اخر الاخبار

انطلاقة باكورة مشاريع الاستثمار بالشركات الرياضية في المغرب

دشّن نادي الرجاء الرياضي، أحد أكبر أندية كرة القدم في المغرب، مرحلة جديدة بتفعيل شركته الرياضية، ويترقب أول استثمار بقيمة 150 مليون درهم (16 مليون دولار) ليكون بذلك أول نادٍ مغربي يفتح رأسمال شركته لمستثمر مؤسساتي.

منذ سنوات، حث الاتحاد المغربي لكرة القدم الأندية على التحول من الإدارة القائمة على الجمعيات الرياضية إلى الشركات الرياضية بهدف تحسين نظام الحوكمة وتحقيق الاستقرار في الإدارة وفتح المجال للمستثمرين لضمان مصادر تمويل جديدة. وسارعت أغلب الأندية إلى تأسيس الشركات لكنها بقيت غير مفعلة.

نادي الرجاء أسس قبل خمس سنوات شركته الرياضية باسم “RAJA SA”، لكن تدشينها تطلب مشاورات طويلة انتهت بنيل موافقات من قِبل السلطات المعنية، على رأسها الاتحاد المغربي لكرة القدم. تُمثل خطوة تفعيل الشركة الرياضية مرحلة مهمة في تطور إدارة أندية كرة القدم في المغرب لتكون متوافقة مع المعايير الدولية. سيكون على رأس الشركة مدير تنفيذي إضافةً إلى مدير مالي ومسؤولين تنفيذيين مع طواقم متنوعة.

“مرسى المغرب” من راعٍ رسمي إلى مستثمر

سيتوزع رأسمال الشركة الرياضية بنسبة 40% على جمعية نادي الرجاء الرياضي، بينما ستمتلك شركة “مرسى المغرب” 60% مقابل ضخها 150 مليون درهم لمدة ثلاث سنوات في الشركة التي يبلغ رأسمالها الإجمالي 250 مليون درهم.

تُعد شركة “مرسى المغرب” أكبر مُشغل للمحطات المينائية في المملكة، وهي راعٍ رسمي للنادي منذ سنوات. ومن شأن هذه الخطوة أن تنهي أزمة لازمت “الرجاء” لسنوات تجلت في عدم الاستقرار في الرؤساء والإدارة والأزمة المالية الخانقة، بحسب تقرير صدر الأسبوع الماضي عن المجلس الاستشاري للفريق، وهو مجلس يضم الرؤساء السابقين للنادي.

تملك الدولة 25% بشكل مباشر من رأسمال “مرسى المغرب”، بينما تمتلك حصة 35% بشكل غير مباشر عن طريق شركة “ميناء طنجة المتوسط”، أكبر ميناء في المملكة، والتي بدأت مؤخراً في التوسع في القارة الأفريقية من مجال تشغيل محطات الحاويات.

تقييم نادي الرجاء بـ510 ملايين درهم

المجلس الاستشاري للرجاء كشف عن تقييم أصول النادي بنحو 510 ملايين درهم، تشمل اللاعبين المحترفين بنحو 80 مليون درهم، والعلامة التجارية بنحو 150 مليون درهم، والأكاديمية بـ280 مليون درهم. وهي أول عملية تقييم لقيمة نادي كرة قدم في المملكة.

بعد أن تداول المجلس الاستشاري للنادي في مشروع تفعيل الشركة الرياضية وتقديم خطة الاستثمار، يُرتَقب أن يتم عقد جمعية عامة لمنتسبي نادي الرجاء خلال الشهر الجاري، على أن يتم إبرام عقد بين الجمعية والشركة الرياضية بحيث يتضمن المدة والعائدات التي سيتم تحويلها للجمعية.

كيف رسخ القطاع الخاص مكانة المغرب بين عمالقة كرة القدم عالمياً؟ اقرأ التفاصيل

تأسس فريق الرجاء عام 1949، وفي سجله حتى الآن 13 لقباً في البطولة الوطنية آخرها العام الماضي، وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أفريقيا، ولقبين في دوري أبطال العرب، وثلاثة ألقاب في كأس الكونفدرالية الأفريقية. من شأن شراكة نادي الرجاء مع “مرسى المغرب” أن تضمن له تمويلاً مستداماً، فالشركة المُدرجة في بورصة الدار البيضاء حققت العام الماضي أرباحاً قياسية تجاوزت 1.2 مليار درهم، كما تخطت إيراداتها لأول مرة 5 مليارات درهم في نفس السنة.

هل تستطيع كل الأندية جذب المستثمرين؟

بدأ الحديث عن الشركات الرياضية ضمن قانون أصدره المغرب عام 2011، لكن سبق الحديث عن ذلك منذ ثمانينات القرن الماضي لكنه لم يتم تطبيقه. ورغم لجوء الأندية المغربية مرغمةً -لأن ذلك كان شرطاً للعب في الدوري الاحترافي- إلى تأسيس شركات رياضية في السنوات الأخيرة إلا أن أغلبها بقي غير مُفعل ولم تقدم مشاريع لجذب مستثمرين.

منصف اليازغي، خبير اقتصادي في الشأن الرياضي، يرى أن قرار نادي الرجاء تفعيل شركته الرياضية واستقطاب شركة كبيرة من شأنه تشجيع الأندية الأخرى لسلك نفس المسار لتعزيز الحوكمة واعتماد نمط إداري وفق مفهوم الشركة بناءً على برنامج استثماري يضمن استقراراً إدارياً ومالياً.

إلى جانب “مرسى المغرب”، يستفيد الرجاء من رعاية شركات ومؤسسات أخرى، على رأسها الوكالة الوطنية للموانئ الحكومية، وشركة الرهانات “1XBET” الروسية، وشركة التأمين المغربية “صوفاك”، وشركة الملابس الرياضية “أمبرو” الفرنسية.

أشار اليازغي في حديث لـ”الشرق” إلى أن الأندية المغربية رغم دخولها للاحتراف لم تعتمد الشفافية والحوكمة والإدارة المالية الدقيق، ونوّه بأن “خطوة نادي الرجاء قد تشجع الأندية الأخرى لسلك نفس المسار، لكن قد يكون صعباً لأغلب الأندية”.

كأس العالم 2030 يسرّع الخطى

يُسارع المغرب الزمن لتأهيل البنية التحتية الضرورية لاستضافة كأس العالم بنهاية العقد الجاري إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وإلى جانب ذلك يُكثف الاتحاد المغربي لكرة القدم، والذي يرأسه وزير الميزانية فوزي لقجع، الجهود مع الأندية لتعمل وفق معايير “فيفا”.

قد يخطو نادي الوداد الرياضي، وهو غريم الرجاء، نفس الخطوة، في حال قرر البنك الشعبي، ثاني أكبر مصرف في المملكة، التحول من راعٍ رسمي إلى مستثمر مؤسساتي في شركته الرياضية. ويُرشح أن تتحرك الأندية في المدن الكبرى في نفس المسار، على رأسها مدن أكادير وفاس وطنجة.

اقرأ أيضاً: ما هي مشاريع المغرب لاستضافة كأس العالم 2030؟

يرى اليازغي أن التحول نحو الشركات الرياضية يستلزم جذب شركات حكومية أو خاصة كبيرة وإجراء تقييم للأصول على أن يتم شراء الأسهم على أساس ذلك، لكنه أشار إلى أن “الإشكال يكمن في أن عدد الأندية التي تستطيع جلب مستثمرين من وزن مرسى المغرب قليل”.

اكتسبت كرة القدم في المغرب زخماً إضافياً بعد نجاح المنتخب الأول في تحقيق المركز الرابع في كأس العالم 2022، خلف الأرجنتين وفرنسا وكرواتيا. وشهدت بعد ذلك جميع الأندية إقبالاً كبيراً من قِبل الشبان الراغبين في التدريب بالمدارس الكروية، كما أولت السلطات أهمية لبرامج التكوين حيث نجحت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في تصدير عدد من اللاعبين إلى أندية أوروبية مقابل مبالغ مالية مهمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *