الدولار يقفز والأسهم تهوي بعد تنفيذ ترمب تهديداته بفرض رسوم جمركية
ارتفع الدولار الأميركي بقوة، بينما تراجعت أسواق الأسهم والعملات الأخرى، بعد أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده بفرض رسوم جمركية على الواردات من كندا والمكسيك والصين.
وقفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين، في حين هبطت العقود الآجلة للأسهم الأميركية والأوروبية. كما تراجع مؤشر الأسهم لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في أعقاب هذه الإجراءات العقابية التي استهدفت أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. أما الدولار الكندي، فقد تراجع إلى أدنى مستوى له منذ عام 2003، بينما واصل اليورو خسائره بعد أن أكد ترمب أن الرسوم على السلع الأوروبية “ستُفرض حتماً”.
وتشكل هذه التصعيدات التجارية المتسارعة أكبر تحرك حمائي يقوم به رئيس أميركي منذ ما يقرب من قرن، مما أدى إلى عمليات بيع واسعة عبر مختلف فئات الأصول، وسط تداعيات محتملة على معدلات التضخم، والجغرافيا السياسية، والنمو الاقتصادي العالمي.
وقال ترمب إنه يعتزم إجراء محادثات يوم الإثنين مع كندا والمكسيك قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ.
وفي هذا السياق، صرّح ستيفن إنغلندر، رئيس أبحاث العملات في ستاندرد تشارترد، لشبكة بلومبرغ: “يبدو وكأنه لاعب بوكر يراهن بكل ما يملك في الجولة الأولى.. الأسواق لم تكن مستعدة لهذا التصعيد”.
رهان على التضخم يعزز مكاسب الدولار وسط اضطرابات الأسواق العالمية
جاء ارتفاع الدولار الأميركي مدفوعاً برهانات على أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب ستؤجج الضغوط التضخمية، مما سيدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول. في الوقت ذاته، يُتوقع أن تتضرر الاقتصادات الأجنبية بدرجة أكبر من الولايات المتحدة، مما يعزز جاذبية الدولار كملاذ آمن.
دفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى التراجع، بينما تعرضت العملات الأجنبية لضغوط، مع انخفاض الطلب الأميركي على الواردات التي ستصبح أكثر تكلفة بسبب التعريفات الجديدة. وسجل البيزو المكسيكي خسائر يوم الاثنين، متأثراً بتداعيات القرار.
تقلبات مرتقبة في الأسواق
يترقب المتعاملون تحركات حادة في أسواق الأسهم، خصوصاً في القطاعات التي تتصدر أي حرب تجارية محتملة. ورغم أن الصين تعد ضمن الدول الأكثر تأثراً، فإن بورصة هونغ كونغ التي استأنفت تداولاتها بعد عطلة استمرت عدة أيام سجلت تراجعاً أقل من الأسواق اليابانية والكورية والتايوانية، التي تكبدت خسائر أكبر.
أما أسواق الأسهم في البر الرئيسي للصين، فستستأنف التداول يوم الأربعاء، وسط ترقب من متداولي العملات لأي إشارات من بنك الصين المركزي حول مدى تدخله للحد من تراجع قيمة اليوان.
ردود دولية على قرار ترمب
في أولى ردود الفعل، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فرض تعريفة انتقامية بنسبة 25%، بينما تعهدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بفرض رسوم مماثلة على الواردات الأميركية.
أما وزارة التجارة الصينية، فقد أصدرت بياناً أكدت فيه أنها ستتخذ “إجراءات مضادة متكافئة” دون الكشف عن تفاصيل، كما أعلنت عزمها تقديم شكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية.
مخاوف التعريفات ترفع تكلفة تأمين السندات الآسيوية وتضغط على قطاع السيارات
ارتفعت تكلفة التأمين ضد تخلف الشركات الآسيوية عن السداد بعد إعلان الرسوم الجمركية الأميركية، حيث يتجه مؤشر “Markit iTraxx Asia ex-Japan” نحو أكبر زيادة يومية له في قرابة ستة أشهر.
ومن المتوقع أن تشهد أسهم شركات صناعة السيارات الكبرى مثل جنرال موتورز (General Motors) وستيلانتيس (Stellantis NV)، اللتين تعتمدان على سلاسل توريد عالمية ولديهما انكشاف واسع على المكسيك وكندا، تحركات كبيرة في الجلسات المقبلة.
كما قد تتعرض شركات السيارات الكهربائية مثل تسلا وريفان لضغوط إضافية جراء تصاعد التوترات التجارية. في غضون ذلك، تسجل الإشارة إلى “التعريفات الجمركية” ارتفاعاً كبيراً في مكالمات أرباح الشركات، مما يعكس القلق المتزايد في أوساط المستثمرين.
تتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى إعلانات نتائج الأعمال، حيث من المقرر أن تكشف كل من أمازون و”يو بي إس” (UBS) عن تقارير أرباحهما، وسط حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية.
الرسوم الجمركية ترفع أسعار النفط وتهز أسواق العملات الرقمية
أدى إعلان الرسوم الجمركية إلى ارتفاع حاد في أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، حيث تهدد التعريفات المفروضة على واردات النفط من كندا والمكسيك بتعطيل سوق الطاقة المترابط في أمريكا الشمالية، مما قد يدفع أسعار البنزين للارتفاع في الولايات المتحدة.
وتعرضت العملات المشفرة لخسائر حادة، حيث انخفضت بيتكوين، بينما سجلت إيثريوم أكبر خسارة لها منذ ما يقرب من أربع سنوات، قبل أن تعوض جزءاً من تراجعها لاحقاً.
وقال كارل شاموتا، كبير استراتيجيي الأسواق في “كورباي” (Corpay) بتورونتو: “قد تشهد الأسواق المالية عملية تصحيح مؤلمة خلال الأسابيع المقبلة، حيث يبدأ المشاركون في السوق بأخذ تصريحات الرئيس بجدية وبمعناها الحرفي.”
أبرز الأحداث الاقتصادية هذا الأسبوع:
- الإثنين: مؤشر مديري المشتريات الصناعي لمنطقة اليورو (HCOB)، التضخم في منطقة اليورو، مؤشر مديري المشتريات الصناعي في المملكة المتحدة (S&P Global)، خطاب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك حول التوقعات الاقتصادية.
- الثلاثاء: نتائج أعمال ألفابت، يو بي إس، وبي إن بي باريبا.
- الأربعاء: معدل البطالة في نيوزيلندا، نتائج أعمال تويوتا، مؤشر Caixin لقطاع الخدمات في الصين، مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات ومؤشر أسعار المنتجين في منطقة اليورو.
- الخميس: مبيعات التجزئة في منطقة اليورو، قرار بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة، نتائج أعمال أمازون، وقرار الفائدة في المكسيك.
- الجمعة: قرار الفائدة في الهند، معدل البطالة في كندا، تقرير الوظائف غير الزراعية ومعدل البطالة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان.