اخر الاخبار

تحذيرات من تزاحم المتداولين على صفقات الأسواق الناشئة الناجحة

أصبحت بعض الصفقات الأكثر رواجاً هذا العام في الأسواق الناشئة، مثل الرهان على الريال البرازيلي والأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مصدراً للقلق فيما يحذر مديرو الأصول من مخاطر التزاحم الشديد عليها.

ترى “ويلز فارغو سيكيوريتيز” (Wells Fargo Securities) أن تقييمات عملات أميركا اللاتينية -التي تُعد من أفضل صفقات تجارة الفائدة أداءً في 2025- منفصلة عن العوامل الأساسية. أما “فيديليتي إنترناشونال” (Fidelity International) فتبدي قلقاً بشأن الأسواق الأقل سيولة في أفريقيا، والتي ترى أنها عرضة للخطر إذا ارتفعت تقلبات الأسواق العالمية. وفي الوقت نفسه، تتوخى “لازارد أسيت مانجمنت” (Lazard Asset Management) الحذر بعد موجة البيع العنيفة في أسهم التكنولوجيا الآسيوية في أوائل نوفمبر -وهي الأسوأ منذ أبريل.

 “المستثمرون مفرطون في التفاؤل بشأن الأسواق الناشئة. معظم تقييمات العملات، إن لم تكن جميعها، مبالغ فيها ولا تعكس الكثير من المخاطر التي تلوح فوق الأسواق. يمكنها مواصلة الأداء الجيد على المدى القريب، لكني أشعر أن حدوث تصحيح سيكون أمراً لا مفر منه”، بحسب بريندان ماكينا، الخبير الاقتصادي واستراتيجي العملات في الأسواق الناشئة لدى “ويلز فارغو” في نيويورك.

ما المزيج الذي دفع الأسواق النامية إلى المكاسب؟

هذا الحذر له ما يبرره. الكثير من أجزاء منظومة الأسواق النامية تبدو محمومة النشاط بعد مزيج قوي من خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، وتراجع الدولار، وطفرة الذكاء الاصطناعي، ما دفع إلى تحقيق مكاسب كبيرة. كما أن التدفقات الضخمة التي غذّت هذه الموجة الصعودية باتت الآن مصدر خطر يتمثل في احتمالات حدوث تراجعات مفاجئة قد تمتد آثارها إلى ثقة المستثمرين عالمياً وتشديد السيولة عبر فئات الأصول.

أظهر مسح ربع سنوي أجرته “إتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings) لـ100 مستثمر يديرون إجمالاً 423 مليار دولار من أصول الأسواق النامية في سبتمبر أن 61% منهم لديهم مراكز صافية تتسم بزيادة الوزن النسبي في السندات بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة، ارتفاعاً من سالب 15% في يونيو. ويقترب مؤشر “بلومبرغ” لقياس أداء هذه السندات من تحقيق أفضل عائداته في ست سنوات.

واصل مؤشر”إم إس سي آي” للأسواق الناشئة ارتفاعه كل شهر طوال العام حتى أكتوبر، وهي أطول سلسلة مكاسب في أكثر من عقدين. وبارتفاع يقارب 30%، يتجه المؤشر نحو أفضل أداء سنوي منذ 2017، حين قفز بنسبة 34%. 

وقد أعقب ذلك تراجع بنسبة 17% في 2018 عندما أدى موقف أكثر ميلاً صوب التشديد النقدي عن المتوقع من جانب الفيدرالي، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وصعود الدولار، إلى إضعاف الأسهم المكتظة بالاستثمارات في الأسواق الناشئة، وكذلك صفقات تجارة الفائدة الشائعة- حيث يقترض المتداولون بالعملات ذات العوائد المنخفضة لشراء تلك التي تقدم عوائد أعلى- والسندات المحلية.

قال أنتوني كيتل، مدير أول للمحافظ في “آر بي سي بلو باي أسيت مانجمنت” (RBC BlueBay Asset Managemen) في لندن، في إشارة إلى السندات بالعملات المحلية:”مع اقتراب نهاية العام، هناك خطر أن بعض المستثمرين سيتطلعون لجني الأرباح من صفقات كانت ناجحة في 2025، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تقلبات أسواق العملات”.

شهد متداولو الأسهم في آسيا هذا الشهر مثالاً مباشراً على المخاطر الناجمة عن التقييمات المبالغ فيها والتزاحم، عندما هوت أسهم الذكاء الاصطناعي المرتفعة بشدة فجأة. وبينما شهدت أسهم التكنولوجيا موجة بيع عالمية، فقد حذر المحللون من أن المخاطر في بعض الأسواق الآسيوية أشد وضوحاً نظراً للوزن النسبي الكبير لقطاع التكنولوجيا في مؤشرات أسواقها.

أبرز مثال على ذلك مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية -الأفضل أداءً بين مؤشرات الأسهم الكبرى في العالم في 2025 بارتفاع يقارب 70%. ومع ارتفاع حدة التقلبات، هبط المؤشر بأكثر من 6% في جلسة واحدة قبل أن يقلّص نصف خسائره بنهاية التداول.

تمركز شديد في أسهم مرتبطة بالذكاء الاصطناعي

 “التمركز في تداولات أسهم شركات صناعة الذاكرة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في كوريا بات مزدحماً للغاية” وفق تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس” بسنغافورة. 

تحوّل روهيت تشوبرا، مدير محافظ الأسهم في الأسواق الناشئة لدى “لازارد”، إلى تبني موقف حذر بعد انهيار أسهم التكنولوجيا.

“من منظور العوامل، تتفوق الشركات منخفضة الجودة في الأداء على نظيراتها عالية الجودة. تاريخياً، لم يستمر هذا الانحراف طويلاً، ما يشير إلى احتمال حدوث انعكاس إذا استمر تركّز المراكز الاستثمارية”، بحسب تشوبرا.

يدير تشوبرا صندوق “محفظة لازارد لأسهم الأسواق الناشئة” الذي حقق عائداً بنسبة 23% خلال السنوات الثلاث الماضية، متفوقاً على 95% من نظرائه، وفق بيانات جمعتها “بلومبرغ”.

صفقات تجارة الفائدة 

يبدو أن متعاملي عقود الخيارات أضحوا متشائمين بشأن الريال البرازيلي، الذي حقق عوائد بتجارة الفائدة بنحو 30% هذا العام. فقد ارتفعت عقود المخاطر العكسية لأجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات في وقت سابق من هذا الشهر.

يُعد الريال مثالاً واضحاً على أصل حقق أداءً قوياً هذا العام لكن المراكز فيه أصبحت الآن مزدحمة للغاية، وفق ألفارو فيفانكو، رئيس الاستراتيجية لدى “تي جيه إم إف إكس” (TJM FX). وأضاف أن المخاوف المالية المتجددة في البرازيل تمثل سبباً آخر للحذر.

كما أن عملات أخرى في أميركا اللاتينية مثل تلك الخاصة بكل من تشيلي والمكسيك وكولومبيا تبدو أيضاً “مبالغاً في تقييمها”، وفق ماكينا من “ويلز فارغو”.

وتُظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن القيمة المرجّحة بالتجارة للبيزو الكولومبي عند أعلى مستوى لها في سبع سنوات، وأعلى من متوسط العشر سنوات بمقدار انحراف معياري واحد. أما البيزو المكسيكي فهو أعلى بـ1.4 انحراف معياري فوق متوسطه.

 سندات الأسواق الواعدة

برزت سندات بعض الأسواق الواعدة بين المستفيدين، عندما تسارعت وتيرة تحول المستثمرين على نطاق واسع هذا العام عن الأصول الأميركية. الآن، تبدي شركات مثل “فيديليتي إنترناشونال” ( Fidelity International) تحذيرات بشأنها.

“ما يقلقني أكثر هو التداولات التي يمكن أن يؤدي فيها الاندفاع المفاجئ نحو التخارج إلى إغراق قاعدة المشترين الطبيعية”، وفق فيليب فيلدينغ، مدير المحفظة لدى “فيديليتي” وأشار إلى أسواق مثل مصر وكوت ديفوار وغانا التي قد تعاني من نقص السيولة في فترات ارتفاع التقلبات.

ويدير فيلدينغ صندوق “فيديليتي لديون الأسواق الناشئة” البالغ 538 مليون دولار، والذي حقق عائداً بنحو 12% في السنوات الثلاث الماضية، متفوقاً على 84% من أقرانه، وفق بيانات “بلومبرغ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *