تراجع طفيف للأسهم الآسيوية مع هدوء وتيرة ارتفاع الأسواق

تراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة الأميركية بشكل طفيف يوم الجمعة، مع استقرار موجة الارتفاع التي شهدتها الأسواق العالمية خلال الأسبوع. وواصلت سندات الخزانة الأميركية مكاسبها التي حققتها يوم الخميس، حيث قام المتعاملون بتسعير احتمال خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي مرتين هذا العام.
وتعرضت الأسهم في اليابان والصين لضغوط في التعاملات المبكرة يوم الجمعة، بينما بقيت أسهم كوريا الجنوبية مستقرة، وارتفعت الأسهم الأسترالية. في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، لتمحي جزءاً من مكاسب مؤشر “إس آند بي 500” التي بلغت 0.4% يوم الخميس. وسجل المؤشر القياسي للأسهم الكندية مستوى قياسياً جديداً بعد موجة ارتفاع استمرت لثمانية أيام.
ولا يزال الحذر مسيطراً على الأسواق بعد صعود قوي أثار مخاوف من أن السوق باتت محمومة، ما دفع المستثمرين إلى التحول نحو الأسهم الدفاعية ذات التوزيعات النقدية، التي كانت قد تخلفت عن السوق خلال الشهر الماضي.
تراجع الكبار
وتراجعت أسهم شركة “علي بابا” القابضة بنسبة وصلت إلى 6.7% في بورصة هونغ كونغ بعد أن جاءت إيراداتها الفصلية دون التوقعات. وجاء ذلك في أعقاب خسائر قادتها شركة “ميتا بلاتفورمز” في قطاع التكنولوجيا يوم الخميس، بعد تقرير أفاد بتأجيلها طرح نموذجها الرئيسي في مجال الذكاء الاصطناعي.
واستقرت سندات الخزانة الأميركية في تداولات آسيا يوم الجمعة بعد ارتفاعها يوم الخميس، مع تراجع غير متوقع في الأسعار التي يدفعها المنتجون في الولايات المتحدة، وهو الأكبر منذ خمس سنوات، ما يشير إلى أن الشركات قد تتحمل جزءاً من تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة. كما انخفضت عوائد السندات الأسترالية والنيوزيلندية.
وأظهرت بيانات اقتصادية أميركية أخرى تباطؤاً في نمو مبيعات التجزئة، وانخفاضاً في الإنتاج الصناعي لأول مرة منذ ستة أشهر، واستمرار الانكماش في نشاط التصنيع في ولاية نيويورك، بالإضافة إلى تراجع ثقة شركات البناء.
وقالت فرانسيس تشيونغ، استراتيجيتة أسعار الفائدة لدى “أوفسي-تشاينيز بانكينغ كورب”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”، إن تحركات السوق تعكس “بيئة معتدلة”، تدعمها التوقعات بخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام. وأضافت: “الفيدرالي يفضل انتظار بضعة أشهر إضافية من البيانات قبل إعطاء الضوء الأخضر لخفض الفائدة”.
تحركات السندات
دفعت موجة ارتفاع السندات يوم الخميس العوائد على تلك التي تستحق خلال عامين إلى عشرة أعوام إلى التراجع بأكثر من 10 نقاط أساس. وكانت السندات الأطول أجلاً قد شهدت تقلبات حادة في وقت سابق نتيجة صفقات ضخمة دفعت عائد السندات لأجل 30 عاماً إلى الاقتراب من 5%. وخسر مؤشر الدولار 0.2% يوم الخميس، وبقي مستقراً في تداولات الجمعة المبكرة.
وقال زاكاري غريفيثس، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي والسندات من الدرجة الاستثمارية في “كريديت سايتس”: “الأخبار السيئة أصبحت أخباراً جيدة لسوق السندات”، في إشارة إلى أن بيانات يوم الخميس – بما فيها أسعار المنتجين ومبيعات التجزئة – أشارت إلى ضعف الاقتصاد.
وفي آسيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الهند قدّمت عرضاً لإلغاء الرسوم الجمركية على السلع الأميركية، بينما تتفاوض مع واشنطن لتجنب زيادات أكبر على الواردات. وكانت الهند من أوائل الدول التي بدأت مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة عقب زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى البيت الأبيض في فبراير.
وفي مكان آخر، انكمش الاقتصاد الياباني لأول مرة منذ عام، ما يبرز هشاشته حتى قبل أن يتأثر بإجراءات ترمب الجمركية. وارتفعت العملة اليابانية الين بنسبة 0.3% يوم الجمعة إلى نحو 145 ينّاً مقابل الدولار. ومن المقرر أن يتحدث المسؤول في بنك اليابان، تويوأكي ناكامورا، في وقت لاحق من اليوم.
موجة صعود الأسهم
تتداول الأسهم حالياً كما لو أن انهيار الشهر الماضي لم يقع من الأصل. ويبتعد مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 4% فقط عن أعلى مستوى له على الإطلاق، بينما عاد مؤشر “ناسداك 100” من سوق هابطة إلى سوق صاعدة. وتدعمت هذه المكاسب مع تراجع التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، وظهور مؤشرات على تليين البيت الأبيض موقفه في المفاوضات التجارية.
وقال لامار فيلير، مدير المحافظ في شركة “فيلير أند كو”: “لا أريد أن أتحمس كثيراً، لكن قد نتمكن فعلاً من التركيز على أساسيات الشركات هذا الصيف”. وأضاف مازحاً: “لو أخبرني أحد قبل شهر بأن الأسهم ستكون مرتفعة منذ بداية العام حين ينهي أطفالي امتحاناتهم، لقلت إنه كاذب”.
ومع ذلك، لا يزال الغموض يكتنف التأثير الفعلي للرسوم الحالية على الاقتصاد الأميركي أو المسار الذي ستتخذه الحرب التجارية العالمية في الأشهر المقبلة.
وحذّر مايكل بار، محافظ في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من أن اضطرابات سلاسل التوريد الناجمة عن الرسوم قد تؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، رغم قوله إن الاقتصاد لا يزال متيناً.
احتمالات الركود
لا تزال احتمالات الركود قائمة، بحسب جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك “جيه بي مورغان”، الذي قال في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” خلال مؤتمر الأسواق العالمية السنوي للبنك في باريس: “نأمل أن نتجنبه، لكني لن أستبعده في هذه المرحلة”. وأضاف: “إذا وقع الركود، لا أعلم مدى عمقه أو مدته”.
وترى مؤسسة “ويلز فارغو إنفستمنت” أن النمو الاقتصادي، ووضوح الصورة بشأن رسوم ترمب، واستمرار نمو الأرباح، كلها عوامل ستدعم تحقيق مكاسب إضافية في سوق الأسهم خلال بقية هذا العام والعام المقبل.
وفي أسواق السلع، لم تشهد أسعار النفط تغيراً يُذكر يوم الجمعة بعد تراجعها في الجلسة السابقة، على خلفية تصريحات ترمب بأن الولايات المتحدة وإيران تقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي. كما استقرت أسعار الذهب.