الخطوط الأردنية تتفادى الصواريخ والتشويش للحفاظ على رحلاتها

محاطة بأكثر مناطق النزاع اشتعالاً في الشرق الأوسط، اعتاد الأردن منذ زمن على التعايش مع الاضطرابات العسكرية. وبالنسبة للناقلة الوطنية، فإن هذا يعني دراسة مسارات الصواريخ لتعديل مسارات الطائرات، أحياناً خلال لحظات فقط.
مكّنت هذه الخبرة شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية من مواصلة تشغيل أسطولها الذي يضم حوالي عشرين طائرة، حتى مع إغلاق مساحات جوية واسعة في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين، مع تبادل الصواريخ بين إسرائيل وإيران.
أغلق العراق، وإسرائيل، وسوريا -وكلها دول مجاورة للأردن- وكذلك دول الخليج، المجال الجوي في بعض الأوقات خلال الأيام الماضية، ما عطّل عمليات شركات طيران كبرى وترك المسافرين والطائرات عالقين مع تجميد شبكة الطيران في المنطقة.
طيران محفوف بالمخاطر
قال الرئيس التنفيذي سامر المجالي في مقابلة من عمّان: “كانت مسارات تلك الصواريخ معروفة إلى حدٍّ كبير. أحياناً تكون التحذيرات قبل دقائق، وأحياناً قبل ساعات. هكذا نتعامل مع الأمر”.
وعلى الرغم من أن الأردن نجح في البقاء خارج نطاق المواجهة المباشرة، فإن البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 11 مليون نسمة تحمل وطأة النزاعات المسلحة التي تدور عند حدوده، من ضربات إسرائيل الانتقامية ضد “حماس” منذ أواخر عام 2023، إلى سنوات الحرب الأهلية في سوريا. وقد اضطر هذا الأمر شركة الطيران للبحث عن مسارات أكثر أماناً لطائراتها، ما يضاعف أحياناً أوقات الرحلات ويزيد من التكاليف التشغيلية، حسب المجالي.
اقرأ أيضاً: حرب إيران وإسرائيل تهبط بحركة السفر في الأردن بنحو النصف
وأصبحت تهديدات الصواريخ واقعاً قاسياً لصناعة الطيران، بما في ذلك إسقاط طائرة “الخطوط الجوية الماليزية” فوق أوكرانيا في عام 2014، والذي أسفر عن مقتل نحو 300 شخص كانوا على متنها. كما أصيبت طائرة ركاب تابعة لـ”الخطوط الجوية الأذربيجانية” بصاروخ يُرجّح أنه روسي من نوع أرض-جو لدى اقترابها من مدينة غروزني أواخر عام 2024، ما أسفر عن مقتل 38 شخصاً.
وكانت قطر قد أغلقت مجالها الجوي لعدة ساعات هذا الأسبوع بعد أن أطلقت إيران صواريخ على قاعدة أميركية في البلاد، ما أدى إلى تعثّر عمليات مطار حمد الدولي وتسبب في تشتّت عشرات الآلاف من المسافرين في المنطقة.
تأثير سلبي على “الخطوط الأردنية”
تأثرت أرباح “الملكية الأردنية” سلباً بعد أن بدأ المسافرون بإلغاء رحلاتهم منذ أواخر عام 2023. وانخفضت حركة السفر الترفيهي بسبب مخاوف السياح من احتمال أن يعلقوا إذا أُغلق المجال الجوي، وفقاً للمجالي. وأضاف أن سلطات الطيران السويدية رفضت في إحدى المرات منح طائرات الشركة حق الهبوط في المطار الرئيسي بستوكهولم لأنها قادمة من منطقة تعتبر “منطقة نزاع”.
اقرأ أيضاً: منطقة الخليج بين الطيران منخفض التكلفة والنموذج الهجين
وبالإضافة إلى تهديد الصواريخ، تواجه الشركة تحدياً آخر يتمثل في ما يُعرف بـ”خداع نظام التموضع العالمي (GPS spoofing)” — أي التشويش المتعمّد الذي يؤدي إلى إرسال إشارات أقمار صناعية زائفة تُربك أنظمة الملاحة على متن الطائرات.
ونتيجة لذلك، تتلقى الطائرة معلومات غير موثوقة تؤثر على العديد من العمليات على متنها، حسب ما أوضح المجالي.
شظايا الحرب الإيرانية الإسرائيلية
خلال الأسبوعين الماضيين، دوت صفارات الإنذار في أنحاء الأردن عندما مرّت صواريخ إيرانية عبر الأجواء الأردنية باتجاه إسرائيل. وسقطت شظايا وطائرات مسيّرة في المملكة، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص.
وتسبّب تبادل إطلاق النار بين طهران وتل أبيب في اضطرابات واسعة في مجال الطيران منذ العام الماضي. إلا أن عمليات الإغلاق الأخيرة للمجال الجوي كانت الأكثر تأثيراً على حركة الطيران في المنطقة، حيث طالت أيضاً دبي، أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم. وتُعد كل من “طيران الإمارات” و”الخطوط الجوية القطرية” من أبرز شركات النقل في الشرق الأوسط، وتشكلان محطات ربط رئيسية للرحلات الطويلة بين آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.