تخارج “سوفت بنك” يهز سهم “إنفيديا” لكن هل دافعه يأس؟

يثير ماسايوشي سون، الذي يدير أكبر صندوق لرأس المال الاستثماري في العالم، ضجةً من جديد.
لقد باعت شركته “سوفت بنك” كامل حصتها في شركة “إنفيديا” مقابل 5.8 مليار دولار، مما جدّد المخاوف من أن تقييمات شركات التقنية أصبحت مبالغاً فيها. كما أن هذه الصفقة تمثل تحولاً جذرياً في موقف سون.
في الربع الأخير من مارس، كانت “سوفت بنك” منشغلة بشراء أسهم شركة تصميم شرائح الذكاء الاصطناعي. وارتفع سهم “إنفيديا” بنسبة 44% هذا العام، وهو يُتداول الآن عند مضاعف ربحية 42 مرة، مقارنةً مع 35 مرة قبل عام.
في حين أن التساؤل عمّا إذا كانت فقاعة الذكاء الاصطناعي تتشكل أمر منطقي، إلا أنه سابق لأوانه اعتبار بيع “سوفت بنك” علامة على بلوغ السوق ذروتها. ولا ننسى أن سون ليس وارن بافيت.
هل تعوم “سوفت بنك” خارج مياهها؟
خاضت “سوفت بنك” غمار الأسواق العامة في السنوات الأخيرة، مبتعدةً بشكل كبير عن نشاطها الأساسي المتمثل في رصد الشركات الناشئة الواعدة. في أواخر عام 2020، أطلقت المجموعة مشروعاً جانبياً مثيراً للجدل في مجال صناديق التحوط يُدعى “إس بي نورث ستار” (SB Northstar)، واشترت هذه الوحدة مليارات الدولارات من مشتقات الأسهم الأميركية، ما أثار تقلباتٍ في السوق وأكسب “سوفت بنك” لقب “حوت ناسداك”.
مع ذلك، بحلول أوائل عام 2022، اضطرت الشركة إلى تقليص استثماراتها في “ورث ستار” بحدّة بعدما تكبدت خسارة تراكمية بلغت 746 مليار ين (4.8 مليار دولار).
ماسايوشي سون يغدق على “أوبن إيه آي”.. هل حان وقت القلق؟
إلى جانب سجله الضعيف، يواجه سون أيضاً احتياجات تمويلية ملحة. وتسارع “سوفت بنك” لتأمين استثمارها في أسهم “أوبن إيه آي” (OpenAI). في مارس، قادت جولة تمويلية بتقييم بلغ 260 مليار دولار، ووعدت باستثمار 30 مليار دولار بحلول نهاية العام. ولم تستثمر سوى 7.5 مليار دولار حتى الآن.
تخارجات سعياً للسيولة
لجمع الأموال، تخلصت “سوفت بنك” من أسهم “تي-موبايل يو إس” (T-Mobile US)، وباعت سندات ممتازة وأخرى هجينة، ووسّعت تسهيلات قروض الهامش بدعم من “آرم هولدينغز” (Arm Holdings). بإضافة صفقة “إنفيديا”، حصل التكتل على تمويل صافٍ قدره 30 مليار دولار هذا العام، وهو ما يكفي بالكاد لاستثماره في “إوبن إيه آي”.
يتعين على سون إتمام الصفقة للحفاظ على أرباح “سوفت بنك”. إذ أن الشركة اليابانية أعلنت في الربع المنتهي في سبتمبر عن صافي دخل مفاجئ بلغ 2.5 تريليون ين، متجاوزةً بكثير متوسط تقديرات المحللين البالغة 418 مليار ين. ولعبت شركة سام ألتمان الناشئة دوراً أساسياً في ذلك. وحققت “سوفت بنك” مكاسب في القيمة العادلة بقيمة 12.8 مليار دولار من أسهمها في “أوبن إيه آي”.
لتبرير هذه المناورة المحاسبية، أشارت “سوفت بنك” إلى أنه في أحدث عملية بيع لأسهم موظفي “أوبن إيه آي”، التي تمّت في أكتوبر، بلغت قيمة الشركة الناشئة 500 مليار دولار، أي ما يناهز ضعف سعر “أوبن إيه آي” عند استثمار “سوفت بنك” فيها. لكن أكثر من نصف هذه الأرباح غير المحققة جاءت من عقود مستقبلية قد يتعين عكسها إن لم تتمكن “سوفت بنك” من إغلاق استثماراتها اللاحقة بحلول ديسمبر.
وحظي سون بمكافأة سخية على استثماراته في الذكاء الاصطناعي، حيث سجلت أسهم “سوفت بنك” مستوى قياسياً مرتفعاً في أكتوبر، ويعود ذلك بشكل كبير إلى سيطرتها على شركة “إيه آر إم” (ARM)، المعروفة بترخيص بنية وحدة المعالجة المركزية (CPU) لشركاء مثل “إنفيديا”.
سون وألتمان لا يريان نهاية للطلب على الذكاء الاصطناعي
وأعلنت الشركة اليابانية عن أفضل دخل ربع سنوي لها في ثلاث سنوات بفضل المكاسب الورقية من أسهمها في “أوبن إيه آي”. نتيجةً لذلك، سيُضاعف رجل الأعمال جهوده، باحثاً عن أهداف استحواذ بمليارات الدولارات.
من ناحية أخرى، لا يدعم طموح سون موارد مالية وفيرة. بينما تنشغل “سوفت بنك” بإعادة ترتيب محفظتها الاستثمارية الضخمة، سيتعين على الشركة بيع الأصول الأكثر سيولة المتاحة لتمويل حملة رئيس مجلس إدارتها الشرائية. لم تكن “إنفيديا” الأولى ولن تكون الأخيرة.
في عام 2020، عندما كانت “سوفت بنك” تراهن بقوة على المشتقات المالية، اشتكى المتداولون من خطورة دخولها سوق الأسهم وتسببها في تقلبات حادة. للأسف، لقد عاد “حوت ناسداك”.



