الطيران الخليجي يفرد أجنحته باتجاه سوريا

تواصل شركات الطيران الخليجية التحليق صوب سماء سوريا، مستأنفة الربط الجوي مع دمشق بعد سنوات من العزلة، مما يبرز بوادر انفتاح اقتصادي من شأنه الإسهام في إعادة قطاع السياحة في البلاد لسابق عهده، مع آمال بعودة الناقلات العالمية أيضاً بعد رفع العقوبات، رغم التحديات المتعلقة بالبنية التحتية.
أصبحت “طيران ناس” و”طيران أديل” السعوديتان و”فلاي دبي” الإماراتية أحدث المنضمين لذلك التوجه الخليجي. بحسب تلفزيون “الإخبارية” السعودي، تعتزم “طيران ناس” تشغيل رحلات مباشرة بين المملكة وسوريا. فيما قد تبدأ “طيران أديل” السعودية تسيير رحلات إلى سوريا في يوليو، وفق ما أوردته “رويترز”، بينما أعلنت “فلاي دبي” استئناف رحلاتها إلى دمشق اعتبارا من أول الشهر المقبل.
كما كشفت “طيران الجزيرة” الكويتية أنها تنتظر تصريح هيئة الطيران المدني الكويتي لاستئناف رحلاتها إلى سوريا، بحسب رئيس مجلس الإدارة مروان بودي لـ”الشرق”.
استقبل مطار دمشق الدولي، البوابة الرئيسة للبلاد، أول رحلة خارجية في يناير الماضي عبر “الخطوط الجوية القطرية” كما يشهد مطار حلب الدولي نشاطاً هو الآخر، مع استئناف بعض الخطوط الإقليمية والعربية لرحلاتها، في مقدمتها الرحلات القادمة من الأردن، عبر “الملكية الأردنية”، التي كثفت مؤخراً رحلاتها إلى دمشق وحلب، مدفوعة بتحسن نسبي في الوضع الأمني وتزايد الطلب على السفر لأغراض الزيارة والأعمال.
وفي تحول يعكس النشاط المتزايد بقطاع السفر الجوي، بعد استئناف الرحلات الدولية من مطاري دمشق وحلب خلال الربع الأول من العام الجاري، قفزت سوريا 30 مركزاً دفعة واحدة لتحل بالمرتبة العاشرة بقائمة وجهات السفر الأبرز للمسافرين إلى الشرق الأوسط هذا العام التي تصدرها شركة “ويغو”.
طلب قوي وطموحات لزيادة سعة المطارات
يشهد الطلب على السفر الجوي إلى سوريا “طفرة غير مسبوقة”، بحسب ربيع عطيفة، مدير العمليات في شركة “إيميسا للسياحة والسفر” العاملة في دبي.
وقال عطفة في تصريحات لـ”الشرق”: “نحن أمام موسم سفر سوري استثنائي يشبه إلى حد بعيد ذروة السفر التي أعقبت جائحة كورونا، حين اندفع العالم بأسره نحو تعويض فترات الإغلاق الطويلة”.
وأكد أن الإقبال الكثيف على الرحلات المباشرة من الإمارات إلى سوريا يفوق القدرة الاستيعابية للرحلات المتاحة حالياً: “من الصعب تلبية طلبات الحجز بعد 24 ساعة فقط من فتح المقاعد؛ فطائرة تضم 260 مقعداً تُملأ بالكامل في اليوم نفسه”.
تبلغ السعة الاستيعابية الحالية لمطار دمشق ما يتراوح بين 3 و4 ملايين مسافر سنوياً، وتعمل سوريا على رفعها إلى 5 ملايين مسافر في ظل وجود مخطط لبناء صالة جديدة بالمطار، بحسب ما نقلته وسائل إعلام سورية عن أنيس فلوح مدير المطار مطلع العام الجاري. ليس هذا فحسب، بل ثمة مقترح أيضاً بإنشاء مطار دولي جديد في العاصمة، بحسب ما قاله مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للطيران المدني السورية، علاء صلال لتلفزيون محلي.
وتُسيّر “الخطوط الجوية السورية” رحلات مباشرة يومياً من مطارات دبي والشارقة وأبوظبي، بينما توفر “أجنحة الشام” رحلات ترانزيت من الشارقة إلى مدينتي حلب ودمشق مروراً بالكويت. كما تنشط الخطوط الجوية الملكية الأردنية في تسيير رحلات منتظمة إلى دمشق وحلب، فيما تواصل شركتا الخطوط القطرية والتركية تشغيل رحلات مباشرة إلى العاصمة السورية.
عودة غربية مرتقبة
يثير رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا أيضاً الآمال بعودة شركات الطيران الغربية. وفي هذا الصدد، أجرى فريق من شركة “لوفتهانزا” الألمانية زيارة تقييم إلى مطار دمشق قبل نحو أسبوع تمهيداً لاستئناف الرحلات بين سوريا وألمانيا، بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء العربية السورية (سانا).
كانت وزارة السياحة السورية اعتبرت أن رفع العقوبات “سيفتح آفاقاً جديدة لاستعادة عملية الاستثمار السياحي وخلق فرص العمل وتعزيز التعاون الإقليمي في هذا المجال”، مضيفةً أن سوريا لديها “إرث حضاري وإمكانيات سياحية تؤهلها لاستقطاب المستثمرين والزوار من مختلف أنحاء العالم”.
تحديات البنية التحتية
رغم الحراك الإيجابي، لا تزال البنية التحتية للمطارات السورية تواجه تحديات كبيرة. فمطار دمشق الدولي، الذي يُعد البوابة الجوية الرئيسية للبلاد، تضرر بشكل كبير خلال سنوات النزاع، وما تزال مرافقه بحاجة ماسة إلى التحديث وإعادة التأهيل لتلبية معايير السفر الدولية.
ووقعت هيئة الطيران المدني السوري في مارس الماضي اتفاقاً مع منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) لتحديث البنية التحتية والقدرات الجوية السورية، مما يتيح للبلاد الالتحاق مجدداً بشبكة النقل الجوي العالمية على أسس من السلامة والأمان.