بعد تقرير الوظائف: ترمب يجدد هجومه على الاحتياطي الفيدرالي

جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطالباته لرئيس الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة على خلفية تراجع أسعار النفط وتقهقر التضخم وارتفاع الوظائف في الولايات المتحدة.
في منشور على موقع التواصل الاجتماعي “تروث سوشيال”، قال ترمب إن التضخم تراجع، و”على الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة”.
يأتي منشور ترمب بعد دقائق من صدور تقرير سوق العمل الأميركية لشهر أبريل، اليوم الجمعة، والذي أظهر إضافة اقتصاد الولايات المتحدة 177 ألف وظيفة جديدة، واستقرار معدل البطالة عند 4.2% دون تغيير.
كيف كان أداء سوق العمل الأميركية في أبريل؟
ترمب قال في المنشور: “سعر غالون البنزين وصل إلى 1.98 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ سنوات، وانخفضت أسعار البقالة (والبيض!)، وانخفضت أسعار الطاقة، وتراجعت أسعار الرهن العقاري، وارتفعت معدلات التوظيف، وهناك أخبار سارة أخرى، إذ تتدفق مليارات الدولارات من الرسوم الجمركية. كما ذكرتُ، ما زلنا في مرحلة انتقالية، بدأنا للتو! المستهلكون انتظروا لسنوات انخفاض الأسعار”.
ورغم الأرقام الإيجابية في تقرير الوظائف الصادر اليوم، تشير بيانات أخرى إلى تدهور ملحوظ في أوضاع سوق العمل، حيث تراجعت فرص العمل في مارس إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر، وأظهر تقرير التوظيف في القطاع الخاص أن أرباب العمل أضافوا أقل عدد من الوظائف في 9 أشهر خلال أبريل. ويتوقع اقتصاديون أن تزداد وتيرة التسريحات خلال الأشهر المقبلة مع تصاعد الغموض الاقتصادي الذي يعطّل خطط التوسع.
تباطأ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في مارس، قبيل فرض الرسوم الجمركية واسعة النطاق والتي قد تساهم في رفع ضغوط الأسعار في المستقبل. وجاء تباطؤ مؤشر أسعار المستهلكين مدعوماً بانخفاض تكاليف الطاقة والسيارات المستعملة وأسعار تذاكر الطيران، فضلاً عن تباطؤ نمو أسعار الملابس.
ورغم تقهقر التضخم، يخشى محللون الاقتصاد من ترسخه مجدداً مع تطبيق الرسوم الجمركية التي وعد بها ترمب، أخذاً في الاعتبار الانكماش الذي سجله الاقتصاد الأميركي في الربع الأول للمرة الأولى منذ 2022 وسط زيادة هائلة في الواردات قبل فرض الرسوم الجمركية وسط توجه الشركات لتخزين المنتجات قبيل فرض التعريفات.
وألقى ترمب باللوم على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في تباطؤ الاقتصاد الأكبر في العالم، مُجادلاً بأن البيانات الحكومية أظهرت أن زيادة الاستثمار المحلي تشير إلى نجاح نظامه للرسوم الجمركية.
كان ترمب هاجم رئيس الاحتياطي الفيدرالي، خلال فعالية أُقيمت الأسبوع الماضي احتفالاً بمرور 100 يوم على بداية ولايته، وقال “التضخم انخفض بشكل أساسي، وأسعار الفائدة تراجعت، رغم أن لدي شخصاً في الاحتياطي الفيدرالي لا يقوم بعمل جيد فعلاً”.
وأضاف ترمب: “لا يُفترض أن ننتقد الفيدرالي.. من المفترض أن نتركه يعمل بحرية، لكنني أعلم عن أسعار الفائدة أكثر مما يعلم هو”.
وبلغ انتقاد الرئيس الأميركي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي حد دراسة إمكانية إقالة جيروم باول من منصبه، وقال كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في منتصف أبريل إن إدارة ترمب “يدرسون هذا الأمر”، في إشارة إلى إمكانية إقالة باول قانونياً.
ما موقف الاحتياطي الفيدرالي؟
الاحتياطي الفيدرالي يتبع سياسة الترقب والانتظار خلال الفترة الراهنة للوقوف على تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأميركي وسط سيادة حالة من عدم وضوح الرؤية تجاه سياسة التعريفات، فبعد أقل من 24 ساعة من دخول الرسوم الجمركية المتبادلة الأعلى على 56 دولة والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، في 9 أبريل، قرر الرئيس الأميركي تعليق الرسوم على عشرات الدول لمدة 90 يوماً، مع رفع المعدلات على الصين إلى 125%، ثم إلى 145%.
وفي منتصف الشهر الماضي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن البنك المركزي الأميركي “في وضع جيد” يسمح للمسؤولين “بالانتظار لمزيد من الوضوح قبل النظر في أي تعديلات على السياسة النقدية”، مؤكداً على تركيز مسؤولي السياسة النقدية على منع ارتفاع الأسعار المحتمل بسبب الرسوم الجمركية من التسبب في ترسخ التضخم.
وأكد باول حينها أنه “مع اكتسابنا فهماً أفضل للتغيرات السياسية، سيتوفر لدينا معرفة أفضل بالتأثيرات على الاقتصاد، وبالتالي على السياسة النقدية”. وأوضح أن التعريفات الجمركية من المرجح جداً أن تُسبب “ارتفاعاً مؤقتاً في التضخم. كما قد تكون آثار التضخم أكثر ترسخاً”، مكرراً تحذيره من أن التأثير الاقتصادي للرسوم الجمركية سيكون على الأرجح أكبر من المتوقع.
ويتوقع محللون اقتصاديون في استطلاع أجرته “بلومبرغ” أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية المرتقب الأربعاء المقبل، مرجحين أن يبدأ البنك المركزي الأميركي خفض الفائدة في سبتمبر المقبل. كما توقع ثلاثة أرباع الاقتصاديين في الاستطلاع الآن حدوث ركود، أو سيناريو نمو صفري بالكاد يتجنب الركود، في الأشهر الـ12 المقبلة، ارتفاعاً من 26% في مارس.