تراجع الجنيه قد يدفع المركزي المصري لتثبيت الفائدة
أجمع 12 بنكاً استثمارياً، استطلعت “الشرق” آراءهم، على أن البنك المركزي المصري سيختتم هذا العام باستكمال مسار الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير للمرة السادسة على التوالي، وذلك خلال اجتماعه الأخير بنهاية الأسبوع المقبل.
على مدار هذا العام، عقد البنك المركزي سبعة اجتماعات بشأن الفائدة، قرر في خمسة اجتماعات متتالية منها الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، بعد زيادة كبيرة لأسعار الفائدة في فبراير ومارس بمجموع 800 نقطة أساس.
احتفظت بنوك الاستثمار بتوقعاتها بتثبيت سعر الفائدة في الاجتماع الأخير من هذا العام وسط مخاوف من تراجعات جديدة للجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، والذي قد ينشب عنها ضغوط تضخمية جديدة، خاصة أن مستويات التضخم الحالية مازالت مرتفعة ولا تسمح بأي خفض في أسعار الفائدة.
التضخم
تباطأت وتيرة التضخم في مدن مصر لتسجل أدنى مستوى منذ نهاية 2022 في نوفمبر عند 25.5% على أساس سنوي، مقارنةً مع 26.5% في أكتوبر.
التباطؤ هو الأول في أربعة أشهر منذ أن بدأ معدل التضخم في التسارع منذ أغسطس الماضي، وذلك عقب زيادات حكومية لأسعار الوقود وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق في الآونة الأخيرة، انعكست على القراءات الخاصة بالتضخم على مدى أغسطس وسبتمبر وأكتوبر. وسبق ذلك زيادة سعر رغيف الخبز المدعم 300% بنهاية مايو، في خطوة هي الأولى منذ أكثر من 3 عقود.
استبعد محمد أبو باشا كبير الاقتصاديين في قطاع البحوث في مؤسسة الاستثمار “إي إف جي” القابضة، أن يحرك البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه المقبل إلا بعد التأكد من نزول معدل التضخم بشكل مستدام وليس مجرد تباطؤ مؤقت، لذا سيظل الترقب مسيطراً على المرحلة الحالية.
اتفق معه منصف مرسي، ئيس قطاع البحوث بشركة “سي أي كابيتال”، في أن البنك المركزي سيتجه للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل، لأن القراءات الحالية لمعدلات التضخم مازالت مرتفعة وبعيدة عن مستهدف التضخم الذي حدده، كما أن الحكومة المصرية مازالت مستمرة في تنفيذ إصلاحات مالية ستبقي على مستويات التضخم مرتفعة، ما سيصعب معها إتخاذ أي قرار بتخفيض سعر الفائدة في الوقت الراهن.
أكثر جرأة
مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في شركة “عربية أون لاين” لتداول الأوراق المالية، قال إن “تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار أصبح بشكل أكثر جرأة ووضوحاً، ما سيمثل ضغوطاً تضخمية جديدة خلال الفترة المقبلة فقد نشهد زيادات جديدة في أسعار الأغذية والأدوية والاتصالات وغيرها من المنتجات والخدمات”.
وأضاف أن هذا يجعل قرار خفض سعر الفائدة غير مناسب في الوقت الحالي، خاصة في ظل حاجة “المركزي” من ناحية أخرى لاستمرار أسعار الفائدة المرتفعة لأذون الخزانة للحفاظ على استثمارات الأجانب في الأذون وضمان جاذبية عوائدها لهم.
واستبعد “أي خفض في سعر الفائدة قبل نهاية الربع الأول من العام القادم لحين وضوح الرؤية بشكل أكبر حول التضخم وسعر الصرف”.
انخفضت العملة المصرية إلى 50.8 جنيه للدولار في السوق الخارجية، خلال معاملات هذا الأسبوع حتى أمس الاثنين، في أحدث تراجع بسلسلة من الانخفاضات المستمرة منذ ستة أسابيع تقريباً. ويُعد ذلك علامة على مرونة أكبر لسعر صرف الجنية، الذي شهد فترات طويلة من الاستقرار بعد أن خفضت السلطات في مارس قيمة العملة للمرة الرابعة منذ أوائل 2022.
غير ملائمة
إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية بشركة “الأهلي فاروس”، ترى أن خيار تثبيت سعر الفائدة مازال الأنسب حالياً في معدلات التضخم المرتفعة نسبياً، رغم تراجعها هامشياً وفقاً لبيانات شهر نوفمبر الماضي 2024، إلا أن تلك المعدلات القائمة لا تتيح معدل فائدة حقيقي مناسب.
وأشارت أيضاً إلى التراجع التدريجي المتزايد للجنيه، مؤخراً، ما يجعل الظروف بشكل عام في الوقت الحالي غير ملائمة لخفض سعر الفائدة، الأمر الذي قد نشهده في الربع الاول من عام 2025.
سعر صرف الجنيه المصري يحظى بمتابعة لصيقة، سواء من قبل المستثمرين الباحثين عن عوائد عالية أو من صندوق النقد الدولي، الذي يريد أن تعكس العملة بدقة العرض والطلب.
* بنوك الاستثمار التي شاركت في الاستطلاع هي: “إي إف جي القابضة”، و”بلتون”، و”النعيم”، و”زيلا كابيتال”، و”سي آي كابيتال”، و”الأهلي فاروس”، و”برايم”، و”مباشر المالية”، و”ثاندر”، و”العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية”، و”كايرو كابيتال”، و”عربية أون لاين”.