المتنافستان للاستحواذ على “وارنر براذرز” تواجهان أوقاتاً عصيبة

شهد المتنافسان على “وارنر براذرز ديسكفري” أسبوعاً عصيباً. هل سيُستبعد المزاد؟ لا يُرجّح ذلك.
انخفضت أسهم “نتفلكس” بنسبة تقارب 25% عن مستواها قبل إعلان اهتمامها بـ”وارنر”. أما “أوراكل”، مصدر ثروة عائلة إليسون التي تنافس على الصفقة، فقد تراجعت أسهمها بنسبة تقارب 40%. تُقدّر قيمة الخسائر بنحو 100 مليار دولار و360 مليار دولار على التوالي.
في الوقت الراهن، تتصدر “نتفلكس” المنافسة بعد حصولها على موافقة مجلس إدارة “وارنر” لشراء الشركة مقابل 27.75 دولار للسهم الواحد نقداً وأسهماً، وذلك بعد فصل أعمال الكابلات العام المقبل. وتتباين تقديرات قيمة ذراع البث التلفزيوني التقليدي هذا بشكل ملحوظ بين مساهمي “وارنر”؛ إذ يقدر بعض المحللين قيمة السهم الواحد بأكثر من دولارين بقليل. وبناءً على هذا التقدير، تبلغ القيمة الإجمالية لعرض “نتفلكس” 30 دولاراً للسهم، أو حوالي 78 مليار دولار، قبل الأخذ في الاعتبار المخاطر المتعلقة بالحصول على موافقة هيئات مكافحة الاحتكار.
اقرأ المزيد: معركة الاستحواذ على “وارنر براذرز” تزداد عنفاً بعد عرض من “باراماونت”
قدمت شركة “باراماونت سكاي دانس”، المدعومة من لاري إليسون الشريك المؤسس لشركة “أوراكل” والتي يقودها ابنه ديفيد، عرضاً هذا الأسبوع لاستحواذ شركة “وارنر” بالكامل مقابل 30 دولاراً للسهم نقداً. وقد لاقى هذا العرض الأقل تعقيداً ترحيباً من بعض مساهمي “وارنر”. إلا أن عائلة إليسون لا تزال بحاجة إلى إقناع مجلس إدارة الشركة المستهدفة بإلغاء اتفاقية “نتفلكس” قبل توقيع أي اتفاقية جديدة معها. وإلى أن يحدث ذلك، فإن “نتفلكس” ليست ملزمة فعلياً بالرد.
عندما قدمت عائلة إليسون عرضها بشكل غير علني الأسبوع الماضي، صرحت بأن الشروط ليست الأفضل وليست نهائية. لذا، يبدو إجراء مزاد أمراً وارداً جداً.
تأثير متفاوت على “نتفلكس” و”أوراكل”
يؤثر انخفاض سهما “نتفلكس” و”أوراكل” بدرجات متفاوتة على كلا الطرفين. يُعدّ عنصر الأسهم في عرض “نتفلكس” ضئيلاً، ويُراعي جزئياً تغيرات سعر سهم الشركة المُقدّمة للعرض. وبالتالي، انخفضت القيمة الضمنية للعرض بأقل من 1% منذ تقديمه، على الرغم من انخفاض أسهم عملاق البث المباشر بنسبة 9%.
كما أن “نتفلكس” لا تعتمد على إصدار أسهم لتحسين شروط عرضها. فكما ذكرت “بلومبيرغ إنتليجنس”، تستطيع “نتفلكس” رفع قيمة العرض عن طريق الاقتراض مع الحفاظ على تصنيف ائتماني قوي. إذ إن مستوى الرافعة المالية لديها حالياً منخفض جداً.
قد يؤدي رفع السعر إلى تجاوز صافي الدين حاجزاً نفسياً مؤلماً يبلغ ثلاثة أضعاف الربح (الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك). لكن هذا لن يؤثر سلباً على المدى الطويل، إذ من شأن ارتفاع الإيرادات والأرباح والتدفقات النقدية أن يُسهم في عودة معدل الرافعة المالية للانخفاض.
للمزيد: “نتفلكس” تستحوذ على “وارنر براذرز” في صفقة بقيمة 72 مليار دولار
ومن بين التحديات المحتملة التي تواجه “نتفلكس”، عدم اليقين بشأن القيمة المتراجعة لأعمال الكابلات، المعروفة باسم “غلوبال نتوركس”. وتقول “باراماونت” إن قيمتها لا تتجاوز دولاراً واحداً لكل سهم واحد من أسهم “وارنر”، استناداً إلى مضاعف 4.5 أضعاف الأرباح المتوقعة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك خلال الاثني عشر شهراً القادمة من أكتوبر 2026. وستتحمل “غلوبال نتوركس” ديوناً ضخمة، لذا فإن أي تغيير طفيف في قيمتها الإجمالية سيؤثر بشكل غير متناسب على قيمة السهم. في المقابل، يتم تداول أسهم شركة “إيه إم سي نتوركس” المنافسة بمضاعف 5 أضعاف، ويأمل مساهمو “وارنر” أن تحظى “غلوبال نتوركس” بقيمة مماثلة.
تعهد بتوفير قيمة الصفقة
بالنسبة لعائلة إليسون، فقد صرحت بأنها ضمنت 41 مليار دولار من رأس المال لدعم الصفقة إلى جانب شركة الاستثمار الخاص “ريدبيرد كابيتال بارتنرز”. ويُعد هذا التعهد بالغ الأهمية لضمان التمويل في حال حدوث أي خلل في الأموال القادمة من شركاء التمويل الآخرين، والذين يشملون صناديق سيادية من السعودية وقطر وأبوظبي، بالإضافة إلى شركة “أفينيتي بارتنرز” التابعة لجارد كوشنر.
سعت “باراماونت” إلى استباق المخاوف المتعلقة بامتلاك دول شرق أوسطية حصة كبيرة في أصول إعلامية وإخبارية أميركية ذات أهمية على المستوى الثقافي والديمقراطي؛ إذ إن حصص الملكية التي تمتلكها صناديق الثروة السيادية لا تمنح أي حقوق تصويت أو إدارة. وتؤكد “باراماونت” في إفصاحاتها أن هذا يجعل الصفقة بمنأى عن التدقيق الأمني الذي تُجريه لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) على الاستثمارات الأجنبية.
لكن إذا أصبح الهيكل التنظيمي عائقاً سياسياً، فسيكون ضمان عائلة إليسون أمراً حاسماً. انخفضت ثروة لاري إليسون الصافية بمقدار 25 مليار دولار أمس، لكنها لا تزال تبلغ 258 مليار دولار، أي أكبر بكثير من المبلغ المطلوب. بالطبع، لا يزال عليه كتابة شيك ضخم من ماله الخاص، ما يعني تحويل أصوله السائلة إلى نقد، ومن الصعب تصديق أنه لا يستطيع فعل ذلك مع كل هذه الموارد الهائلة. ومع ذلك، فقد كان موضوع متانة تمويل “باراماونت” موضع نقاش طويل في المفاوضات السابقة مع “وارنر” قبل حصول “نتفلكس” على صفقتها، وهو ما يمثل مصدر قلق للشركة المستهدفة.
ربما يؤدي الانخفاض الكبير في قيمة أسهم كلا الطرفين إلى تثبيط عزيمة المستثمرين. من منظور خارجي، لا يسع المرء إلا أن يستنتج أن تقلبات سهم “أوراكل” لا تصب في مصلحة “وارنر”، ومن المرجح أن تؤثر عليها. أما بالنسبة لـ”نتفلكس”، فإن هذه الصفقة ستغير صورتها من شركة تقنية موثوقة ذات رافعة مالية منخفضة إلى شركة مختلفة تماماً. انخفاض سعر سهمها لا يمنعها من تحسين عرضها، ولكنه يثير التساؤل عما إذا كان ينبغي عليها فعل ذلك.



