بينهم محامٍ ومدير صندوق.. من هم أبرز المرشحين لمنصب محافظ مصرف لبنان؟

يتصدر خبير في الاستثمار الخاص، إلى جانب محامٍ بارز ومدير صندوق تحوط، قائمة المرشحين لتولي منصب محافظ مصرف لبنان، وهو منصب حاسم يهدف إلى إصلاح القطاع المصرفي المتعثر ومعالجة عجزه المالي الذي يُقدر بمليارات الدولارات.
يأتي هذا التغيير ليكون الأول في قيادة مصرف لبنان منذ أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن شغل رياض سلامة المنصب لأربع ولايات بين عامي 1993 و2023. وخلال تلك الفترة، كان سلامة ثابتاً وسط العديد من الأزمات التي شهدتها البلاد، فيما مثّل البنك المركزي دعامة أساسية في تحقيق الاستقرار المالي. إلا أن الأوضاع تغيرت جذرياً في عام 2019، عندما دخل لبنان في أزمة مالية خانقة أدت إلى انهيار سعر الصرف.
وفقاً لأشخاص مطلعين على المداولات، لا تزال القائمة النهائية للمرشحين قيد الإعداد، وتشمل كلاً من الوزير السابق كميل أبو سليمان، وهو محامٍ بارز في مكتب “ديشرت” (Dechert LLP)، وفراس أبي ناصيف، الشريك المؤسس لشركة “تيليوس كابيتال بارتنرز” (Teleios Capital Partners)، بالإضافة إلى كريم سويد، مؤسس “غروثجيت بارتنرز” (Growthgate Partners).
ومن جانبه، صرح وزير المالية ياسين جابر، المكلف بمهمة تقديم اسم أو قائمة مرشحين لموافقة مجلس الوزراء، بأن تعيين المحافظ الجديد سيتم خلال هذا الشهر.
كما برز اسم جهاد أزعور، المدير السابق في صندوق النقد الدولي، كأحد المرشحين المفضلين لدى بعض السياسيين، وفقاً لأشخاص مطلعين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لسرية عملية الترشيح.
من جهتهم، رفض كل من أبو سليمان وأبي ناصيف وسويد التعليق على ترشيحهم المحتمل، فيما لم يرد أزعور على طلب للتعليق.
وفي تصريح لـ”اقتصاد الشرق” الأسبوع الماضي، شدد جابر على أن المحافظ الجديد “يجب أن يتمتع بسمعة طيبة وخبرة طويلة، وأن يكون شخصية معروفة ذات سجل حافل في المجالين المالي والنقدي”.
سياسات محفوفة بالمخاطر
رغم أن مصرف لبنان في عهد سلامة حافظ على ربط العملة المحلية بالدولار الأميركي وساهم في تمويل الحكومة، إلا أن صندوق النقد الدولي وصف بعض سياساته بأنها غير تقليدية ومحفوفة بالمخاطر، لا سيما ما يُعرف بـ”الهندسة المالية” التي كان الهدف منها دعم احتياطيات النقد الأجنبي.
ومن خلال عمليات مبادلة معقدة بين المصرف المركزي والمقرضين المحليين، وُجهت مليارات الدولارات من أموال المودعين لسد عجز الحكومة وتمويل تثبيت سعر الصرف. وسيواجه الحاكم الجديد مهمة صعبة تتمثل في معالجة هذه الفجوة في الميزانية العمومية لمصرف لبنان ومحاولة استعادة مليارات الدولارات من الودائع، كجزء من خطة أوسع للتعافي الاقتصادي.
بدوره، دافع سلامة مراراً عن نفسه ضد الاتهامات التي تقول إن سياساته تسببت بشكل كبير في تفاقم أزمة لبنان، مشدداً على أنه أتاح للسياسيين الوقت الكافي لتنفيذ الإصلاحات الضرورية.
تحول في قيادة لبنان
شهد لبنان تحولاً سياسياً غير متوقع هذا العام، عقب اندلاع حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله، الذي يتخذ من لبنان مقراً له ويحظى بدعم إيران. ورغم الخلافات التي استمرت لأعوام، تمكن المشرعون من تجاوزها لتعيين رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء وتشكيل حكومة جديدة.
أسهم هذا التقدم السياسي في إنعاش سندات الدولة المتعثرة، حيث ارتفعت قيمتها بنسبة 37% منذ الأول من يناير، وذلك بعد أن سجلت قفزة بنسبة 114% خلال عام 2024، معظمها جاء عقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في نوفمبر.
سيتعين على المحافظ الجديد أيضاً مراجعة ميزانيات البنوك التجارية بهدف إعادة هيكلة القطاع أو دمج بعض البنوك الـ44 العاملة في لبنان. فمنذ عام 2019، تسببت خسائر الودائع في إجبار البنوك على وقف الإقراض وفرض قيود رأسمالية فعلية على سحب الدولار.
وفي حين أن الحكومات السابقة اقترحت أن تتحمل البنوك مسؤولية دفع مليارات الدولارات لسداد ديونها لعملائها، تصر الجهات المقرضة على أن مسؤولية استرداد الودائع تقع على عاتق الدولة وحدها.
في المرحلة المقبلة، ستحتاج السلطات اللبنانية إلى إجراء مفاوضات مع حملة السندات بشأن الديون المتعثرة. ويمتلك مصرف لبنان حالياً 5 مليارات دولار من سندات اليورو، بينما تحتفظ البنوك اللبنانية بحوالي 3 مليارات دولار أخرى، بعدما كانت قيمتها الإجمالية تُقدر بنحو 15 مليار دولار في بداية الأزمة.
وكان لبنان قد تخلف عن سداد نحو 30 مليار دولار من السندات الدولية في عام 2020، في ذروة أزمته المالية، عندما تراجعت التدفقات الواردة وانخفضت الثقة في قدرة البلاد على على الوفاء بالتزاماتها المالية.