اخر الاخبار

المغرب ومصر يفتحان صفحة تجارية جديدة

اتفق المغرب ومصر على فتح صفحة تجارية جديدة لتجاوز عدم التوازن في المبادلات عقب محادثات جمعت مسؤولين من البلدين أمس الخميس في العاصمة الرباط، بعدما تعثر تدفق السلع بينهما في الأشهر الأخيرة.

اللقاء جمع عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية المغربي بنظيره المصري حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حيث أكدا في تصريحات صحفية على “الاتفاق على معالجة الخلل في الميزان التجاري بين البلدين”. 

تأتي مساعي فتح صفحة تجارية جديدة بينما يُسجل المغرب عجزاً تجارياً كبيراً مع مصر، بلغ عام 2023 حوالي 880 مليون دولار. لم تتجاوز صادرات المملكة في تلك السنة 52 مليون دولار، بينما ناهزت الواردات من مصر 930 مليون دولار، وفقاً لمعطيات مكتب الصرف، الجهاز الحكومي المعني بإحصاءات التجارة الخارجية.

السيارات المغربية أصل الخلاف

برز الخلاف بين البلدين بعدما أشار أحمد زكي، الأمين العام لشعبة المصدرين ورئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، في تصريحات صحفية إلى أن المغرب “علّق دخول البضائع المصرية منذ عدة أسابيع، رداً على عدم استيراد السيارات المغربية”. 

لم يذكر زكي سبباً لعدم استيراد مصر السيارات المغربية، لكنه أشار، في تصريحات نقلتها الصحافة المحلية، إلى أن “هناك صعوبات في مصر على مستوى استيراد السلع الفارهة بشكل عام، بسبب توجه الحكومة نحو حوكمة صرف العملات الأجنبية، وإعطاء الأولوية للسلع الأساسية”.

في المقابل قال حسن السنتيسي، رئيس جمعية المصدرين المغاربة، إن “أصل المشكلة يكمن في رغبة المصدرين المصريين في التصدير إلى المغرب في إطار اتفاقية أكادير، لكنهم لا يقبلون أغلب صادراتنا، لذلك يجب أن نتحاور للوصول إلى حل والوقوف على كل معوقات تدفق البضائع والسلع بين البلدين. وهذا ليس بخلاف، بل أمر يحدث في أي تجارة بين بلدين”.

بحسب مصدر حكومي مغربي لـ”الشرق” طالباً عدم الكشف عن هويته فقد “لجأ المغرب لتعليق دخول البضائع المصرية في إطار المعاملة بالمثل بعدما تم منع دخول السيارات المغربية”، وقال إن “السلطات المغربية ترغب حالياً في إجراء تقييم للتجارة بين البلدين وهو أمر عادي لضمان تحقيق الفائدة للطرفين بدل تسجيل اختلال رغم وجود إمكانيات كبيرة لتعزيز التبادل التجاري”.

علاقات المغرب ومصر قوية

لمواجهة هذه التحديات، أكد الوزير المغربي عمر حجيرة في تصريح صحافي أن “اللقاء مع الوفد المصري استحضر أرقام المبادلات بين البلدين من أجل تجاوز الخلل في الميزان التجاري”، مؤكداً أن “هناك إرادة مصرية لحل المشكلة”، وكشف أن “وفداً من المصدرين المغاربة سيسافر إلى مصر لتعزيز الصادرات وخصوصاً السيارات التي سجلت تراجعاً في الآونة الأخيرة”.

من جهته، أكد حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، في تصريح صحفي، أنه اتفق مع نظيره المغربي على “أهمية التعاون التجاري وتعزيز الوصول إلى التوازن في الميزان التجاري”، مؤكداً أن “العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية، ولذلك أخذنا العهد لنبني ونعظم التجارة والاستثمار بين البلدين وبدء صفحة جديدة في العلاقات التجارية”.

تأمل الحكومة المغربية بإنهاء هذا الخلاف سريعاً. قال مصطفى بايتاس، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في مؤتمر صحافي الخميس إن “البلدان يرتبطان باتفاقيات ثنائية وإقليمية ودولية ومن الطبيعي أن تظهر بين الفينة والأخرى بعض المشاكل المرتبطة بتطبيق هذه الاتفاقيات”.

وأضاف المسؤول الحكومي رداً على سؤال لـ”الشرق”: “هناك آليات لتجاوز هذه التحديات في إطار روح التفاهم والأخوة بين البلدين”، منوهاً بأن “العلاقات المغربية المصرية قوية ومتميزة على كافة الأصعدة والمستويات، قائمة على الأخوة الصادقة والتضامن والتنسيق، وتجمعهما شراكة اقتصادية وتجارية نشيطة وواعدة”.

ماذا تستورد مصر؟ وماذا يصدر المغرب؟

خلال السنوات الماضية، اتخذت وزارة الصناعة والتجارة المغربية إجراءات مختلفة ضد واردات مصرية بحجة مكافحة الإغراق، من بينها الطماطم المعلبة والبولي كلوريد الفينيل والسجاد والنسيج.

تشمل واردات المغرب من مصر الأمونيا والإطارات المطاطية والخشب والكاكاو والخضراوات المعلبة والتمور والبذور الزيتية وزيت الصويا والزجاج. بينما تصدر المملكة السيارات وأجزائها والتوابل وحمض الفوسفوريك والفواكه والسكر والموصلات الكهربائية والسمك المعلب.

ويرتبط البلدان باتفاقيات تجارة عدة، أهمها اتفاقية “أغادير” للتبادل الحر منذ 2007، وتشمل أيضاً الأردن وتونس، وهي متعلقة بتأسيس منطقة تبادل حر بين الدول العربية المتوسطية لتنمية المبادلات التجارية وتحريرها وتشجيع الاستثمارات المتبادلة.

المغرب واتفاقيات التبادل الحر 

نهج المغرب منذ سنوات سياسة التبادل الحر، حيث يرتبط باتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من 50 بلداً، لكنه يسجل في أغلبها عجزاً. تنجز المملكة أبرز وارداتها في إطار التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي بحصة تناهز 66% تليها الولايات المتحدة، ثم تركيا في المرتبة الثالثة، بحسب أرقام مكتب الصرف الحكومي.

خلال العام الماضي، سجل العجز التجاري للمملكة نحو 306.4 مليار درهم، بارتفاع 7.3% على أساس سنوي. وتمثل واردات المنتجات الطاقية حصة الأسد بنحو 114 مليار درهم.

بحسب الوكالة الحكومية لتنمية الاستثمارات والصادرات، تندرج هذه الاتفاقيات في إطار استراتيجية الانفتاح الاقتصادي وتحفيز النمو وتوسيع وصول المنتجات المغربية إلى الأسواق الخارجية. وهو توجه سيزيد أكثر مع اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية التي تم اعتمادها 2018 ويتم تطبيقها تدريجياً.

سبق للمغرب أن طلب إعادة تقييم العلاقات التجارية مع تركيا وتعديل اتفاقية التبادل الحر التي تربطهما منذ 2006، وذلك عقب تفاقم العجز التجاري مع أنقرة الذي يقدر بأكثر من 2.4 مليار دولار عام 2023. كانت الشركات المغربية العاملة في قطاع النسيج والملابس اشتكت عام 2021 مما أسمته إغراقاً للسوق المحلية بالمنتجات التركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *