تحفيز الاقتصاد يدفع نشاط الخدمات في الصين بأعلى معدل في 9 شهور
توسع نشاط الخدمات في الصين بأسرع معدل منذ 9 شهور، فيما واصل قطاع التصنيع النمو لثالث شهر على التوالي، ما يشير إلى تحسن الطلب المحلي بعد حملة بكين لتحفيز الاقتصاد.
ارتفع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي الرسمي إلى 52.2 في ديسمبر، بفارق كبير عن التوقعات، أما مؤشر نشاط الصناعات التحويلية، فبلغ 50.1، متجاوزاً مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش، ليحقق أطول سلسلة توسع منذ مارس العام الماضي.
قال ريموند يونغ، محلل أول لاقتصاد الصين الكبرى لدى “أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ غروب” (Australia & New Zealand Banking Group): “يبدو أن التدابير الداعمة للنمو التي جرى التعهد بها خلال الشهور القليلة الماضية تؤتي ثمارها، والزخم مستمر”.
تخلى اليوان في التعاملات الخارجية عن ارتفاعه 0.1% ليبقى دون تغيير يذكر، مقتفياً أثر الدولار. وانخفض عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس إلى 1.68%، وسط رهان المستثمرين على مزيد من إجراءات التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة.
دفعة للاقتصاد من الدعم الحكومي
تعزز البيانات التي صدرت الثلاثاء الإشارات الأولية على تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد إعلان الحكومة مجموعة من إجراءات التحفيز الاقتصادي أواخر سبتمبر. وسيرحب صانعو السياسة النقدية بهذا الارتفاع في النشاط، في ظل سعيهم لدعم الطلب المحلي لموازنة تبعات الحرب التجارية المحتملة مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الجديدة. مع ذلك، يحذر المحللون الاقتصاديون من أن هذا الارتفاع قد يكون مؤقتاً.
وكتب غابرييل إنغ، الخبير الاقتصادي المساعد في شركة البحوث “كابيتال إيكونوميكس” (Capital Economics)، في مذكرة أنه “من الواضح أن زيادة الدعم الحكومي قرب نهاية العام أعطت النمو دفعة في المدى القصير، إلا أن تأثيرها قد يستمر بضعة فصول فقط، فتنفيذ ترمب تهديده بفرض الرسوم الجمركية العام المقبل واستمرار الاختلالات الهيكلية قد يضغطان على الاقتصاد”.
كان نمو نشاط الخدمات مدفوعاً بالزخم القوي في قطاعات تشمل النقل والاتصالات والخدمات المالية، بحسب البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء. بينما انكمش نشاط قطاعي تقديم الأطعمة والضيافة خلال الفترة نفسها.
كذلك ارتفعت الطلبيات الجديدة في قطاع البناء للمرة الأولى هذا العام، ما يعكس تزايد النشاط مع مسارعة الشركات إلى بناء المشروعات قبيل بدء عطلة رأس السنة القمرية أواخر يناير، وفق المكتب الوطني للإحصاء. ويُرجح أن القطاع قد استفاد من زيادة الحكومة مبيعات السندات والإنفاق على البنية التحتية خلال الشهور الماضية.
رأي “بلومبرغ إيكونوميكس”:
تكشف بيانات مؤشر مديري المشتريات للصين في ديسمبر عن زيادة غير متوقعة في قراءة النشاط غير التصنيعي، مما يشير إلى تسارع أنشطة قطاعي الخدمات والبناء. مع ذلك، ما زلنا نتوخى الحذر ونعتقد أن ثمة حاجة للمزيد من البيانات للتحقيق من صحة ذلك.
ديفيد كو
تعزيز التحفيز العام المقبل
كما شهد قطاع التصنيع أيضاً تحسن الطلب، حيث ارتفع مؤشر الطلبيات الجديدة بأسرع معدل منذ 8 شهور. وحصل المصنعون على دفعة من الدعم الحكومي للأجهزة المنزلية والسيارات، إلى جانب التصدير المبكر للشحنات عن الموعد المخطط لتجنب أي رسوم جمركية جديدة في الولايات المتحدة.
وقال تشاو تشينغ هي، الإحصائي الأول في المكتب الوطني للإحصاء، في البيان المرافق للبيانات إن “نشاطي إنتاج وتشغيل الشركات تسارعا في ديسمبر، وزخم الاقتصاد واصل اتجاه التعافي والتحسن”.
سيكون لتعزيز الطلب المحلي أهمية خاصة بعد تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية كبيرة على الصادرات الصينية التي شكلت قوة رئيسية دافعة لنمو الاقتصاد في 2023. وقد تعهد المسؤولون بتوسعة كبيرة في نطاق برنامج الدعم الحكومي العام المقبل، فضلاً عن مزيد من التيسير النقدي.
اهتمام بالغ برفع الطلب والاستهلاك المحلي
على صعيد آخر، ارتفعت أسهم شركات السلع الاستهلاكية والبيع بالتجزئة الصينية الثلاثاء، بعد أن عقدت وزارة التجارة مؤتمراً عبر تقنية الفيديو تحث فيه المسؤولين على اتخاذ “إجراءات فورية” لدعم التصنيع ورفع الطلب المحلي. وتأتي الخطوة بعد تراجع غير متوقع في نمو مبيعات التجزئة في الصين خلال نوفمبر، ما يبرز التحديات أمام تعزيز ثقة المستهلكين.
في وقت سابق من هذا الشهر، أعطى كبار المسؤولين وفي مقدمتهم الرئيس شي جين بينغ الأولوية القصوى لرفع الاستهلاك والطلب المحلي في العمل الاقتصادي العام المقبل، وذلك للمرة الثانية منذ عقد على الأقل. وقد حددوا بضع مجالات للتركيز، من بينها مساعدة الفئات منخفضة الدخل، وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي. مع ذلك، لم يكشف القادة الصينيون عن تفاصيل خططهم حتى الآن.