تحقيق أميركي مع “مايكروسوفت” يتعلق بمكافحة الاحتكار

تمضي لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية قدماً في تحقيق واسع النطاق لمكافحة الاحتكار ضد شركة “مايكروسوفت” والذي فُتح في الأيام الأخيرة من إدارة بايدن، مما يشير إلى أن رئيس لجنة التجارة الفيدرالية الجديد أندرو فيرجسون سيعطي الأولوية للتدقيق في شركات التكنولوجيا العملاقة.
وواصل موظفو لجنة التجارة الفيدرالية في الأسابيع الأخيرة العمل على التحقيق، والاجتماع مع الشركات والمجموعات الأخرى لجمع المعلومات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم أثناء مناقشة تحقيق غير معلن.
بيانات الذكاء الاصطناعي
أرسلت لجنة التجارة الفيدرالية إلى “مايكروسوفت” ما يُسمى بطلب تحقيق مدني، وهو أشبه باستدعاء قضائي، أواخر العام الماضي. وتُلزم هذه الوثيقة، التي اطلعت بلومبرغ على نسخة منها، الشركة بتسليم كميات هائلة من البيانات المتعلقة بعمليات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تكلفة تدريب النماذج والحصول على البيانات، والتي تعود إلى عام 2016.
وسعت الوكالة إلى الحصول على تفاصيل حول مراكز بيانات “مايكروسوفت”، والصعوبات التي واجتها في العثور على قوة حوسبة كافية لتلبية طلب العملاء وممارسات ترخيص البرامج الخاصة بالشركة.
كما تدقق لجنة التجارة الفيدرالية في قرار “مايكروسوفت” بخفض التمويل لمشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بعد إبرام صفقة مع “أوبن إيه آي” (OpenAI)، وهو ما قد يُنظر إليه على أنه يضر بالمنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي المزدهرة.
وتلقت إحدى الشركات بشكل منتظم استفسارات من لجنة التجارة الفيدرالية بشأن قضية ممارسات الترخيص الخاصة بشركة “مايكروسوفت” منذ إرسال طلب التحقيق، وفقاً لما ذكره أحد الأشخاص. وناقشت لجنة التجارة الفيدرالية ومحامو هذه الشركة المعلومات التي يمكن أن تطلبها الوكالة في طلب رسمي أكثر شمولاً. تلقت الشركة أيضاً قائمة أسئلة مختصرة قبل عدة أسابيع تطلب وثائق قدمتها لجهات تنظيمية أخرى. وأضاف الشخص أن لجنة التجارة الفيدرالية تسعى للحصول على معلومات إضافية حول تغييرات قواعد الترخيص التي قالت “مايكروسوفت” إنها ستدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذا العام.
استفسارات من “مايكروسوفت”
وفي طلب الحصول على المعلومات، قالت الوكالة إنها تريد تحديد ما إذا كانت أرباح “مايكروسوفت” من أجزاء أخرى من أعمالها تمنحها أفضلية على شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى. كما ذكرت الوكالة أنها تريد تفاصيل حول قيود سعة مركز بيانات “مايكروسوفت” لفهم كلفة خدمات الحوسبة السحابية بشكل أفضل. كما ستساعد هذه التفاصيل الوكالة في تحديد ما إذا كانت سترفع دعوى قضائية على الشركة أم لا.
ومنذ تلقي طلب لجنة التجارة الفيدرالية، ربما سعت “مايكروسوفت” إلى تضييق نطاق المعلومات المطلوب منها تسليمها، وهي خطوة نموذجية من جانب الشركات التي تخضع للتحقيق من قبل الوكالة. وقد تستغرق مثل هذه التحقيقات الواسعة النطاق لمكافحة الاحتكار سنوات، كما أنها لا تؤدي دائماً بالضرورة إلى رفع الوكالة قضية.
بدوره، قال أليكس هوريك المتحدث باسم “مايكروسوفت”: “نتعاون مع الوكالة”. ومن جهتها، لم تستجب لجنة التجارة الفيدرالية لطلب التعليق.
التدقيق في أعمال عمالقة التكنولوجيا
ويقع تطور التحقيق الآن على عاتق فيرجسون ورئيسه الجديد للمنافسة، دانييل غوارنيرا، الذي انضم إلى الوكالة قادماً من وزارة العدل، حيث عمل على قضايا مكافحة الاحتكار التي تستهدف شركتي “أبل” و”جوجل” التابعة لشركة “ألفابت”.
في أول تصريحات علنية له منذ توليه منصب رئيس اللجنة أواخر فبراير، صرّح فيرغسون بأن التحقيق في قطاع التكنولوجيا يُمثّل أولويته القصوى. وتشمل الخطوات الأولى البحث عن معلومات حول ممارسات شركات التكنولوجيا في الرقابة.
كما دعم فيرجسون أيضاً تقديم طلب في يناير لدعم الملياردير إيلون ماسك، الذي رفع دعوى قضائية لعرقلة خطط “أوبن إيه آي” لإعادة الهيكلة كشركة تقليدية تهدف إلى الربح.
ونشرت بلومبرغ في وقت سابق أن طلب التحقيق المدني تم صياغته من قبل موظفي لجنة التجارة الفيدرالية ووقعت عليه شخصياً رئيسة اللجنة السابقة، لينا خان، بعد أن أجرت الوكالة لأكثر من عام مقابلات غير رسمية مع منافسي “مايكروسوفت” وشركائها التجاريين.
قضايا ضد “ميتا” و”أمازون”
وبالتبعية، تحولت إلى لجنة التجارة الفيدرالية التي يرأسها فيرجسون العديد من القضايا الأخرى ضد شركات التكنولوجيا الكبرى من “خان”، بما في ذلك الدعاوى القضائية ضد شركات “ميتا بلاتفورمز” و”أمازون”. وفي يوم الأربعاء، طلبت الوكالة من القاضي تأجيل محاكمة تطعن في ممارسات اشتراك “أمازون برايم”، مشيرةً إلى محدودية موارد الوكالة. ومن المقرر أن تُعقد محاكمة منفصلة ضد أعمال “أمازون” في مجال مكافحة الاحتكار في أكتوبر 2026.
تتعلق معظم الأسئلة في طلب المعلومات بكيفية ترخيص “مايكروسوفت” لمنتجاتها البرمجية، وخاصة فيما يتعلق بأعمال الشركة في الحوسبة السحابية. واشتكى المنافسون من أن شروط ترخيص “مايكروسوفت” والجمع بين برامجها الشهيرة للإنتاجية والأمن مع عروضها في مجال السحابة يجعل من الصعب عليهم المنافسة.
يركز حوالي ثلث الأسئلة على أعمال “مايكروسوفت” في الذكاء الاصطناعي، مما يسلط الضوء على أهمية التكنولوجيا الناشئة لمستقبل الشركة. وتكمن وراء طلبات لجنة التجارة الفيدرالية مخاوف من أن “مايكروسوفت” ألغت بعض أعمالها بعد أن قررت الاستثمار في “أوبن إيه آي” والاعتماد بشكل كبير على برنامج “تشات جي بي تي” الخاص بها، مما أدى إلى القضاء على المنافسة المحتملة.
استثمار مايكروسوفت في “أوبن إيه آي”
ورغم المبلغ الضخم، لم تكشف “مايكروسوفت” عن استثمارها (في أوبن إيه آي) لهيئات تنظيم المنافسة مسبقاً، كما تحقق لجنة التجارة الفيدرالية أيضاً فيما إذا كانت الصفقة قد تم هيكلتها كشراكة لتجنب الاندماج، وفقاً لتقرير نشرته بلومبرغ.
عندما استثمرت “مايكروسوفت” لأول مرة في “أوبن إيه آي” في 2019، كانت الشركة الناشئة عبارة عن مختبر أبحاث واعد يبحث عن طريقة لتمويل قوة الحوسبة السحابية المطلوبة لإنشاء نماذج الذكاء الاصطناعي. وبدأت “مايكروسوفت” بضخ مليار دولار بعد أن سحب المؤسس المشارك ماسك دعمه. وكانت “مايكروسوفت” تعمل على مشاريع ذكاء اصطناعي مختلفة خاصة بها لأكثر من عقدين، وكانت تخشى أن تتخلف عن منافستها “جوجل”.
جهود الشركة كانت متناثرة على عدة أقسام، ولم تسفر عن النتائج التي كان الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا يأملها. في 2023، وبعد شهر واحد من ضخ 10 مليارات دولار إضافية في “أوبن إيه آي”، بدأت “مايكروسوفت” بالكشف عن سلسلة من المنتجات المُزودة بتقنيات الشركة الناشئة. وتراجعت “مايكروسوفت” عن جهودها الذاتية لتطوير التقنية، مما أثار قلق لجنة التجارة الفيدرالية.