العناية ببشرة الرجال تتحول إلى سوق مزدهرة في الشرق الأوسط

في تحول لافت يعكس تغيّر أنماط الاستهلاك والتصورات الاجتماعية في المنطقة، تشهد سوق العناية ببشرة الرجال في الشرق الأوسط نمواً متسارعاً، مدفوعةً بتزايد الوعي بالمظهر الشخصي، وارتفاع الإنفاق على منتجات العناية الذاتية، وتنامي التأثير الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فبعد أن كانت العناية بالبشرة مقتصرة تقليدياً على النساء، بات الرجال اليوم أحد المحركات الأساسية لنمو هذا القطاع، مما دفع العلامات التجارية العالمية والمحلية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها وتوجيه منتجاتها نحو هذا الجمهور المتنامي. فما هي أبرز العوامل التي تقف خلف هذا الازدهار؟ وهل يشكل هذا التحول فرصة اقتصادية واعدة في أسواق المنطقة؟
1) ما محركات سوق العناية ببشرة الرجال في الشرق الأوسط؟
مع تغير الصور النمطية التقليدية أصبح الرجال في المنطقة أكثر انفتاحاً على استخدام مستحضرات العناية بالبشرة واللجوء إلى الإجراءات التجميلية للحصول على إطلالة أكثر جاذبية. وأسهمت منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير في ترسيخ هذا التحول، إذ بات مؤثرون على الإنترنت يشاركون متابعيهم تفاصيل روتين العناية بالبشرة، ما ساهم في تطبيع هذه السلوكيات وتوسيع قاعدة المتبنّين لها.
اقرأ أيضاً: مستحضرات مكافحة شيخوخة البشرة من منظور الأطباء
هذا الانتشار الواسع للمنصات الرقمية مكّن العلامات التجارية من الوصول المباشر إلى جمهورها المستهدف، حيث تعتمد العديد من شركات التجميل على التسويق عبر المؤثّرين، بالإضافة إلى نجوم الفن والرياضة.
2) كيف تعكس الأرقام حجم السوق؟
تشير الإحصاءات إلى نمو متواصل في سوق العناية الشخصية للرجال في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. ووفقاً لتقرير “موردور انتلجنس” (Mordor Intelligence)، يُتوقّع أن يسجّل هذا القطاع معدل نمو سنوي مركب قدره 6.45% بين عامَي 2025 و2030.
وأشار التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية من أبرز الأسواق المستهلكة لمنتجات العناية الرجالية في المنطقة، حيث يميل المستهلكون للإنفاق بسخاء على مظهرهم، ما يُعزّز مبيعات مستحضرات العناية بالبشرة والحلاقة، ومنتجات العناية بالشعر في البلاد.
وبحسب دراسة لمعرض “بيوتي وورلد” تعود للعام 2024، يبلغ معدل إنفاق الرجال في دول مجلس التعاون الخليجي 16 دولاراً أميركياً شهرياً على مستحضرات العناية بالبشرة، مقابل 52 دولاراً للنساء.
3) ما تأثير القدرة الشرائية؟
أسهمت القدرة الشرائية المرتفعة في دول الخليج خاصة، في تعزيز نموّ سوق العناية بالبشرة الموجّهة للرجال، حيث بات المستهلكون أكثر استعداداً للاستثمار في مستحضرات مخصّصة تلائم احتياجاتهم اليومية. هذا التحوّل شجّع العلامات التجارية الكبرى على توسيع نطاق منتجاتها الرجالية وتحديثها باستمرار، من خلال تطوير تركيبات تتلاءم مع بيئة المنطقة. كما شهدت السوق دخول علامات ناشئة تُركّز على المنتجات العضوية والطبيعية التي تلقى إقبالاً متزايداً بين المستهلكين الرجال والنساء بشكل عام الذين يفضّلون مكونات نظيفة وأساليب إنتاج مستدامة، بالإضافة إلى مستحضرات حلال تتوافق مع الشريعة الإسلامية.
اقرأ أيضاً: هكذا تغزو المنتجعات الطبية أميركا
4) كيف غيّرت التجارة الإلكترونية سلوك الشراء؟
كان لتوسّع التجارة الإلكترونية أثر بالغ في نشر منتجات العناية بالبشرة بين الرجال. فلم يعد الحصول على المستحضرات يتطلّب زيارة المتاجر أو الصيدليات، بل بات الشراء متاحاً بضغطة زر، مع إمكانية الاطلاع على تقييمات وتجارب المستخدمين، ما عزّز ثقة المستهلك ودفعه لتجربة منتجات جديدة.
5) ماذا عن الإجراءات التجميلية؟
في السنوات الأخيرة، لوحظ توجّه متصاعد بين الرجال نحو الإجراءات التجميلية، مثل الليزر والبوتوكس، إضافة إلى زراعة الشعر. هذه الخطوات لم تعد حكراً على النساء، بل أصبحت ضمن روتين العناية بالمظهر لدى شريحة متنامية من الرجال في المنطقة، حيث تشير بعض الأرقام إلى أن إقبال الرجال على الإجراءات التجميلية بات يضاهي الإقبال النسائي.
6) هل يرتبط هذا التوجّه بثقافة العمل والمظهر المهني؟
في البيئات المهنية ذات الطابع الرسمي والتنافسي، لم تعد العناية بالمظهر ترفاً، بل ضرورة تعكس الاحترافية والانضباط. فالإطلالة الأنيقة توصل رسالة ضمنية بالثقة بالنفس والجديّة. هكذا، لم تعد العناية بالبشرة مجرّد خيار تجميلي، بل أداة لإبراز أفضل نسخة من الذات في مختلف السياقات المهنية والاجتماعية.