يرون أن الظروف المالية بحاجة إلى تشديد، مقارنة بنسبة 45% في الشهر الماضي.
بالنسبة إلى بريت كينويل من شركة “إي تورو” (eToro)، فإن أحد المؤشرات التي يجب مراقبتها هو معدل التضخم الأساسي السنوي، الذي بلغ 3.3% في الشهرين الماضيين. وتشير التوقعات الحالية إلى تسجيل نسبة 3.3% مرة أخرى.
وقال كينويل: “القراءة المتوافقة مع التوقعات أو أقل من المتوقع من المرجح أن تثبت قرار خفض الفائدة، بينما قد تؤدي قراءة أعلى من المتوقع إلى إثارة بعض الشكوك حول ما إذا كان ينبغي على الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة مجددا”.
وفقاً لماثيو ويلر من “فوركس دوت كوم”، و”سيتي إندكس”، فإن الفيدرالي يركز على الحفاظ على التوظيف الكامل ومراقبة التضخم، الذي ظل عالقاً في نطاق 3% بعد انخفاض حاد في عامي 2022 و2023.
سيناريوهات الفيدرالي
أضاف ويلر: “مع ذلك، أشارت غالبية تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في الأسابيع الأخيرة إلى أن البنك المركزي في طريقه إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل في ديسمبر، حتى لو لم يكن هذا الرأي موحداً بشكل تام حتى الآن”.
من ناحية أخرى، قال وين ثين وإلياس حداد من “براون برازرز هاريمان” (Brown Brothers Harriman & Co) إنه في حال خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بالفعل، سيكون هذا الخفض “تشديدياً”، ما يمهد الطريق للتوقف عن إجراء أي تغييرات إضافية في يناير، وربما لفترة أطول من ذلك.
تدعم توقعات “بلومبرغ إيكونوميكس” الحالية الترجيحات المتعلقة بثبات معدل التضخم الأساسي، مع الإشارة إلى وجود مخاطر انخفاض محتملة للقراءة الرئيسية.
قال سكوت جونسون من “بلومبرغ إيكونوميكس”: “الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لصانعي السياسات هو أن التضخم يبدو مستعداً للبقاء فوق هدف الفيدرالي بشكل غير مريح طوال العام المقبل، حيث يشير نموذج آخر لدينا إلى انتعاش في عوامل الطلب”.
يُظهر نموذج “بلومبرغ إيكونوميكس” للعوامل الاقتصادية الشاملة التي تؤثر على التضخم في الولايات المتحدة إشارات متباينة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وساهمت صدمات العرض الانكماشية في خفض التضخم إلى ما دون متوسطه طويل الأجل في الأشهر الأخيرة، لكن العوامل المتعلقة بالطلب تدفع الآن في الاتجاه المعاكس بعد تلاشيها خلال العام الماضي.
تحركات أكثر حذراً
وأضاف جونسون: “فريقنا في الولايات المتحدة يرى أن الفيدرالي سيتحرك بحذر أكبر في مواجهة موجة من التفاؤل الاقتصادي الناتجة عن الانتخابات الرئاسية”.
بالنسبة إلى إيان لينغن وفايل هارتمان من “بي إم أو كابيتال ماركتس”، فإن ارتفاع أسعار الأسهم ليس من المرجح أن يؤثر على قرار السياسة النقدية للفيدرالي الأسبوع المقبل.
وقالا: “في نهاية المطاف، إذا لم يكن القلق بشأن تأثير الثروة على التضخم قد أثر بشكل ملموس على الفيدرالي حتى الآن، فلن يكون هناك تغيير في النبرة الآن بعد أن تلقت الأسهم دفعة إضافية من نتيجة الانتخابات الداعمة للأعمال”.
يمكن أن يكون التفاؤل الكبير في السوق بشأن الأسهم إشارة معاكسة بالنسبة لجيفري ييل روبن من “بيريناي أسيوسييتس” (Birinyi Associates)، الذي قال إن ذلك يجعله “غير مرتاح” بشأن استمرار تقدم مؤشر “إس أند بي 500”.
تفاؤل حذر
قال روبن: “في العام الماضي، كنا وحيدين (وكنا نفضل ذلك) في نظرتنا المتفائلة التي عبّرنا عنها في إصدار يناير من نشرة ريمينيساينسيس (Reminiscences). نريد امتلاك الأسهم لأننا في سوق صاعدة، وفي السوق الصاعدة هذا ما تفعله، تمتلك الأسهم. وبينما نبقى إيجابيين مع دخولنا عام 2025، فإننا نشعر بالقلق نظراً لزيادة التفاؤل المحيط بنا”.
أما دان وانتروبسكي من “جاني مونغومري سكوت” (Janney Montgomery Scott)، فيرى أن المؤشرات الفنية تشير إلى ضرورة توخي الحذر مع اقتراب نهاية العام.
وقال وانتروبسكي: “نرى ونسمع حالياً قدراً هائلاً من التفاؤل المتزايد لعام 2025، سواء من تقارير الاستراتيجيين، أو توقعات الاقتصاديين، أو من مجتمع المستثمرين بشكل عام. في رأينا، قد يصبح هذا في مرحلة ما مؤشراً معاكساً، حيث لا تزال العديد من مناطق السوق في حالة تشبع شرائي مع اقتراب العام الجديد”.