اخر الاخبار

بلومبرغ: موافقة “حماس” المشروطة على خطة ترمب تضع نتنياهو في مأزق سياسي

مبانٍ مائلة دمرتها القنابل، وطرق معبدة تحولت إلى أكوام من الحصى، هكذا بدت مدينة غزة، التي كانت تعجّ بأكشاك الطعام وحركة المرور، لم يتبقَّ منها سوى الغبار والدمار.

في جولة قصيرة نظمها الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام الدولية، يوم الجمعة، ركزت إسرائيل على جهودها لتدمير ما تزعم إنه مصانع “حماس” للمتفجرات وآلاتها الاستخباراتية وأنفاقها. لكن إعلان “حماس” في وقت متأخر من مساء الجمعة قبولها أجزاء كبيرة من خطة السلام التي عرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واستعدادها للمضي قدماً في إطلاق سراح الرهائن المتبقين، يضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام معضلة سياسية.

خطة ترمب لوقف الحرب في غزة قيد التنفيذ.. والعالم يرحب برد “حماس”

ضغوط أميركية وتهدئة ميدانية

رغم تجاهل إسرائيل لشهور الإدانات الدولية المتعلقة بإدارتها للحرب، بدأ الجيش الإسرائيلي في تقليص عملياته الهجومية في مدينة غزة بعد أن طالب ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة بوقف القصف تمهيداً للإفراج عن الرهائن.

ويقول الجيش إنه انتقل إلى وضع دفاعي أكثر، رغم أن الهدف المعلن –تدمير “حماس” بالكامل– لم يتحقق بعد.

بالنسبة لنتنياهو، فإن القبول باتفاق قد يعني أنه لن ينهي الحرب وفق شروطه، بل وربما يؤدي إلى حدوث شروخ في ائتلافه السياسي، وربما تفككه. فاليمين المتطرّف في حكومته يعتبر هزيمة “حماس” أكثر أهمية من إطلاق سراح الرهائن الباقين، وعددهم 20 على قيد الحياة و28 قُتلوا.

انسحاب كتلة “يهدوت هتوراه” الحريدية يهدد حكومة نتنياهو

قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، يوسي شاين: “من الواضح أن هذا يجعل نتنياهو غارقاً للغاية في مأزق سياسي. لكن ماذا يمكنه أن يفعل؟”. وأضاف أن نتنياهو قد يأخذ أعضاء حكومته من اليمين المتطرف “على انفراد ليقول لهم: أيها السادة، انتظروا. دعونا ننجز عملية الإفراج عن الرهائن أولاً”، على أمل أن تسير الأمور لاحقاً لصالحه.

تركيز ترمب على ملف الرهائن

يركز ترمب على قضية الرهائن باعتبارها مفتاح إنهاء الحرب التي بدأت قبل عامين، حين نفذ مقاتلو “حماس” هجوماً داخل إسرائيل، أسفر عن مقتل 1,200 شخص وخطف 250 آخرين. ومنذ ذلك الحين، أودت الحرب الإسرائيلية في غزة بحياة أكثر من 65 ألف شخص، وتسببت في مجاعة بأجزاء من القطاع، وفق هيئة تدعمها الأمم المتحدة، كما أعلنتها لجنة أممية أخرى بمثابة “إبادة جماعية”

إسرائيل تنفي اتهامات المجاعة والإبادة الجماعية. غير أن رفضها السماح بدخول الصحفيين، باستثناء زيارات قصيرة محددة، جعل من المستحيل التحقق بشكل مستقل، فيما تحوّل الرأي العام العالمي بشكل حاسم ضد عملياتها العسكرية.

واجه نتنياهو الإدانات الدولية المتزايدة بتحدٍ واضح، في وقت أعلن فيه عدد متزايد من حلفاء الغرب في الأسابيع الأخيرة انضمامهم إلى أكثر من 150 دولة تعترف بدولة فلسطين.

ما الذي يعنيه إعلان دول اعترافها بدولة فلسطين؟

معضلة في الداخل

يريد نتنياهو أيضاً إطلاق سراح الرهائن، لكنه في الوقت نفسه أكد أكثر من مرة أن “حماس” يجب أن تُجرد من سلاحها وتُمنع من أي دور مستقبلي في غزة.

وإذا تم الإفراج عن الرهائن –مقابل ما يصل إلى 2,000 أسير فلسطيني– فقد تبدأ عملية تُبقي “حماس” ضمن المشهد السياسي الفلسطيني. ومن المقرر أن يشارك ممثلو الحركة في اجتماع مقبل للفصائل الفلسطينية لمناقشة مستقبل غزة.

ويرى كثير من قادة العالم –بل وحتى بعض مسؤولي الأمن الإسرائيليين– أن “حماس” أُنهكت بما فيه الكفاية بعد عامين من الحرب، بحيث لم تعد تشكل خطراً كبيراً.

نتنياهو: على إسرائيل أن تُكيف اقتصادها مع العزلة الدولية

الجيش الإسرائيلي يقر بأن قدرات الحركة تراجعت كثيراً. لكن ضابطاًمسؤولاً قدّم إحاطة للصحفيين الذين نُقلوا إلى غزة يوم الجمعة –متحدثاً شريطة عدم ذكر اسمه وفقاً لقواعد الجيش– أشار إلى مستشفى قال إنه أُخلي قبل أسبوعين فقط، وإنه اكتُشف تحته مصنع ضخم لإنتاج الصواريخ.

وقال: “لم يكن لدينا الوقت الكافي للتأكد من تدمير كل البنى التحتية الإرهابية”، مضيفاً: “عدنا الآن لضمان عدم وجود أنفاق من هذا النوع”.

خطة “اقتحام وسحق”

وافقت حكومة نتنياهو في أغسطس على التقدم في مدينة غزة كجزء مما وصفه المخططون الإسرائيليون بـ”خطة اقتحام وسحق” بدلاً من التوغلات السابقة الأقل فاعلية، ما أثار غضباً دولياً واسعاً.

في المقابل، يبدو أن ترمب –رغم دعمه لإسرائيل– بدأ ينفد صبره منها، إذ يضغط على الطرفين للتوصل إلى اتفاق الآن. كما يشن حملة علنية لنيل جائزة نوبل للسلام، التي يُتوقع الإعلان عنها الأسبوع المقبل.

ترمب يمهل “حماس” فرصة أخيرة حتى مساء الأحد للموافقة على خطة غزة

وافق نتنياهو يوم الاثنين الماضي على خطة سلام مؤلفة من 20 بنداً قدمها ترمب، فيما أعلنت “حماس” الآن قبولها لمعظمها مع رغبتها في التفاوض على البقية.

لكن “حماس” لا تقبل نزع سلاحها، ولم تُشر إلى فكرة ترمب الخاصة بتشكيل هيئة انتقالية دولية، أو حلّ نفسها. كما تشترط انسحاباً إسرائيلياً كاملاً، بينما تنص الخطة على احتفاظ إسرائيل بمنطقة عازلة محيطة. والسؤال الآن هو: كم من بنود الخطة سيبقى بعد الجولة المقبلة من المفاوضات، التي ستبدأ الأحد، وفقاً لمسؤول إسرائيلي مطلع على المسألة.

الرأي العام الإسرائيلي

سيُرحب في إسرائيل على نطاق واسع بأي صفقة تضمن استعادة الرهائن. أما الإبقاء على “حماس” بأي قدر من التسليح أو السلطة فسيكون أقل قبولاً، رغم أن استطلاعات الرأي تظهر تزايد رغبة الإسرائيليين في إبرام أي اتفاق يفضي إلى تحرير من اختُطفوا في 7 أكتوبر 2023.

قال الضابط المسؤول: “من الصعب جداً القتال لعامين متواصلين. لا تزال حماس تقاتل كنظام متكامل، يمكنكم رؤيتها تراقبنا وتبحث عن نقاط ضعفنا. وعندما نفاجئهم عن قرب، يستسلمون أحياناً، لكن في الغالب يقاتلون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *