اخر الاخبار

الصين لا تسعى للهيمنة على الأسواق وتريد الاستهلاك محركاً للاقتصاد

قال مسؤول صيني كبير إن تجارة الصين مع العالم تظل ضمن حدود معقولة، وأن البلاد لا تسعى للهيمنة على الأسواق العالمية، مشيراً إلى الأرقام التي تُظهر أن الاستهلاك المحلي هو المحرك للنمو الاقتصادي.

وقال نائب وزير المالية لياو مين في مقابلة أُُجريت معه يوم الجمعة بالقرب من ديربان، جنوب أفريقيا، حيث كان يحضر اجتماعاً لصانعي السياسات في مجموعة العشرين: “معظم إنتاج الصين مُخصص لتلبية الطلب المحلي”. وأضاف: “عندما يكون هناك طلب من الخارج، تُصدّر الصين بناء على ذلك. لكن هذا لا يعني أن الصين تسعى للهيمنة على جميع الأسواق”.

وأشاد لياو أيضاً بأحدث أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني، معتبراً أنها تُسهم في دعم الاقتصاد العالمي في هذه اللحظة الحاسمة. وكان الاقتصاديون قد خفضوا توقعاتهم للنمو العالمي هذا العام بسبب موجة زيادات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب. وأظهرت الأرقام هذا الأسبوع نمو اقتصاد الصين بنسبة 5.3% في النصف الأول من العام، وهو ما “يتوافق مع التوقعات”، على حد قوله.

اقتصاد صيني مدفوع بالاستهلاك

قال لياو: “إن استقرار الصين ويقينها هما أعظم إسهاماتها للعالم اليوم، لأن ما يحتاجه الاقتصاد العالمي الآن بشدة هو الاستقرار واليقين”. وأضاف: “نحن نسير بخطى ثابتة نحو نموذج اقتصادي مدفوع بالاستهلاك، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تجارة خارجية متوازنة نسبياً”.

أظهرت أحدث أرقام الناتج المحلي الإجمالي الصيني أن الصادرات دعمت النمو في الربع الأخير. وحققت البلاد فائضاً في تجارة السلع بلغ حوالي 586 مليار دولار في النصف الأول من العام، ويعزى ذلك جزئياً إلى قيام المصدرين بتسريع شحن بضائعهم خوفاً من الرسوم الجمركية. وبينما من المتوقع أن يتباطأ زخم الصادرات في الأشهر المقبلة، لا يزال بعض الاقتصاديين يتوقعون أن يسجل الفائض السنوي رقماً قياسياًُ للعام بأكمله يتجاوز تريليون دولار.

وأشار لياو إلى أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، ساهم الاستهلاك بنسبة 56.2% في المتوسط من مكاسب الناتج المحلي الإجمالي للصين. وقال إن هذا يمثل زيادة قدرها 8.6 نقطة مئوية عن الفترة من 2016 إلى 2020. وأضاف نائب الوزير أن الطلب المحلي ككل ساهم بنسبة 86.4% من نمو الصين.

قد يهمك أيضاً: البنوك الصينية تخفض الفائدة على القروض الاستهلاكية لمستوى قياسي

انتقادات للصين 

كما قال إن فائض ميزان المعاملات الجارية للصين -وهو أوسع مقياس للتجارة، إذ يشمل الخدمات وبعض المعاملات المالية- بلغ حوالي 2.2% من الناتج المحلي العام الماضي، وهو مستوى “معترف به عالمياً بأنه معقول”، ويشير إلى أن حصة شحناتها العالمية “ليست مرتفعة بشكل مفرط”.

يستخدم منتقدو الصين مقاييس أخرى. فقد استشهد مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية العام الماضي بأرقام تُظهر أن فائض تجارة السلع الصناعية الصينية يقترب من 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يقرب من ضعف حصة اليابان في أوائل التسعينيات. وقد وصف وزير الخزانة الحالي سكوت بيسنت الصين مراراً بأنها “الاقتصاد الأكثر اختلالاً في تاريخ العالم”.

وفي حديثه خلال جلسة استماع في الكونغرس الشهر الماضي، اتهم بيسنت بكين “بمحاولة الخروج من ركود سوق العقارات المحلية من خلال التصدير”.

تأتي تعليقات لياو قبيل جولة جديدة متوقعة من المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة. ولم يُدلِ بأي تعليق محدد على انتقادات بيسنت في المقابلة التي أُجريت يوم الجمعة. يُذكر أن نائب وزير المالية عضو رئيسي في فريق المفاوضين الصينيين الذي توصل إلى هدنة في الحرب التجارية مع نظرائهم الأمريكيين في جنيف، ومرة أخرى في لندن، في وقت سابق من هذا العام.

دعم الاستهلاك في الصين

أضاف لياو أن النظر إلى قطاع معين قد يُقدم منظوراً خاطئاً بشأن التجارة في الصين.

وقال: “إن مجرد استحواذ الصين على حصة سوقية كبيرة في منتجات معينة لا يعني أنه يجب اتهامها بتسجيل فائض في الطاقة الإنتاجية”. وأضاف أن مثل “هذه الادعاءات تمثل تبسيطاً مفرطاً، ولا تعكس الواقع بالكامل”.

زاد عدم اليقين الهائل المُحيط برسوم ترمب على السلع الصينية من إلحاح بكين على تحويل نموها نحو الاستهلاك المحلي.

ضاعفت الحكومة حجم إصدار السندات السيادية الخاصة طويلة الأجل هذا العام، بهدف دعم مشتريات المستهلكين من المنتجات الإلكترونية والأجهزة المنزلية والسيارات. وبذلك، وصل إجمالي المبلغ إلى 300 مليار يوان (41.8 مليار دولار). وقد استُخدم أكثر من نصف هذا المبلغ في النصف الأول، مما حفّز مبيعات بنحو عشرة أضعاف هذا المبلغ.

وأضاف لياو أنه على المدى الطويل، ستسعى السلطات إلى توسيع قطاعات الخدمات وتعزيز القطاعات الخضراء والرقمية، بهدف دفع عجلة التحول الاقتصادي، وتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين مع زيادة فرص العمل والدخل، بحسب لياو.

اقرأ أيضاً: تراجع نشاط قطاع الخدمات في الصين لأدنى مستوى في 9 أشهر

وأضاف أن الحكومة ستواصل في الوقت نفسه تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، بما في ذلك معاشات التقاعد، لضمان نمو مستقر في إنفاق المستهلكين على المدى الطويل.

مجموعة العشرين

تحدث لياو مع “بلومبرغ” بعد اختتام اجتماع وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في مجموعة العشرين (G20)، والذي تمخض عن صدور بيان مشترك. وأشاد باعتماد هذا البيان، قائلاً إنه يُظهر فعالية المسار المالي للمجموعة، على الرغم من اختلاف وجهات النظر.

قال لياو: “يبعث ذلك برسالة قوية مفادها أن الدول ملتزمة بتحسين التواصل، والتنسيق، والعمل معاً بروح الوحدة”، مضيفًا أن الصين ستواصل دعم التعددية ومجموعة العشرين.

وأضاف: “تم إنشاء مجموعة العشرين نفسها كمنصة للمجتمع الدولي للاستجابة للأزمات. وفي وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي الكثير من عدم اليقين والتحديات، ينبغي لمجموعة العشرين أن تلعب دوراً أكبر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *