اخر الاخبار

بطولة “تي جي إل”.. محاولة لإعادة تكييف الغولف مع التلفزيون

بقلم: Ira Boudway

ليس صعباً أن تجد ما تسخر منه في بطولة “تي جي إل” (TGL) للغولف المتلفزة التي تقام في صالة داخلية، وأطلقها نجما اللعبة تايغر وودز وروري ماكلروي بالتعاون مع المسؤول التنفيذي السابق لدى “قناة الغولف” مايك ماكارلي. 

عُرضت المباراة الأولى من بطولة “تي جي إل” على قناة “إي إس بي إن” في 7 يناير، وتنافس فيها  فريقان من ثلاثة لاعبي غولف محترفين، داخل محاكاة للعبة الغولف مرفقة بمضمار “بيتش أند بَت” في مدينة بالم بيتش غاردنز في فلوريدا. (كانت الخطة في البداية إقامة المباريات تحت قبة قابلة للنفخ، لكن سقفها انهار خلال أعمال البناء قبل انطلاقة الدوري بنحو عام). 

شاشة عملاقة ومسارات افتراضية

حتى محاولة وصف تفاصيل المباراة الأولى كما عُرضت على التلفاز، ستبدو هزلية نوعاً ما. افتتح مذيع قناة “إي إس بي إن” سكوت فان بيلت المباراة، معلناً أن “هذا هو محور لعبة الغولف كما أعيد تصورها بطريقة تتناسب مع عام 2025”.

صدحت مكبرات الصوت في الصالة بأغنية جيه زي (Empire State of Mind) عند دخول فريق “نيويورك غولف” المؤلف من مات فيتزباتريك من إنجلترا وريكي فاولر وزاندر شوفيل من كاليفورنيا. أمّا فريق “باي غولف” المؤلف من شين لاوري من أيرلندا وويندهام كلارك من كولورادو ولودفيغ أوبرغ من السويد، فاختار أن تصاحب دخوله أغنية ليل جون (Snap Yo Fingers)، وذلك لسبب غير مفهوم. 

لم يكن ينقص هذا المشهد إلا أن يطلّ ستيف بوشيمي بسترته الحمراء حاملاً لوح تزلج على كتفه ليكون تجسيداً لميم “كيف حالكم أيها الشباب؟” (How do you do, fellow kids).

اقرأ أيضاً: السعودية تنضم لقائمة أفضل ملاعب الغولف المنتظرة في 2025

أسعفنا الحظ بأن بدأت المباراة. نفذ لاوري ضربة البداية فيما كان يرتدي ميكروفوناً، وقد سدّد كرته نحو شاشة فيديو عملاقة بارتفاع ستة طوابق تعرض حفرة غولف افتراضية تُسمى “ذا بلانك”، فيما أكمل جهاز محاكاة مسار الكرة وهبوطها على الممر الافتراضي بين موقع الضربة الأولى والحفرة التي يجب أن تدخل فيها الكرة.

ومع اقتراب اللاعبين مسافة 50 ياردة (نحو 45 متراً) من الحفرة، تقدموا بضع خطوات باتجاه رقعة داخلية خضراء لتنفيذ ضرباتهم، سواء كانت لقذف الكرة في الهواء أو دفعها لتتدحرج. وشُرح للحضور أن تضاريس الرقعة الخضراء تتغير مع كل حفرة بعد تسديد الكرة بفضل نظام يضم 600 رافعة هيدروليكية تحت السطح.

تكييف الغولف مع العرض التلفزيوني

وهكذا استمرت المباراة على مدى ساعتين: كرات تُطلق بقوة نحو الشاشة العملاقة، وأقواس رقمية تحاكي مسار الكرة فوق حفر افتراضية تحمل أسماء مثل “فليكس” و”كويك درو”، وستة لاعبين من النخبة يضربون الكرة على رقعة خضراء مسقوفة هي الأكثر تطوراً في العالم، على وقع هتافات جمهور قوامه 1500 متفرج بدت عليهم بعض آثار الإسراف في الشرب.

كانت تجربة جديدة بلا شكّ، وقد تخللها بعض اللحظات الممتعة حقاً. كان لاوري طريفاً بشكل خاص، فشارك أفكاره بصوت عال بلهجته الأيرلندية المميزة، كما تفوه ببعض الكلمات النابية حين أعجب بضربة البداية الجيدة التي نفذها أوبيرغ. ساعدت “ساعة التصويب”، التي تمنح اللاعبين 40 ثانية لكل ضربة، في الحفاظ على إيقاع سريع للمباراة. (ويجدر بجولة رابطة الغولف للمحترفين النظر في تبني هذا النظام).

لكن بعد مرور حوالي ساعة، ومع اقتراب فريق “باي” من تحقيق فوز ساحق بنتيجة 9-2، بدأت أفقد اهتمامي بالمباراة. (تتبع الصيغة المعتمدة في البطولة نظام 15 حفرة. في الحفر التسع الأولى يتناوب اللاعبون الثلاثة من كل فريق على التسديد، بينما يتناوبون على الحفر في الست الأخيرة).

شعرت أن ضربات المحاكاة تفتقر إلى الواقعية، فاللعبة لم تكن حماسية، والمزاح بدى مصطنعاً. لكن من ناحية أخرى، أنا أربعيني ولا أمارس الغولف ولا ألعاب الفيديو، فلا أظن أنني من الجمهور الذي تستهدفه بطولة “تي جي إل”، فقد صُممت لمنح عشاق الغولف طريقة جديدة لمشاهدة المباريات في أمسيات أيام العمل، وجذب جمهور جديد للرياضة عبر استخدام التقنية المتقدمة والإيقاع السريع وأجواء تشبه النوادي الليلية.

اقرأ أيضاً: “LIV” المدعومة سعودياً تجبر “PGA” على إنصاف لاعبي الغولف في الأجور

قال الاستشاري في الإعلام الرياضي لي بيرك: “لقد كيفوا الغولف مع التلفزيون، بدل تكييف التلفزيون مع الغولف… يأتي المشاهدون الأكبر سناً لمتابعة لاعبيهم المفضلين، بينما ينجذب الشباب إلى الطريقة الجديدة في تقديم الرياضة على التلفزيون”.

الحفاظ على الزخم

بدا ابني، الذي بلغ من عمره 12 سنة ويمارس الغولف وألعاب الفيديو أكثر منّي، متحمساً حين شاهد التسجيل في اليوم التالي، رغم أنه تخطى المقاطع المملة بتسريع عرضها، مثل مقابلة داخل الحلبة مع دي جيه خالد، أحد المستثمرين في الدوري. قال ابني إنه وجد “الفكرة جميلة”، وقال إنه يريد أن يشاهدها مجدداً.

جذبت المباراة الأولى نحو 900 ألف مشاهد على “إي إس بي إن”، وهذا رقم جيد لمباراة افتتاحية، كما أنه أكبر من عدد مشاهدي مباراة دوري كرة السلة للجامعات للرجال بين جامعتَيْ “ديوك” و”بيتسبرغ” التي عُرضت قبل مباراة “تي جي إل” على “إي إس بي إن”. وقد جذبت المباراة التي أقيمت في الأسبوع التالي بين فريق “جوبيتر لينكس” بقيادة وودز وفريق “لوس أنجلوس” مليون مشاهد.

التحدي الذي تواجهه “تي جي إل” اليوم يكمن في الحفاظ على هذا الزخم. فغالباً ما تسجل الدوريات الناشئة بداية قوية، ثمّ يتلاشى الاهتمام بها في غضون أشهر. ولا تريد “تي جي إل” أن تواجه مصيراً مشابهاً لدوري “ذا ماتش” (The Match)، وهو مجوعة مباريات يتنافس فيها لاعبان، واحد إلى واحد، وتُعرض خلال وقت الذروة على قناة “تي إن تي” وقد سجلت عدد مشاهدات قياسية على الكابل في 2020، لكن عدد متابعيها انخفض بشكل كبير منذئذ.

قال دانيال كوهين، الاستشاري المتخصص بالحقوق الإعلامية في شركة “أوكتاغون” (Octagon): “إن تمكنت (تي جي إل) من الحفاظ على متوسط مشاهدة يبلغ نصف مليون مشاهد أسبوعياً على قناة كيبل، فسيكون ذلك إنجازاً جيداً”.

لقد دفعت “إي إس بي إن” مبلغاً لم تُعرف قيمته من أجل الحصول على حقوق بثّ “تي جي إل”، في إطار صفقة تمتد لسنوات وقعتها في 2023.

تعود ملكية الدوري إلى شركة “تي إم أر دابليو سبورتس” (TMRW Sports) التي أسسها وودز وماكلوري وماكارلي، وتدعمها قائمة طويلة من شركات الملكية الخاصة والشركات الاستثمارية، إلى جانب مالكين من أصحاب المليارات في دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة والدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، ومعهم مستثمرون مشاهير من أمثال جاستن بيبر وستيفن كاري وشوهي أوهتاني وجاستن تمبرلايك وسيرينا ويليامز. 

تجنب إخفاقات الدوريات المشابهة

رجح المدير التنفيذي السابق في “فوكس سبورتس” باتريك كريكس، أن تكون الصفقة بين “إي إس بي إن” و”تي إم أر دابليو” تنص على منح “إي إس بي إن” خيار تجديد العقد إذا ما وجدت أن بطولة “تي جي إل” تحقق نجاحاً.

وقال: “لن تكون هذه المنافسة بحجم دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة، لكنها إضافة قوية إلى محفظة رياضة الغولف”. وقد رفض متحدث باسم “تي إم أر دابليو سبورتس” التعليق. 

سعت عشرات الدوريات الناشئة على مدى العقد الماضي لتحقيق مثل هذا المستوى من النجاح. ليس بالضرورة أن تصبح بحجم دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة، لكن أن تصبح ثابتة في المشهد الرياضي، وكان منها دوريات كرة سلة مؤلفة من فرق من ثلاثة لاعبين وجولات لعبة “بيكل بول” ومجموعة أشخاص بالغين يصفعون بعضهم ويلعبون لعبة “المطاردة”.

تُطرح فكرة هذه الدوريات الناشئة عادة في العروض التقديمية، وتحظى بدعم رأسمال استثماري، وهي مصممة لملء بعض الفراغ في الرزنامة الرياضية، واستقطاب المشاهدين الشباب الذين لا يتابعون الدوريات التقليدية بنفس حماسة ذويهم.

اقرأ أيضاً: رغم خفوت نجمه.. تايغر وودز يجذب أعلى مشاهدة تلفزيونية لجولة غولف منذ 2018

مع ذلك، ليس واضحاً ما إذا كانت مثل هذه الدوريات تجذب المشاهدين حقاً . هل يذكر أي منكم لعبة “سلامبول” (SlamBall)؟ يقول كوهين إن الأمر “ابتكار يهدف للابتكار… لا داعي للابتكار في بعض الأحيان، ولا بأس بأن يمرّ دوري رياضي في فترة ركود”، مشيراً إلى أن “تي جي إل” ستكون اختباراً جيداً لتقييم إقبال المستهلكين على رياضات أُعيد طرحها بحلة جديدة. 

ما يزال يتعين على الدوري العمل على إصلاح بعض المشاكل، مثلاً كان هناك تداخل كبير في الصوت خلال أول مباراتين، ما صعّب تمييز من يتحدث. أقترح إلزام اللاعبين بتسديد كلّ الضربات، فمنحهم حرية عدم تسديد الضربات القريبة جداً من الحفرة لكونهم لاعبين ماهرين، أفقد المباراة طابعها الرسمي برأيي، رغم أنني أعتقد أن ذلك سيتغير مع اقتراب الفرق من جائزة 9 ملايين دولار التي سينالها الفائز بالدوري.

لكن نظراً لثراء داعمي بطولة “تي جي إل” ونفوذهم، ومستوى اللاعبين ومهاراتهم، إلى جانب الضجة المثارة حول البطولة، يُرجح أنها ستحظى بالوقت الكافي لبناء قاعدة جماهرية ثابتة.

وقال بيرك: “يوجد عدد قليل نسبياً من الدوريات الرياضية الناشئة التي حققت نجاحاً فائقاً، ولكن الأمر مختلف هنا. فالأمر أكثر من مجرد القول إن ثمة دورياً آخر لكرة القدم في الربيع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *