“المركزي المصري” يبقي أسعار الفائدة دون تغيير وسط مخاوف التضخم

أبقى البنك المركزي المصري، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الرابع لهذا العام، على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثانية خلال 2025 موافقاً أغلب توقعات المحللين في بنوك الاستثمار.
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، باجتماعها اليوم الخميس، الإبقاء على أسعار العائد الأساسية على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند نفس مستوياتها عند 24% و25% و24.5%، على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 24.5%.
وجاءت خطوة البنك المركزي اليوم بعد أن خفض الفائدة في آخر اجتماعين للجنة السياسات النقدية، بإجمالي 325 نقطة أساس لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات ونصف.
الموازنة بين مخاطر التضخم وحيز التيسير النقدي
قرار اليوم جاء متماشياً مع توقعات 5 بنوك استثمار، استطلعت “الشرق” آراءهم، أجمعت على أن البنك المركزي المصري سيبقي سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه اليوم، مدفوعاً بأثر التوترات الجيوسياسية والارتفاعات المرتقبة في أسعار المواد البترولية والكهرباء مما يرفع من احتمالات زيادة التضخم.
وكان البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بإجمالي 1900 نقطة أساس في الفترة من مارس 2022 حتى مارس 2024 لكبح جماح التضخم.
5 بنوك استثمار تتوقع إبقاء الفائدة في مصر دون تغيير
على مدار العام الماضي، عقد البنك المركزي 8 اجتماعات بشأن الفائدة، قرر في 6 اجتماعات متتالية منها الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، بعد زيادة كبيرة لأسعار الفائدة في فبراير ومارس بمجموع 800 نقطة أساس.
استهداف التضخم
كان البنك المركزي أعلن في آخر اجتماع له في 2024 تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من 2026 والربع الرابع من 2028 عند 7% (بارتفاع أو انخفاض 2%) و5% (بارتفاع أو انخفاض 2%) في المتوسط على التوالي، وذلك اتساقاً مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم، وفق البيان المرافق لقرار لجنة السياسات النقدية حينها.
وبعد قرار البنك المركزي اليوم الخميس، يبلغ سعر الفائدة الحقيقي -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم- عند نحو 9.2%.
مخاوف التضخم في مصر
قال هاني جنينة رئيس قطاع البحوث بشركة “الأهلي فاروس”، إن إبقاء لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها اليوم جاء تحسباً للأوضاع الخارجية غير المستقرة، والتوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى التحديات الداخلية، التي يتصدرها الارتفاع الملموس المتوقع في أسعار الكهرباء والغاز بداية من شهر يوليو 2025.
في نفس الوقت رجح جنينة أن يتجه المركزي المصري مجدداً إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماع أغسطس المقبل، “بشرط عودة الهدوء إلى المشهد الإقليمي، وتراجع أسعار البترول عالمياً، إلى جانب تحسن تدريجي في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار ليستقر عند مستوى 48 جنيهاً، إضافة إلى عودة حركة الملاحة عبر قناة السويس”.
وكانت الحكومة ألغت خفض أسعار الكهرباء المقرر للقطاع الصناعي منذ 2020، ما يضع ضغطاً إضافياً على الشركات ويزيد من احتمالات تمرير الزيادات إلى المستهلك النهائي.
فيما تدرس الحكومة رفع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع، بزيادة مقترحة تبلغ نحو دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بحسب مسؤول حكومي تحدث لـ”الشرق” في قت سابق من العام الجاري.
ارتفاع مرتقب في أسعار الغاز والكهرباء
بدورها ترى سارة سعادة، كبيرة محللي الاقتصاد الكلي بشركة “سي آي كابيتال”، أنه “لا يوجد ما يستدعي الخفض حالياً وسط حالة عدم اليقين التي نعيشها بسبب الاضطرابات الجيوسياسية والارتفاع المرتقب في أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء محلياً، الأمور التي تضع خيار الإبقاء على الفائدة هو الأنسب”.
تباطأ التضخم في مدن مصر خلال يونيو إلى 14.9% على أساس سنوي من 16.8% في مايو لأول مرة منذ 3 أشهر، وفق بيان سابق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
تباطؤ وتيرة التضخم بمدن مصر في يونيو إلى 14.9%
تحذيرات صندوق النقد
حذر صندوق النقد الدولي من أنه على مصر التريث في مسار خفض أسعار الفائدة، في ظل الضبابية العالمية الناتجة عن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية، بحسب جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق.
صندوق النقد: على مصر الحذر في مسار السياسة النقدية
قرار المركزي اليوم جاء في وقت أعلن فيه صندوق النقد الدولي قبل أيام دمج المراجعة الخامسة مع السادسة في سبتمبر المقبل حتى استكمال مصر بعد الإجراءات الهيكلية المتفق عليها في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي بقرض بقيمة 8 مليارات دولار.
ويعني ذلك القرار أن مصر لن تتسلم الشريحة الخامسة بقيمة 1.3 مليار دولار التي كان من المتوقع استلامها في يونيو الماضي أو يوليو الجاري، وفق الجدول الزمني لصرف شرائح القرض لمصر.
مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في شركة “عربية أون لاين” قال لـ”الشرق” إن الإبقاء على الفائدة دون تغيير على غرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يأتي في ضوء ما وصفه بالرسائل التحذيرية للمؤسسات العالمية بضرورة حذر المركزي المصري من خفض الفائدة.