تأجيل بعض الرسوم يشعل أكبر موجة شراء في “وول ستريت” منذ 5 سنوات

أشعل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق رسوم جمركية على عدد من الشركاء التجاريين، موجة شراء هي الأكبر في وول ستريت منذ خمس سنوات، في وقت كانت الأسواق اقتربت من دخول سوق هابطة.
وسجل مؤشر “إس آند بي 500” ارتفاعاً بنسبة 9.5%، وهو الأكبر منذ انتعاشة السوق عقب الانهيار الذي أعقب جائحة كورونا، في حين قفز “ناسداك 100” بنسبة 12% وسط حالة من الراحة سيطرت على الأسواق، بعد أربعة أيام من تداولات عنيفة وكثيفة. وصعدت غالبية الأسهم المدرجة على المؤشرات الكبرى.
وارتفعت أسهم آبل، وإنفيديا ومايكروسوفت، وأمازون وميتا بـ10٪ على الأقل
أسواق تبحث عن استقرار… ولكن الخطر لم ينتهِ
قال مارك هاكيت، من شركة “نيشن وايد”: “يعد تعليق الرسوم لمدة 90 يوماً مؤشراً مشجعاً على أن المفاوضات مع معظم الدول أحرزت تقدماً”.
وأضاف أن ذلك “يضخ بعضاً من الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في سوق أربكها عدم اليقين”. لكنه حذر في الوقت نفسه من أن الأسواق “ليست بعد في منأى عن الخطر”.
الأسواق تستجيب لأي بادرة إيجابية
إلين هايزن من “إف. إل. بوتنام” قالت: “لم أرَ تقلبات بهذه الحدة منذ وقت طويل. تحركات بعض الأسهم غير معقولة ببساطة، ما يشير إلى أن السوق كانت في حالة بيع مفرط، وأي خبر إيجابي سيؤدي إلى قفزة”.
ورغم تراجع الأسواق في بداية الأسبوع، فإن مجرد احتمال تعليق ترمب لأكثر بنود برنامجه الجمركي تشدداً شكّل عاملاً داعماً للأسهم. وأدى منشور وهمي على وسائل التواصل الاجتماعي حول تأجيل الرسوم، إلى قفزة بنسبة 7% في “إس آند بي 500” صباح الإثنين، ما يعكس مدى حساسية السوق لأي إشارات تهدئة في الملف التجاري.
تحذيرات من المبالغة في التفاؤل
قال دانيال سكالي، رئيس أبحاث السوق في “مورغان ستانلي لإدارة الثروات”: “غيوم الرسوم الجمركية بدأت تنقشع اليوم، لكن من المبكر معرفة إن كانت السماء ستكون صافية غداً، أو حتى بعد 90 يوماً”. وأضاف: “رغم الترحيب بالإعلان، لا يمكن للمستثمرين افتراض أن هذه نهاية القصة، أو أن تقلبات السوق اليومية ستختفي”.
وأكد رايان نومان من “زيفير” أن ما شهدته الأسواق هو “ارتداد ارتياح”، مضيفاً: “إذا كان هناك شيء مؤكد في الاستثمار، فهو أن الأسواق والمستثمرين لا يحبون عدم اليقين، وهذا ما حدث، الرسوم كانت غير متوقعة، والآن نشهد انتعاشاً نتيجة لذلك”.
السندات تتراجع مع موجة التفاؤل
مع موجة التفاؤل، عاد المستثمرون لبيع أدوات الملاذ الآمن، وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين فوق 4% لفترة وجيزة، مع خفض الرهانات على تخفيضات في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.
وكان ترمب قد أعلن بعد منتصف الليل تعليقاً لمدة 90 يوماً للرسوم الانتقامية الأعلى التي كانت تستهدف عشرات الشركاء التجاريين، بينما رفعت الرسوم المفروضة على الصين إلى 125%. وواصلت السوق تسجيل مستويات جديدة وسط مؤشرات على أن ترمب يدرس إعفاءات لبعض الشركات من الرسوم.
تبعات سياسة الرسوم ما زالت قائمة
بعض المحللين حذروا من أن الأضرار التي لحقت بالتخطيط الاستراتيجي للشركات والعلاقات الدولية قد تكون عميقة، ما يترك الشكوك قائمة حول مستقبل النمو الاقتصادي العالمي.
وعلى بعد ثلاث ساعات من الارتفاع الكبير، نشر ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي دعوة للأميركيين بالهدوء ومواصلة الاستثمار، قائلاً: “هذا وقت ممتاز للشراء”. ثم أضاف لاحقاً أن سوق السندات “جميلة الآن”.
وفي دلالة على الأثر الكبير للقرار، عدّل اقتصاديون في “غولدمان ساكس غروب” توقعاتهم وتخلوا عن سيناريو الركود بعد إعلان ترمب تعليق معظم الرسوم السابقة. وقال الفريق بقيادة يان هاتسيوس: “كنا قد عدّلنا توقعاتنا إلى ركود بسبب الرسوم التي دخلت حيز التنفيذ هذا الصباح، لكننا نعود الآن إلى سيناريو عدم الركود”.
مع ذلك، يرى نيل دوتا من “رينيسانس ماكرو ريسيرش” أن ما حدث هو انتقال من خطر غير خطي إلى آخر أكثر خطية، موضحاً: “هذا أمر مريح، لكنه لا يعني إطلاق جرس الإنذار بانتهاء الخطر”. وأضاف: “لهذا السبب، أفضل أن أكون في السندات أكثر من الأسهم حالياً”.