اخر الاخبار

بعد صدمات وتقلبات 2025.. إلى أين تتجه أسواق النفط في 2026؟

بعد عام اتسم بتقلبات حادة وتفاعلات سريعة وسط أحداث جيوسياسية ورسوم جمركية، يتجه سوق النفط في العام الجديد تدريجياً إلى فائض في المعروض، بحسب بوب مكنالي، رئيس شركة “Rapidan Energy”.

وقال مكنالي في مقابلة مع “الشرق” حول مسار أسواق النفط وتوازناتها في العام الجديد، إن الأسعار تراجعت بحدة في عام ترمب الأول كرئيس للولايات المتحدة من 85 دولاراً للبرميل إلى حوالي 62 دولاراً، وأنهت أسواق النفط العام وهي تعود مجدداً إلى تسعير الأساسيات، بعد أن تراجعت حدة الصدمات السياسية والتوترات الجيوسياسية التي حركت الأسعار بشكل مؤقت.

تراجع سعر خام “برنت” تسليم مارس 0.1% إلى 61.25 دولار للبرميل عند الساعة 6:26 صباح اليوم بتوقيت لندن، فيما جرى تداول خام “غرب تكساس” الوسيط عند 57.87 دولار للبرميل، متراجعاً بنسبة 0.1%.

عكست تحركات الأسعار خلال 2025 صراعاً واضحاً بين مخاوف الإمدادات من جهة، وضعف الطلب العالمي من جهة أخرى، في ظل نمو إنتاج الدول خارج تحالف “أوبك+” واستمرار الضغوط الاقتصادية في الصين. وفي عام 2026، تبرز تساؤلات حول ما إذا كانت الأسعار الحالية تعكس فعلياً حجم المخاطر المقبلة، أم أن السوق ما زالت تقلل من شأن اضطرابات محتملة قد تعيد خلط الأوراق، سواء على صعيد الإمدادات أو الجغرافيا السياسية.

طالع أيضاً: أسعار النفط تتجه نحو أكبر خسارة سنوية منذ جائحة كورونا

معادلة العرض والطلب

استقرت أسعار النفط في عام 2025 عند مستوى أعلى قليلاً من 60 دولاراً للبرميل، بعدما تلاشى تأثير معظم الصدمات الجيوسياسية التي شهدها العام، من الرسوم الجمركية المتبادلة وحرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران. ورغم القفزات المؤقتة التي سجلتها الأسعار مع كل تصعيد، سرعان ما عادت الأسواق إلى التركيز على معادلة العرض والطلب، حيث ظل الطلب العالمي ضعيفاً نسبياً، خاصة من الصين، مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، في مقابل وفرة واضحة في الإمدادات.

وتشير بنية منحنى أسعار العقود الآجلة إلى حالة “باكورديشن” محدودة وتعني أن “الأسعار الفورية أعلى قليلاً من أسعار التسليم اللاحقة”، يقابلها ميل تصاعدي أبعد زمنيا يعكس حالة “كونتانغو” وتعني أن “أسعار التسليم في الفترات البعيدة أعلى من القريبة”، وهو ما يدل على توقعات السوق بفائض معروض مستمر خلال 2026، بحسب مكنالي.

تتوقع عدة مؤسسات بينها وكالة الطاقة الدولية، حدوث فائض ضخم في السوق العام المقبل، فيما تحافظ أمانة “منظمة الدول المصدرة للنفط” (أوبك) على نظرتها المتفائلة، متوقعة فائضاً متواضعاً. وعلى المدى الأبعد، قد تدفع الأسعار المنخفضة شركات الحفر إلى كبح الاستثمارات، ما قد يمهّد الطريق لتعافٍ لاحق في الأسعار.

تعزز هذا التوجه مع عودة تخفيضات “أوبك+” الطوعية إلى السوق، إلى جانب الزيادات القوية في إنتاج الدول خارج التحالف. ورغم المخاطر الجيوسياسية القائمة، ترى الأسواق أن الأساسيات الحالية كافية لكبح أي ارتفاعات مستدامة، ما لم تحدث اضطرابات حقيقية في الإمدادات.

ملفات حساسة في معادلة الإمدادات

تبرز فنزويلا كأحد أكثر الملفات حساسية في 2026، إذ يشكل نفطها الثقيل عالي الكبريت عنصراً مهما للمصافي المعقدة، خصوصا في الولايات المتحدة والصين، وأي توقف واسع في الصادرات الفنزويلية قد يضغط على هوامش التكرير ويرفع أسعار المقطرات، خاصة مع دخول موسم الشتاء وزيادة الطلب على زيت التدفئة. ورغم توفر بدائل من السعودية والكويت والعراق وكندا والمكسيك، إلا أن هذه البدائل غالباً ما تكون أعلى تكلفة.

وتوقع مكنالي أن يظل ملف كندا والمكسيك أقل خطورة على المدى القريب، إذ تميل الولايات المتحدة إلى تحييد تجارة الطاقة عن أي تصعيد تجاري محتمل. فالنفط الكندي يشكل شرياناً أساسيا للسوق الأميركية، واستبداله سريعاً سيكون مكلفاً وصعباً، ما يجعل استمراره خارج نطاق الرسوم الجمركية خياراً مرجحا. لكنه أوضح أن تزامن تأثر الإمدادات من فنزويلا، مع أي تصعيد جيوسياسي آخر قد يعيد إشعال التقلبات في السوق.

أفاد “معهد البترول الأميركي” بأن مخزونات الخام ارتفعت بمقدار 1.7 مليون برميل الأسبوع الماضي، وتعد أكبر زيادة منذ منتصف نوفمبر. كما أشار المعهد إلى ارتفاع مخزونات البنزين ونواتج التقطير.

نطاقات أسعار النفط في 2026

بالنظر إلى 2026، تميل التقديرات إلى أن أسعار برنت ستتحرك ضمن نطاق واسع تحكمه درجة الاستقرار الجيوسياسي. ففي السيناريو الأساسي، قد يتراوح السعر حول 55 دولاراً للبرميل، مدعوما بتوازن نسبي بين العرض والطلب.

أما في حال تصاعد الضغوط الاقتصادية أو فشل “أوبك+” في إدارة المعروض، فقد تتعرض الأسعار لهبوط أعمق نحو 40 دولاراً للبرميل، وهو مستوى قد يفرض توقفاً واسعاً في إنتاج النفط الصخري الأميركي خلال أشهر قليلة.

من المقرر أن يعقد أعضاء “أوبك+” اجتماعاً افتراضياً في الرابع من يناير، ويتوقع أن يلتزموا بخطة تجميد أي زيادات إضافية في الإمدادات، في ظل تزايد الأدلة على وجود فائض في السوق بحسب “بلومبرغ”.

طالع المزيد: “أوبك+” يتجه لتأكيد وقف زيادة إمدادات النفط بالربع الأول 2026

في المقابل، فأي تصعيد جيوسياسي كبير سواء في الشرق الأوسط أو أميركا اللاتينية، قد يدفع الأسعار مؤقتا إلى مستويات أعلى، لكن السوق تبدو أقل استعداداً لتسعير هذه السيناريوهات مسبقاً. وبين هذه الاحتمالات، يبقى الاتجاه العام مرهوناً بقدرة المنتجين على ضبط الإمدادات، وبما إذا كانت المخاطر السياسية ستتحول من مجرد ضجيج مؤقت إلى صدمة حقيقية في السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *