“الفيدرالي” تأخر كثيراً في إنقاذ سوق المساكن
تعززت الآمال بتحسن أوضاع الشركات المرتبطة بسوق العقارات السكنية بفضل الانخفاض الأخير في معدلات الرهن العقاري الناتج عن مؤشرات متزايدة على استعداد “الاحتياطي الفيدرالي” لتخفيف السياسة النقدية. قد يكون هذا صحيحاً، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الأوان قد فات بالفعل لإنعاش القطاع هذا العام.
معدلات الفائدة على القروض السكنية التي تقدر بنحو 6.5%، والتي انخفضت بنصف نقطة مئوية خلال الشهر الماضي، توحي بإمكانية حدوث انتعاش في ربيع 2025 بعد موسم شراء مخيّب حتى الآن، بشرط أن تظل تكاليف الاقتراض عند هذا المستوى أو تنخفض أكثر. ومع ذلك، فإن التحسن المحتمل على المدى القريب سيكون محدوداً.
عادةً ما تشتري الأسر المنازل وتتحرك وفقاً للتقويم الدراسي، حيث يكون الربيع والصيف هما الأكثر نشاطاً، وتبدأ السوق في التراجع مع حلول الخريف. ولا يبدو أن هذا العام سيشهد تغييرات كبيرة رغم تحركات معدلات الفائدة. ومن المرجح أن يكون الانتعاش في المعاملات، وازدياد الطلب على مواد البناء والأثاث المنزلي جزءاً من قصة عام 2025. تمثل هذه الاعتبارات أهمية بالنسبة إلى “الاحتياطي الفيدرالي” بينما يقرر مدى سرعة خفض معدلات الفائدة لدعم سوق العمل دون التسبب في تأجيج التضخم مجدداً.
من خلال تقارير الأرباح للربع الثاني، يتضح لنا أن القطاعات المرتبطة بسوق الإسكان تعاني من انخفاض المعاملات. على سبيل المثال، أعلنت شركة “ویرلبول كورب” (Whirlpool Corp)، مالكة علامة “مايتاغ” (Maytag)، أن الانتعاش المتوقع هذا العام لن يتحقق. كما خفضت شركات مثل “بيلدرز فرست سورس” (.Builders FirstSource Inc) و”تريكس” (Trex Co) توقعاتها السنوية بعد صيف مخيب للآمال.
تحديات بسوق المنازل وحيدة الأسرة
أشارت “بيلدرز فرست سورس” إلى ظهور تحديات جديدة في سوق المنازل ذات الأسرة الواحدة بعد بداية مشجعة هذا العام. ورغم استمرار أعداد الوحدات بالمستوى نفسه، تقوم شركات البناء بتقليص حجم المنازل، وتخفيف تعقيدها استجابة لأزمة القدرة على تحمل التكاليف.
في مدينة فينيكس، على سبيل المثال، توفر الشركة المواد لمنازل أكثر بنسبة 45%، لكن قيمة المبيعات ارتفعت بنسبة 15% فقط. في قطاع الوحدات السكنية متعددة العائلات، أدت قلة المشاريع الجديدة، وتراجع المشروعات المكتملة إلى توقع الشركة زيادة الضغوط على المبيعات مع دخول عام 2025.
بدأت “تريكس” العام بمخزون كافٍ لتلبية سوق كان من المتوقع أن تنمو بنسبة متوسطة في خانة الأرقام الفردية، ولكن تقديرها لنمو المبيعات السنوي أصبح الآن أقرب إلى الثبات بعد موسم ضعيف لمنتجات الأسطح الخشبية. نتيجة لذلك، تواجه الشركة فائضاً في المخزون يتعين تقليصه، مما لا يشجع على التوظيف حتى تظهر مؤشرات واضحة على التحسن.
رغم التراجع الأخير في معدلات الرهن العقاري، لم تظهر بعد علامات واضحة على تحسن القدرة على تحمل التكاليف، وقد لا تكون هذه المعدلات منخفضة بما يكفي لموازنة الأسعار المرتفعة. كما أن الناس كانوا مشغولين خلال الفترة الأخيرة. على سبيل المثال، في أتلانتا، انطلقت الدراسة في الأسبوع الماضي، وفي مناطق أخرى من الولايات المتحدة حيث لا تزال المدارس مغلقة، والعائلات مشغولة بالسفر. بالإضافة إلى ذلك، جذبت الألعاب الأولمبية جمهوراً كبيراً، مع وجود بيئة سياسية أكثر زخماً بالأحداث مقارنة بالسنوات السابقة. ربما بعد عيد العمال، ومع عودة الناس إلى روتينهم المعتاد، قد يؤدي انخفاض معدلات الفائدة على الرهن العقاري إلى موسم شراء خريفي أكثر نشاطاً من المعتاد. ومع ذلك، فإن الشركات التي كانت متفائلة بشكل مفرط في يونيو ويوليو قد لا تستجيب بنشاط كبير في أكتوبر.
التوظيف والإنفاق
في الواقع، من غير المرجح أن يحدث اندفاع في التوظيف والإنفاق في الصناعات المرتبطة بالإسكان حتى أوائل عام 2025 على الأقل، نظراً للضعف الذي شهدته الأشهر القليلة الماضية بالتزامن مع بداية النصف الأبطأ من العام بالنسبة إلى قطاع الإسكان. هذا لا يعني أن انخفاض أسعار الفائدة ليس له أي تأثير. فعلى سبيل المثال، شهدنا بالفعل زيادة في نشاط إعادة تمويل الرهون العقارية. لكن إقدام مليون أو أكثر من مالكي المساكن على تثبيت معدلات الرهن العقاري التي تقل بنحو نقطة مئوية واحدة عن تلك التي حصلوا عليها خلال العامين الماضيين يُعد تعزيزاً اقتصادياً متواضعاً نسبياً، وشبيهاً بانخفاض طفيف في أسعار البنزين.
بشكل أساسي، بغض النظر عن مقدار تخفيض “الاحتياطي الفيدرالي” لأسعار الفائدة خلال الأشهر القادمة، فإن التأثير الاقتصادي العام من منظور الإسكان لن يظهر على الأرجح قبل أن تقرر الشركات خطط التوظيف والإنفاق المستقبلية في نهاية هذا العام، ومع بدء موسم الشراء في الربيع القادم في فبراير. وكل هذا يعزز ضرورة أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتقديم تخفيضات أسعار الفائدة بسرعة دون الخوف من إحياء مشكلة التضخم.