تراجع الدولار يدفع الصين لإضعاف قوة اليوان بعد أشهر من دعمه

دفع تراجع الدولار المستمر بنك الشعب الصيني إلى تغيير نهجه في إدارة العملة، إذ يتحول من دعم اليوان إلى محاولة الحد من مخاطر ارتفاعه السريع.

حدد البنك المركزي الصيني هذا الأسبوع سعر الصرف المرجعي اليومي لليوان عند مستوى أضعف قليلاً من توقعات السوق، وذلك بعد أن كان يحدد السعر عند مستويات أقوى طوال الأشهر الستة الماضية. كما يستعد البنك للتوقف عن بيع السندات في هونغ كونغ للشهر الثالث على التوالي، وهي أطول فترة انقطاع منذ عام 2018، مما يُبقي السيولة وفيرة ويخفف من الضغوط الصعودية على اليوان.

بالإضافة إلى ذلك، رصد متعاملون قيام بنوك مملوكة للدولة بشراء الدولار في السوق المحلية خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لإبطاء وتيرة مكاسب العملة الصينية.

يُعد هذا التحول من قبل بنك الشعب الصيني أحدث مثال على كيفية تأثير هبوط الدولار على الأسواق المالية العالمية، حيث بدأت البنوك المركزية الأخرى تتراجع عن دعم عملاتها، وتستعد لاتباع سياسات أكثر تيسيراً لتعزيز النمو. وفي حالة الصين، تعين على السلطات أن تتعامل بحذر، إذ أن ضعف اليوان بشكل حاد قد يؤدي إلى نزوح رؤوس الأموال، بينما قد يضر ارتفاعه السريع بالصادرات.

تداعيات الهدنة التجارية

قالت جو وانغ، رئيسة استراتيجية الصرف وأسعار الفائدة لمنطقة الصين الكبرى في بنك “بي إن بي باريبا”: “الأوضاع  المحلية في الصين غير مستعد لتحمل ارتفاع كبير في قيمة اليوان. ما زلنا نعتقد أن اليوان سيظل متخلفاً عن سلة العملات، رغم ضعف الدولار والحديث عن تقليل الاعتماد عليه”.

أسهمت الهدنة التجارية بين بكين وواشنطن في دعم العملة الصينية، حيث ارتفع اليوان بأكثر من 2% مقابل الدولار منذ أن سجل أدنى مستوى له في 18 عاماً في أبريل. ومكّن هذا الارتفاع بنك الشعب من تقليص دفاعاته عن العملة.

وفي هذا السياق، أحجم البنك عن إصدار سندات في هونغ كونغ، ووفقاً لحسابات “بلومبرغ”، فإن الأدوات التي حل أجل استحقاقها في الأشهر الثلاثة حتى مايو ضخت نحو 85 مليار يوان (ما يعادل 11.8 مليار دولار) في السوق، مما ساعد على إبقاء تكاليف التمويل لمدة شهر على اليوان عند نحو 1.7%، مقارنة بـ 4.5% في يناير، عندما عرض البنك سندات إضافية للضغط على المضاربين على انخفاض العملة.

موقف الدعم الحكومي

تؤكد أحدث البيانات الاقتصادية الحاجة إلى الحيلولة دون ارتفاع اليوان بسرعة كبيرة. فعلى الرغم من صمود الصادرات، فإن الانكماش المستمر في الأسعار وضعف الاستهلاك المحلي يسلطان الضوء على ضرورة استمرار الدعم الحكومي.

ويقول محللون إن المسؤولين الصينيين من المستبعد أن يقفوا موقف المتفرج إذا واصل اليوان ارتفاعه السريع، على غرار ما حدث مع عملتي تايوان وكوريا الجنوبية في الآونة الأخيرة.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي العملات الآسيوية في “ميزوهو بنك” (Mizuho Bank): “مع عودة موجة بيع الدولار الأميركي، يُرجح أن يتحرك بنك الشعب الصيني بحذر لتجنب ارتفاع مفرط في قيمة اليوان، لما قد يشكله ذلك من ضغط على صادرات الصين في ظل حرب الرسوم الجمركية”.