المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة بشكل محدود قبل زيادة الضرائب

خفّضت روسيا سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية للمرة الثانية على التوالي، في خطوة لا يُتوقّع أن تمنح قطاع الأعمال أكثر من متنفس طفيف، لكنها تعكس القلق من أن تؤدي زيادة ضريبية مرتقبة إلى تأجيج الضغوط التضخمية.
قلّص بنك روسيا المركزي تكاليف الاقتراض إلى 16% يوم الجمعة، بما يتماشى مع توقعات غالبية الاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم بلومبرغ، فيما رجّح اثنان من أصل عشرة مشاركين أن يتجه صانعو السياسات إلى خفض الفائدة إلى 15.5%.
محاولات كبح التضخم في روسيا
قال صانعو السياسات في بيان إعلان القرار إن بنك روسيا المركزي “سيُبقي الأوضاع النقدية مشددة بالقدر اللازم لإعادة التضخم إلى مستواه المستهدف”، وذلك يعني “استمرار تشديد السياسة النقدية لفترة طويلة”.
ومن المقرر أن تعقد محافظة البنك إلفيرا نابيولينا، مؤتمراً صحفياً عند الساعة الخامسة مساءً بتوقيت موسكو.
الفائدة المرتفعة باقية في روسيا
رغم شروع صانعي السياسات منذ يونيو في التراجع التدريجي عن دورة التشديد النقدي التي فُرضت العام الماضي، لا تزال أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة تثقل كاهل الشركات والأسر.
تمكنت روسيا من تفادي موجة إفلاسات واسعة، إلا أن الإنتاج يشهد انكماشاً في معظم القطاعات غير المرتبطة بالطلبيات العسكرية. وتتفاقم الخسائر في قطاعات البناء والنفط والغاز والنقل، فيما تواجه صناعة الفحم ضغوطاً استثنائية.
اقرأ أيضاً.. بوتين: مستعدون لإنهاء الحرب في أوكرانيا لكن نرفض تعديلات أوروبا
وقال البنك المركزي يوم الجمعة إن “نمو النشاط الاقتصادي الإجمالي مستمر بوتيرة معتدلة، لكن الدينامكيات تظلّ غير متكافئة بين القطاعات”، مشيراً إلى أن ضغوط سوق العمل آخذة في التراجع تدريجياً.
تزامنت أسعار الفائدة المرتفعة مع ضعف أسعار السلع الرئيسية وقوة الروبل، ما فاقم الضغوط على قطاعات السلع، في وقت تؤدي كلفة خدمة الديون المتصاعدة إلى تقليص إيرادات تتراجع أصلاً.
اقرأ أيضاً: سعر النفط الروسي عند أدنى مستوى منذ بدء الحرب وسط ضغط الغرب
وقال ألكسندر شوخين، رئيس اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال في روسيا الذي اعتبر سابقاً أن سعر الفائدة الرئيسي يجب أن يكون ضمن نطاق 10% إلى 12% ليكون مقبولاً للاقتصاد الروسي إن “هذا الضغط المزدوج بين أسعار الفائدة وسعر الصرف أصبح اليوم أحد أبرز التحديات”.
وبحسب توقعات مركز البحوث الاقتصادية الكلية في “سبيربنك”، من غير المرجّح أن تصل أسعار الفائدة إلى هذا المستوى قبل نهاية العام المقبل، رغم أن التضخم في روسيا يُتوقّع أن ينهي العام عند 5.7%، وهو أدنى مستوى له في خمس سنوات.
ضريبة جديدة تثير مخاوف تضخمية
تباطأ التضخم بقوة في نوفمبر إلى 6.64% مُقارنةً بـ7.71% في أكتوبر، غير أن تقريراً صادراً عن البنك المركزي الأسبوع الماضي حذّر من تجدد صعود توقعات التضخم المرتفعة أصلاً، “ما يؤكد ضرورة تجنّب استنتاجات متسرّعة”، ويعيد تأكيد مبررات الإبقاء على سياسة نقدية مشددة.
اقرأ أيضاً: أوروبا تتراجع.. قرض لأوكرانيا دون المساس بالأموال الروسية
دفع قرار الحكومة زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 22% من 20% اعتباراً من العام المقبل، إلى جانب توسيع نطاق تطبيقها، بهدف تمويل الميزانية العسكرية في ظل تراجع إيرادات النفط، بتوقعات التضخم لدى الأسر إلى ارتفاع حاد لتبلغ 13.7% في ديسمبر. كما صعدت توقعات الأسعار لدى الشركات إلى أعلى مستوى لها منذ يناير.
يبقى التساؤل قائماً بشأن انعكاس هذه التغييرات على توقعات التضخم المستقبلية ومسار الأسعار. وإلى أن تتضح تداعياتها، وهو ما يُرجَّح ألا يحدث قبل الربع الأول من 2026، قد يواصل البنك المركزي الروسي نهجه الحذر في ما يتعلق بخفض أسعار الفائدة، وفقاً لما قالته أولغا بيلينكايا، المحللة في شركة “فينام للاستثمار” (Finam Investment) في موسكو، قبيل اجتماع تحديد سعر الفائدة.



