الفيدرالي يقترب من وقف خفض الفائدة بعد قرار اليوم

يستعد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة لثالث مرة على التوالي الأربعاء، لكن سلسلة التخفيضات قد تنتهي بعد هذه المرة.
أثار القلق من استمرار التضخم انقساماً عميقاً داخل البنك المركزي الأميركي، ما قد يمنع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من الإشارة إلى أي تحركات أخرى أوائل العام المقبل.
بعد خفض أسعار الفائدة مرتين هذا الخريف، وبمقدار 1.5 نقطة مئوية خلال الخمسة عشر شهراً الماضية، فإن كل خفض إضافي سيقرّب سعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكبر إلى مستوى قد يحفز النشاط الاقتصادي، وهو أمر يسعى العديد من المسؤولين إلى تجنبه.
يعتقد عددٌ من المسؤولين أنهم وصلوا بالفعل إلى مستوى محايد، لا يحفز النمو الاقتصادي ولا يكبحه. ويُرجح أن يؤدي تعارض الآراء بشأن المدى الفعلي لتشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية إلى صدور قرار بالأغلبية، فيما يتوقع بعض المحللين تسجيل ما يصل إلى ثلاثة معارضين للقرار.
“الفيدرالي” يواجه مهمة صعبة
ستكون مهمة باول في إحراز توافق بين الآراء أكثر صعوبة في ظل غياب البيانات الاقتصادية الجديدة، ضمن التداعيات المتتالية للإغلاق الحكومي الذي امتد طوال أكتوبر وجزء كبير من نوفمبر. ولن تصدر بيانات سوق العمل الرسمية عن نوفمبر قبل 16 ديسمبر، يليها صدور بيانات التضخم بعد يومين.
اقرأ أيضاً:توقعات بخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة مرتين في 2026
قالت دايان سوونك، كبيرة الاقتصاديين في “كيه بي إم جي” (KPMG): “هذا يضع الاحتياطي الفيدرالي في وضع يضطره إلى الموازنة بين خياراته بعناية وحذر”.
وأضافت سوونك أن باول لن يتمكن من ضمان قرار اللجنة المقبل عندما يواجه الصحفيين بعد الاجتماع. وتابعت: “عليه أن يعرض نطاقاً واسعاً من الآراء، تمتد من طرف إلى النقيض، ما يُزيد صعوبة إيصال الرسالة”.
سيصدر قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة في الساعة الثانية عصر الأربعاء في واشنطن، مع بيان من اللجنة، ومجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية، وسيعقد باول مؤتمراً صحفياً بعدها بنصف ساعة.
مخاطر التضخم والتوظيف
تراجعت عمليات تسريح الموظفين المُعلنة في نوفمبر، رغم أن بعض أكبر الشركات الأميركية، مثل “أمازون” و”فرايزون كوميونيكيشنز”، تصدرت عناوين الأخبار بخطط لخفض عدد العاملين.
ولم يطرأ تغيير يُذكر على الإنفاق الاستهلاكي خلال سبتمبر، بينما سجل مؤشر الاحتياطي الفيدرالي المفضل للتضخم ارتفاعاً طفيفاً ليبلغ 2.8%، مرتفعاً بنحو نقطة مئوية كاملة عن مستهدف البنك المركزي.
في هذا السياق، يتوقع معظم المحللين أن يكرر صُناع السياسة النقدية أن المخاطر الهبوطية على التوظيف “ارتفعت خلال الشهور الماضية”، وأن “التضخم لا يزال مرتفعاً بدرجة ما”. كما يتوقع البعض أن يشير البيان إلى قدر أقل من اليقين بشأن احتمال إجراء تغييرات أخرى في أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
وقالت سوونك: “رأيي أنهم سيتوقفون (عن تحريك أسعار الفائدة) مؤقتاً حتى صدور مزيد من البيانات حالياً، نظراً لأنهم أجروا تخفيضات لأسعار الفائدة أثرت على الاقتصاد بالفعل”.
انقسام داخل “الفيدرالي”
من المنتظر أن تؤدي مجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية إلى استمرار الانقسام بين صفوف صناع السياسة النقدية. وفي سبتمبر الماضي، رأى 8 مسؤولين أنه لا ينبغي خفض الفائدة في 2026 إلى أقل من المستوى الذي ستصله بعد خفض الأسبوع الجاري، بينما توقع 9 آخرون خفضين إضافيين على الأقل.
اقرأ أيضاً: انقسام نادر داخل “الفيدرالي” حول مسار الفائدة على الأجل الطويل
كما يتوقع خبراء اقتصاد رفع التقدير الأوسط لنمو 2025، مقابل خفض طفيف لتوقعات التضخم بنهاية العام الجاري، في حين يُرجح ارتفاع معدل البطالة العام المقبل مقارنة بتوقعات سبتمبر الماضي.
لم يدل باول بأي تصريحات علنية منذ قرار الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر الماضي، لكنه يواجه الآن لجنة أكثر انقساماً. وأعرب عدد من رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية -من لا يملكون حق التصويت العام الجاري- عن رفضهم لأي خفض إضافي للفائدة، بينما يتردد آخرون أو يشعرون بالقلق من تداعيات التعديلات المقبلة في ظل استمرار التضخم أعلى من المعدل المستهدف.
الأسواق تراهن على خفض الفائدة
في 21 نوفمبر، حسم جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وأحد أقرب المسؤولين لباول، شكوك المستثمرين بشأن خفض الفائدة الأسبوع الجاري، إذ أكد وجود “متسع لمزيد من الخفض على المدى القريب”، ما عزز رهانات الأسواق على هذه الخطوة.
يرجح كثير من المحللين أن يعترض رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي جيف شميد، ورئيس فرع سانت لويس ألبيرتو موسالم، على الخفض لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. كما عبر آخرون، من بينهم رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن سوزان كولينز، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو وأوستان غولسبي، وعضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي مايكل بار، عن قلقهم من التضخم منذ الاجتماع الماضي.
ويُتوقع أيضاً أن يعترض عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي ستيفن ميران، ليؤيد خفضاً أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية، كما فعل في الاجتماعين الماضيين.
ترقب رئيس “الفيدرالي” الجديد
يتابع المستثمرون أيضاً عن كثب أي إعلان مرتقب من البيت الأبيض بشأن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب خليفة باول عندما تنتهي ولايته في مايو المقبل. ويُعد كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني التابع لترمب، الأوفر حظاً، رغم أن الترشيح الرسمي لن يبدأ قبل مطلع العام المقبل.



