تراجع في أسواق الأسهم العالمية مع عزوف المستثمرين عن المخاطر

امتدت موجة بيع الأسهم العالمية إلى اليوم الرابع، إذ ابتعد المستثمرون القلقون من التقييمات المرتفعة لأسهم التكنولوجيا عن الأصول عالية المخاطر قبيل صدور أرباح “إنفيديا” وتقرير الوظائف الأميركي الرئيسي في وقت لاحق هذا الأسبوع.
واستقر مؤشر عالمي للأسهم حول أدنى مستوى في شهر، بينما تراجعت الأسهم الآسيوية بنسبة 1.3%، بقيادة شركات التكنولوجيا، وهي في طريقها لتسجيل ثالث يوم على التوالي من الخسائر.
وتراجعت أكثر من شركتين مقابل كل شركة ارتفعت ضمن مؤشر “إم إس سي آي آسيا والمحيط الهادئ”، الذي انخفض إلى ما دون متوسطه المتحرك لـ50 يوماً للمرة الأولى منذ أبريل. وفي ظل المعنويات الضعيفة، تراجعت “بتكوين” لتتداول قرب 91500 دولار، وهي مستويات لم تُسجل منذ أبريل.
وفي أسواق أخرى، حافظ مؤشر الدولار على مكاسبه من الجلسة السابقة، بينما سجّل الذهب اليوم الرابع من الخسائر، مدعوماً بتلاشي توقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الشهر المقبل. وعادة ما تجعل أسعار الفائدة المنخفضة المعدن النفيس، الذي لا يدرّ فائدة، أكثر جاذبية للمستثمرين.
حالة عدم يقين تسيطر على الأسواق
تُبرز هذه التحركات استمرار حالة عدم اليقين بشأن أسعار الفائدة وأرباح التكنولوجيا، مع استعداد المستثمرين لنتائج “إنفيديا” يوم الأربعاء، والتي ستختبر شهية المخاطرة تجاه التقييمات المرتفعة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وسيتحول التركيز بعد ذلك إلى تقرير وظائف سبتمبر المؤجل، المقرر صدوره يوم الخميس، والذي سيمنح المستثمرين إشارات حول توجهات سياسة الفيدرالي.
وقال كريس لاركن من “إي تريد” التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “عادةً ما يسيطر تقرير الوظائف الشهري على جدول البيانات الاقتصادية لهذا الأسبوع، لكن مع تعثر تداولات الذكاء الاصطناعي خلال الأسبوعين الماضيين، تبدو أرباح إنفيديا مرة أخرى جزءاً أساسياً من أحجية زخم السوق”.
تزايد القلق من تصحيح واسع في الأسهم الأميركية
تتزايد التحذيرات لدى المحللين الذين يدرسون أنماط الرسوم البيانية في السوق الأميركية، ما يغذّي المخاوف من أن التراجع الأخير قد يتحول إلى تصحيح كامل لا يقل عن 10%.
وقد أدى الهبوط الحاد في مؤشر “إس آند بي 500” يوم الإثنين إلى توسيع نسبة التراجع من أعلى مستوى سجّله في 28 أكتوبر إلى 3.2%. وأغلق المؤشر دون متوسطه المتحرك لـ50 يوماً للمرة الأولى خلال 139 جلسة، منهياً ثاني أطول فترة هذا القرن فوق هذا الخط الفني المهم.
كما يُظهر مؤشر “ناسداك المركب” إشارات “سلبية”، بحسب جون روك، رئيس التحليل الفني لدى “22 في ريسيرش”، إذ يتداول عدد أكبر من مكوناته البالغ عددها نحو 3300 سهم، عند أدنى مستوياتها في 52 أسبوعاً مقارنةً بالأسهم التي تسجل قمماً جديدة، وهي إشارة ضعف داخلي تجعل استمرار الارتفاع أقل احتمالاً.
وقال نيك تويدال، كبير المحللين في “إيه تي غلوبال ماركتس” في سيدني: “كان عاماً ممتازاً للمستثمرين بشكل عام، لكن التوترات تتزايد بوضوح مع اقتراب نهاية العام”. وأضاف: “قد نشهد مزيداً من التقلب خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع دخولنا فترة تداولات عيد الميلاد”.
اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب ينبغي التعامل بحذر مع ارتفاع الأسهم الأميركية
وقال غارفيلد رينولدز من فريق “ماركتس لايف” في “بلومبرغ” إن “شهية المخاطرة تراجعت مع مخاوف من طفرة مبالغ بها في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب صدمة المستثمرين من احتمال تأجيل الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لشهر إضافي”.
وأضاف: “مع ذلك، فإن متانة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب استعداد البنك المركزي للتيسير إذا ظهرت إشارات معاكسة، قد تجعل أسواق الأسهم الأميركية والعالمية قادرة على التعافي من ركودها الحالي”.
وانخفضت أسهم “إنفيديا” أيضاً في التداولات الأميركية بعد أن أظهرت إفصاحات أن صندوق التحوط التابع لبيتر ثايل باع حصته في الشركة خلال الربع الثالث.
وقال دينيس فولمر من “مونتيس فاينانشال”: “بينما يجب أن نتوقع في نهاية المطاف مراجعة لنهج ضخ تريليونات الدولارات في استثمارات الذكاء الاصطناعي من دون مسار واضح للربحية، فإن الأسواق من غير المرجح أن تنهار بينما الفيدرالي لا يزال في وضع التيسير والاقتصاد لا يزال قوياً”.
اقرأ أيضاً: هل بيع “حوت ناسداك” لأسهم “إنفيديا” يعبر عن يأس؟
خلافات داخل الفيدرالي.. ومسار الفائدة تحت المجهر
يمثل مسار خفض أسعار الفائدة محور القلق الآخر للمستثمرين وسط تباين الآراء بين مسؤولي البنك المركزي.
وقال نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي فيليب جيفرسون إنه يرى أن مخاطر سوق العمل “تميل إلى الجانب السلبي”، لكنه حذّر من ضرورة أن يتحرك صناع السياسات ببطء.
في المقابل، يدعم عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر خفضاً للفائدة في ديسمبر استناداً إلى بيانات وظائف ضعيفة. ويُسعّر المتداولون احتمالاً بنحو 40% لخفض الفائدة الشهر المقبل.
وكتب ديلين وو، الاستراتيجي لدى “بيبرستون غروب”، في مذكرة: “يواصل مسؤولو الفيدرالي التعبير عن القلق بشأن التضخم العنيد، مؤكدين أن غياب البيانات الحالية يجعل من الصعب تقييم الزخم الحقيقي للاقتصاد”.



