تباين التوقعات حول توجه بنك المغرب المركزي بشأن الفائدة غداً
تأرجحت توقعات السوق والمحللين بشأن القرار المرتقب لبنك المغرب المركزي حول سعر الفائدة، خلال اجتماع مجلسه غداً الثلاثاء، بين سيناريو الإبقاء على السعر عند مستواه الحالي 2.75% أو خفضه 25 أو 50 نقطة أساس.
كان بنك المغرب المركزي عاكس التوقعات في يونيو الماضي عندما خفّض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وذلك لأول مرة منذ عام 2020؛ “بعدما لاحظ أن كافة مؤشرات الاقتصاد في تحسن”، وفق البيان الصادر عنه حينها.
تسارع معدل التضخم الأساسي في المملكة خلال شهر أغسطس إلى 2.6%، على أساس سنوي، مقارنةً بـ2.1% للشهر السابق. ويُتوقع أن يبلغ معدل التضخم لكامل العام الحالي 1.5%.
دوافع سيناريو الخفض
بالنسبة لأكثر 35 كياناً مالياً تأثيراً في السوق المغربية، فإن توقُّع خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مرجح بقوة من قِبل 83% منهم، بينما يتوقع 8% خفضاً بمقدار 50 نقطة أساس، وفقاً لنتائج الاستطلاع الدوري الذي أجراه مركز “التجاري للأبحاث” التابع لـ”التجاري وفا بنك”، أكبر مجموعة مصرفية في المملكة.
ويرى يوسف كراوي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، في حديث لـ”الشرق” أن “المركزي” قد يقرر خفضاً للفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، معتبراً أن “هذا التوجه أصبح عالمياً حيث هناك حاجة لتشجيع الطلب الداخلي بمواجهة صدمات التقلبات الجيواستراتيجية المتواصلة في عدة دول”.
يسعى المغرب لرفع حصة الاستثمار الخاص من إجمالي الاستثمارات من الثلث إلى الثلثين بحلول 2035، واعتمدت الحكومة لأجل ذلك ميثاق استثمار جديد يقدم تحفيزات مالية وضريبية. ويقول كراوي إن “من شأن خفض الفائدة مجدداً أن يساعد الاقتصاد الذي يحتاج دينامية على مستوى الاستثمار الخاص، كما أن المؤشرات تكشف بوضوح أن التضخم آخذ في التباطؤ بعد سنتين من تسجيله أرقاماً قياسية”.
بدروه، رجّح إدريس الفينة، رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، أن يخفض “المركزي” سعر الفائدة 50 نقطة بهدف تنشيط الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع البطالة، وأشار بحديث لـ”الشرق” إلى أن “استقرار معدل التضخم عامل أساسي يشجع هذا القرار”.
وصل معدل البطالة في الربع الثاني من العام 13.1%، بينما ترتفع النسبة وسط الشباب إلى أكثر من 30%. ونبّه الفينة إلى أن “الهدف الذي تم الوصول إليه بخصوص التضخم جيد، لكنه كان ذلك على حساب النمو والاستثمارات ومعدل البطالة، لذلك آن الأوان اليوم لتحريك عجلة الاقتصاد”.
مبررات عدم تغيير سعر الفائدة
مقابل تقديرات الخفض، يتوقع اقتصاديو بلومبرغ أن يُبقي بنك المغرب سعر الفائدة دون تغيير “للسماح بخفض الفائدة المفاجئ الذي تمّ في يونيو بالتغلغل في السوق المحلية”. ويعتقد المحللون، في المقابل، أن المملكة بحاجة إلى أسعار فائدة منخفضة لتسهيل الاستثمار واحتواء البطالة. كما أن ذلك يدعم خطط الاستثمار الضخمة لإعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال، وتعزيز البنية التحتية استعداداً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2030.
استطلاع آخر لدى أهم المستثمرين المؤسساتيين في السوق المغربية كشف أن الآراء بشأن القرار المرتقب منقسمة، إذ يتوقع 50% منهم إبقاء الفائدة دون تغيير، بينما النصف الآخر يتوقع خفضها 25 نقطة أساس، بحسب مركز الأبحاث والتحليلات المالية “BMCE”، التابع لـ”بنك أفريقيا”.
يرى محللو المركز أن “من شأن عدم الخفض أن يتيح لبنك المغرب المركزي مراقبة آثار رفع الحكومة لأسعار أسطوانات غاز الطهي تدريجياً منذ مايو على التضخم”.
رفعت الحكومة هذا العام أسعار أسطوانات الغاز 25% لتصل إلى 50 درهماً (حوالي 5 دولارات)، وتخطط لزيادة سنوية في سعرها بمقدار 10 دراهم حتى عام 2026 لتحقيق وفورات على مستوى الميزانية لفائدة برنامج الدعم النقدي للأسر المحتاجة.